لقد أدى بروز روسيا كدولة وريثة للاتحاد السوفيتي بوصفها قوة رئيسة مهيمنة إلى إعادة ترتيب موازين القوى على الساحة الدولية بصورة جذرية سواء على مستوى هيكلية أطراف الصراع أو على مستوى الترتيبات السياسية الدولية لفترة ما بعد سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على الشؤون الدولية وهو ما يعني إن التنافس الروسي الامريكي قد دخل إلى مرحلة جديدة تتسم بخصائص ومتغيرات مختلفة إلى حد كبير عن تلك التي كانت سائدة على مدى العقدين السابقين ، لقد كان لنجاح روسيا في تجاوز أزمتها الداخلية وترتيب أوضاعها الداخلية السياسية والعسكرية والاقتصادية في بادئ الأمر بمثابة تطور استراتيجي بالغ الأهمية في ميزان القوى الدولي كما مضت روسيا في طريق تنويع سياساتها الخارجية مما أدى إلى ارتباطها بعلاقات شراكة استراتيجية مع العديد من دول العالم والمختلفة الأنماط على أساس تطابق كثير من مصالحها القومية مع مصالح تلك الدول وما يترتب على ذلك من زيادة فاعليتها وقدراتها على ممارسة دور إقليمي ودولي اكبر مما سبق .كما بدأت روسيا تنظر إلى السياسة الأمريكية على إنها مصدر خطر على المصالح الاستراتيجية الروسية والأمن القومي الروسي لاسيما وان الولايات المتحدة تمتلك قوات عسكرية كبيرة وواسعة الانتشار في الخليج العربي وفي أفغانستان وفي العراق وفي بعض جمهوريات آسيا الوسطى التي تعد بمثابة تطويق شامل للدولة الروسية يتكامل مع امتداد حلف الناتو ومحاولة نشر الدرع الصاروخي في دول أوربا الشرقية الأمر الذي دفع روسيا للقيام بدور أكثر فاعلية لمواجهة الزحف الأمريكي لاحتوائها وسعي روسيا بالمقابل لتطوير قدراتها العسكرية وتحالفاتها السياسية لاستعادة بعض مواقع النفوذ التي فقدتها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي ومحاولة تصحيح الخلل في التوازن بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية ولينهي بشكل فاعل الاحتكار والانفراد الأمريكي في إدارة النظام السياسي الدولي .إن التنافس الروسي الأمريكي المحتدم للهيمنة والنفوذ على السياسات الدولية والشؤون العالمية سيفرز نتائج جديدة ومهمة تعود بمجملها على تغيير النظام الدولي الراهن وبالشكل الذي يؤدي إلى نهاية عهد القطب الواحد المنفرد بالسلطة والهيمنة إلى صالح نظام آخر بدأت ملامحه بالظهور فقد اعلنت روسيا من خلال خطاب بوتين وما تراكم من سياسات وخطابات سابقة عليه انها بصدد تنفيذ سياسات خارجية تناهض الهيمنة الامريكية وتشجع على قيام نظام دولي جديد فالعالم كما قال بوتين لم يتغير فحسب وانما هو يمر بمرحلة تحول .وفي الواقع تعد روسيا اليوم قوة مهمة تدفع باتجاه التغيير السياسي في العالم وعادت طرفا له وزنه في السياسات الدولية لتتزعم الموقف الدولي الرافض للتفرد الأمريكي بالقيادة الدولية ويمكن القول بان الكيفية التي سوف يوظف بها كل طرف عناصر قوته بالشكل الذي يجعلها قوى قادرة على ممارسة دور فاعل وأساسي في مجمل السياسات الدولية هو الذي سيحكم في المرحلة المقبلة كيفية ونوعية التغيير في ميزان القوى الدولي ، إن التنافس الروسي الأمريكي المحتدم للهيمنة والنفوذ على السياسات الدولية والشؤون العالمية سيفرز نتائج جديدة ومهمة تعود بمجملها على تغيير النظام الدولي الراهن وبالشكل الذي يؤدي إلى نهاية عهد القطب الواحد المنفرد بالسلطة والهيمنة إلى صالح نظام آخر بدأت ملامحه بالظهور .