فالصلاة بكل معنى وبكل اشتقاق وبكل قاعدة لا تصدق إلا عليهم عليهم السلام ، ولذا قال أمير المؤمنين عليه صلوات الحق المبين : أنا صلاة المؤمن أنا حي على الصلاة ، وقال مولانا الصادق عليه السلام في جواب داود بن كثير على مارواه في تأويل الآيات : نحن الصلاة في كتاب الله عز وجل ونحت الزكاة ، فهذه الألفاظ في الحقيقة إنما وضعت لهم عليهم السلام لا غير لما ثبت بالبرهان القطعي أن الله سبحانه هو الواضع للأسماء لمسمياتها ، وأن بين الألفاظ ومعانيها مناسبة ذاتية ومرابطة حقيقية ، وأن الطفرة في الوجود باطلة ، وأن الله سبحانه لا يخل بالحكمة وقد شرحنا هذه المسألة بأكمل بيان في كثير من مباحثاتنا ورسائلنا ، فلما أنهم صلى الله عليهم تمت خلقتهم وكملت هياكلهم وخضعوا لله سبحانه بذل العبودية في سرهم وعلانيتهم سطع نورهم وتشعشع ظهورهم الحاكي لحدود هيئاتهم وهياكلهم ، فخلق الله سبحانه من ذلك النور وسطوع ذلك الظهور حقائق الأنبياء عليهم السلام ثم سائر حقائق شيعتهم ومواليهم ، ولما أن الشعاع يستحق اسم المنير من باب الحقيقة بعد الحقيقة ومن باب الوضع الخاص والموضع له العام الذي اتفق علماء الأصول على بطلانه ، واستحقت تلك الحقائق والذوات ذلك الاسم بالطبيعة وذلك عند ظهورهم في التكوين ، ثم ظهر نورهم عليهم السلام بسر عبوديتهم في التشريع ظهر نورا ساطعا وبدرا لامعا حكى كينونتهم وأنبأ عن حدود ذواتهم وهياكلهم التي هي نفس الخضوع والخشوع والذلة لله عز وجل فاستحق اسمهم وهو الصلاة ، وبقي مكنونا مخزونا تحت العرش الأعظم الأعلى قبل أن يخلق الله السماوات والأرض والكواكب والبروج والعرش الثاني والكرسي وألواح المحو والإثبات ، وكانت نورا إجماليا وحدانيا يسبح الله سبحانه بسر ذاته وحقيقته ، فلما أراد الله سبحانه أن يمن على خلقه بها أنزلها من عالم إلى عالم آخر ليفصلها وليكمل أهل ذلك العالم بإشراق نورها وسطوع ظهورها ، ووكل على حفظها ونزولها ملكا اسمه لقيانيل ، وهو أعظم الملائكة قدرا وكبرا وعظمة ، وجعل تحته جنودا من الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله تعالى وهؤلاء الملائكة أقرب الملائكة إلى الله تعالى وأخضعهم له وهم أعظم من حملة العرش والطائفين حوله ، وقد روي عن الصادق عليه السلام أن الله خلق العرش وجعل له ثلاثمائة وستين ألف ملك أصغرهم لو أمر بأن يبلع السماوات السبع والأرضين السبع ومافيهن وما بينهن كانت في فمه كالخردلة في فلاة وسيعة ، ثم أمرهم بأن يحملوا العرش ماقدروا عليه فخلق من كل ركن ضعف ما كان سابقا فلم يقدروا أيضا على حمل العرش فخلق عند كل ركن عشرة أضعاف ما كانوا هذا ملخص معنى الحديث ، والملائكة الذين تحت الملك الموكل بالصلاة أكثرهم عددا وأجنحة وأقواهم قوة وأشدهم عبادة وأعظمهم من الله قربة ومكانة

يتبع،،،

أسرار العبادات من تأليفات البحر الزاخر والدر الفاخر فخر الأفاخر والأعاظم السيد كاظم الحسيني الحائري الرشتي أعلى الله مقامه