في ذلك العام..
كان النصر للملائكة . قررت أن أصوم وقتها ربما بتأثير كلامك ، وربما أيضا للهروب منك إلى الله . أما قلت " العبادة درعنا السرية ".
قلت سأحتمي من سهامك بالإيمان إذن..
رحت أحاول أن أنساك وأنسى قطيعتك.. وأنسى حتى وجودك معي في المدينة نفسها . كم من الأيام قضيتها في تلك الغيبوبة الدينية. بين الرهبة والذهول.. أحاول بترويض جسدي على الجوع ، أن أروّضه على الحرمان منك أيضاً.
كنت أريد أن أستعيد سلطتي على حواسي التي تسللت إليها ، وأصبحت تتلقي أوامرها منك وحدك . كنت أريد أن أعيد لذلك الرجل الذي كان يوماً أنا ، مكانته الأولى قبلك. هيبته.. حرمته.. مبادئه.. وقيمه التي أعلنت عليها الحرب .
أعترف أنني نجحت في ذلك بعض الشيء ولكنني لم أنجح في نسيانك أبداً . كنت أقع في فخّ آخر لحبك . وأنا أكتشف أنني كنت أثناء ذلك أعيش بتوقيتك لا غير . كنت أجلس إلى طاولة الإفطار معك . وأصوم وأفطر معك . أتسحّر وأمسك عن الأكل معك ، أتناول نفس أطباقك الرمضانية ، وأتسحّر بك.. لا غير . لم أكن أفعل شيئاً سوى التوحّد معك في كلّ شي دون علمي .
كنت في النهاية كالوطن . كان كلّ شيء يؤدي إليك إذن..
مثله كان حبّك متواصلاً حتى بصدّه وبصمته .
مثله كان حبك حاضراً بإيمانه وبفكره .
فهل العبادة تواصل أيضاً ؟
" ذاكرة الجسد "