.
من هم الجماهير ؟ هل هم عبارة عن تراكم من الافراد المجتمعين !هل هم اشخاص شاذين عن المجتمع ! وهل هي مجنونة بطيعتها ! لوبون وجد المسار الاصح لتفسير ظاهرة الجماهير .و وضع اهم ميزة لها
وهي "انصهار افراده في روح واحدة و عاطفة مشتركة تقضي على التمايزات الشخصية وتخفض من الملكيات العقلية ..."
و مثل ذلك كتفاعل كيميائي بين مادتين,ينتج مركباً يختلف عن المواد المتفاعلة
فالجماهير هي ظاهرة اجتماعية ينحل افرادها بمجرد الدخول في نطاق الظاهرة
ليحكمهم فيما بعد عمليات التحريض المتمثلة بعدة صور مختلفة وهيبة المُحَرِك , و غيرها
فيكون صفات الفرد المنخرط في هذه الظاهرة هي تلاشي الشخصية الواعية و هيمنة الشخصية اللاواعية و الميل الى تحويل الافكار المحرض عليها الى فعل وممارسة .
وهذا ما يضع الجمهور في مصيدة اللامنطق و اللاعقلانية
فلوبون يرى من الخطأ ان يخاطب القائد السياسي جماهيره بالعقل و الحجج المنطقية الموجهة الى الاذهان ,فهي لا ترى و لا تقتنع الا بالاوهام او الصور الايحائية و الشعارات و الاوامر المحرضة , عند تسليط الضوء على هذا الرأي و اسقاطة على مجتمعاتنا بوجهٍ عام سنجد مدى فعالية هذا الرأي في الجماهير العربية على مدى سنوات مرت و بالاخص نجده طاغي اللون في المجتمع العراقي في اخر اربعين سنة .ومن وجهة اخر تعلقهم بالانظمة الديكتاتورية بالرغم من كل الصعاب ,نتيجة المحرك و هيبة الحاكم وكذلك سادية المجتمع الذي اشار اليها علي الوردي في كتبه...
كلك نجد ممارسة التحريض على المجتمع العراقي بمختف صوره الدينية و الطائفية و القومية و العرقية
التي تمثلت بالافكار الصورية او المجازية .مما قادها نحو الجنون و العنف و هذا يطبق على جميع المجتمعات العربية ايضاً و اتضح ذلك كثيرا في الثورات العربية الاخيرة و ما بعدها .و كذلك يمكننا تمثيل سرعة الانفعال و التناقض الذي اشار اليه لوبون والذي يتضح كثيرا في الثورات العربية الاخيرة و ما انتجت من تيارات مخالفة و متخاصمة كانت في السابق ضمن نطاق واحد .و كذلك انعكاسها بسبب طبيعتها المحافظة ,فالماضي هو اقوى لدى الجماهير من الحاضر بكثير , وهذا نتيجة الافكار المتراكمة , و نجد تفصيل الموضوع هذا في كتاب مهزلة العقل البشري للدكتور العراقي "علي الوردي"
و مع ذلك مما سبق بالذكر لا يرى لوبون الجماهير مجنونة بطبيعتها او تميل للعنف , انما تكون مجرمة في احيان و فاضلة في اخرى , هذا بالطبع يتناسب مع الضروف و البيئة و طبيعة المجتمعات .
لوبون اجاد فك التعقيد المهيمن على نفسية الجماهير بعد الكثير من الاراء و الاشكالات
وفي الحقيقة اجد الكتاب ذو اهمية عالية جداً لكافة الفئات بالاخص السياسيين و المهتمين بعلم النفس و الاجتماع و فهم تعقيدات المجتمع .
و على الرغم من ان الكتاب قديم , فعند قراءته تجد يفسر الكثير من واقع المجتمعات وبالاخص العربية منها .