النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

لماذا يحتاج العالم إلى "الهندسة الزرقاء"؟

الزوار من محركات البحث: 1 المشاهدات : 564 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 82,310 المواضيع: 79,011
    التقييم: 20705
    مزاجي: الحمد لله
    موبايلي: samsung j 7
    آخر نشاط: منذ 51 دقيقة

    لماذا يحتاج العالم إلى "الهندسة الزرقاء"؟

    لماذا يحتاج العالم إلى "الهندسة الزرقاء"؟



    رغبتنا في غزو البحار والمحيطات تدمر الحياة البحرية وما فيها من كائنات وشعاب مرجانية
    في القمة التي عقدتها (بي بي سي فيوتشر) في سيدني منتصف الشهر الجاري حول الأفكار الكفيلة بتغيير شكل العالم، شرحت العالمة في مجال البيئة إيما جونستون كيف تؤدي رغبتنا في غزو المحيطات إلى تعريض الكائنات الحية فيها لخطرٍ لا نَسْلَمُ منه نحن أنفسنا.
    واجتاحت في يونيو/حزيران من العام الجاري، عاصفة عاتية سواحل مدينة سيدني الأسترالية، وسبب هذا أمواجاً عالية ضربت هذه السواحل بارتفاع وصل إلى نحو ثمانية أمتار، وهو ما أدى إلى أن تغمر المياه نحو 50 متراً من الأراضي القريبة من الشاطئ.
    ورغم أن هبوب هذه العاصفة وما يمكن أن ينجم عن ذلك من خسائر، لم يكن مفاجئاً بالنسبة لـ"إيما جونستون" بوصفها خبيرةً في الحياة البحرية بجامعة نيو ساوث ويلز، فإن حجم الأضرار التي لحقت بالحي الذي تقطنه جونستون في المدينة، كان صادماً بالنسبة لها.
    فقد أحدثت هذه الكارثة الطبيعية ثغرةً في جدار نادٍ لركوب الأمواج في سيدني، وأدت لسقوط حمام سباحة - كان موجودا بفناءٍ خلفي لأحد المباني - على منحدر صخري على الشاطئ، فضلاً عن محو مساحات واسعة من الشواطئ الرائعة والمحبوبة كثيراً، والتي كانت قائمة في المناطق الشمالية من ساحل المدينة الأسترالية.
    وتكشف هذه الواقعة بجلاء مدى حبنا للمحيطات، وكذلك سبب خوفنا الشديد منها، سواء بسواء. وفي كلمتها أمام القمة التي عقدتها (بي بي سي فيوتشر) في سيدني في 15 من الشهر الجاري حول الأفكار الكفيلة بتغيير شكل العالم، قالت جونستون: "إننا نحب البحر ونسبح فيه ونعيش بالقرب منه ونُشيد مباني بجواره، وتُقام 70 في المئة من المدن الكبرى في العالم على سواحله. بل إن لدينا تصوراتٍ في أذهاننا حول الحياة تحت سطح مياهه".
    ولكننا نشعر بالرعب كذلك إزاء البحار والمحيطات. ففي كل ثقافات العالم تقريباً، أسطورةٌ من نوع ما حول حدوث طوفان أو فيضان في الماضي. وقد استفادت صناعة الترفيه في العالم من ذلك عبر إنتاج أفلامٍ مثل "بوسيدون أدفنتشر" (مغامرة بوسيدون) و"ووتر وورلد" (عالم الماء) و"تيتانيك".
    ولتبديد هذه المخاوف، حاولنا في غالبية فترات تاريخنا التحكم في الحياة المائية والبحرية وترويض تأثيراتها علينا.
    وفي هذا الصدد، لجأنا إلى ما يُعرف بـ"الهندسة الصارمة" - التي يمكن أن تقود إلى حدوث عواقب ضارة بالبيئة - وذلك عبر تشييد السدود والجدران الواقية للشواطئ من مياه البحار والمحيطات، وكذلك شق القنوات على نحو يزيل الرواسب من قيعان البحيرات والبحار.
    وشكل كل ذلك مساعي لترويض الطابع البري للمحيطات. ولكن جونستون ترى أن هذه الجهود محكومٌ عليها بالفشل في نهاية المطاف "فمن سمات البحر العودة للسيطرة على مقدراته".


    أدت العواصف التي ضربت سيدني مؤخراً إلى انقلاب بعض حمامات السباحة على الجرف الصخري المُطل على المحيط
    ولذا تنادي هذه الباحثة بالمضي على طريق ما يُعرف بـ"الهندسة الزرقاء"، أي اتباع أنماط من البناء يُراعى فيها الحرص على البيئة البحرية.
    ويشكل هذا المفهوم النسخة البحرية من التوجه المعروف باسم "الهندسة الخضراء"، الذي يُطبق على البر. وفي إطار هذا التوجه، يمكننا أن نرى دولاً مثل سنغافورة وهي تغتنم المساحات الموجودة على جدران وأسطح مبانيها المتراصة بجانب بعضها البعض، في الزراعة.
    وليست "الهندسة الزرقاء" مفهوماً مثالياً مفرطاً في طابعه الخيالي وإنما يمثل ضرورةً ملحة. ففي كل يوم نتعدى بشكل أكبر على الحياة البحرية.
    فعلى سبيل المثال، باتت المباني تتراص على طول 60 في المئة من سواحل البر الرئيسي للصين، أما إندونيسيا فلديها خطط لتشييد جدارٍ بحريٍ هائلٍ لحماية عاصمتها جاكرتا.
    فضلا عن ذلك باتت محيطاتنا غاصة بآلاف من منصات التنقيب عن النفط والأجهزة التي تحول طاقة الرياح إلى طاقة حركة وتصطف قبالة السواحل، وهي منصات وأجهزة يجري في كل يوم تركيب المزيد منها أو التخطيط لذلك.
    ولكن مثل هذه الأنشطة البشرية التي تفضي لانتزاع مساحات من مياه البحار والمحيطات، تنطوي على خطر إلحاق أضرارٍ غير قابلة للتدارك بالبيئات البحرية والنظم الإيكولوجية الخاصة بها.
    فبفضل مثل هذه النظم يتوافر الغذاء للأسماك وغيرها من الأحياء المائية، التي توفر بدورها 16 في المئة من حجم البروتين الحيواني الموجود في العالم.
    كما أنها تشكل موطناً لغاباتٍ تقع تحت الماء، وتؤدي دوراً لا غنى عنه بالنسبة للحياة البحرية، يماثل ذاك الذي تضطلع به غابات الأمازون لخدمة المحيط الحيوي للأرض.
    كما أن النظم البيئية المتعلقة بتلك البيئات البحرية هي ما تجعل من سواحلنا بقاعاً جذابة ورائعة، يحلو للمرء قضاء بعضٍ من أوقاته فيها.
    وتقول جونستون: "نحن نحب البحر حتى الموت .. (لكننا) لا نفكر في تصميم الأبنية (التي نشيدها على سواحله) من منظور علاقتها بالنظام البيئي".
    فعلى سبيل المثال، تؤدي إقامة منشآت مثل أرصفة الموانئ إلى حجب ضوء الشمس، مما يقلص معدلات نمو الطحالب، ويغير من طبيعة التفاعل بين الكائنات المُفْتَرِسة وفرائسها، كما يمكن أن يجعل من الأيسر على أنواع بحرية غريبة وغازية عن مناطق بعينها ترسيخ وجودها في هذه المناطق.


    تُحْدِثُ المنشآت النفطية الواقعة قبالة السواحل منطقة مظلمة أسفلها تخلو من غالبية ألوان الحياة
    فضلاً عن ذلك، يؤدي وجود الضوء الساطع خلال الليل إلى إرباك مخلوقاتٍ، مثل السلاحف، تهتدي بضوء القمر في تحديد اتجاهاتها خلال الحركة.
    كما يمكن أن يكون للمنشآت التي تستهدف تقليل تدفق المياه وكبح جماح قوة الأمواج آثارٌ غير مرغوب فيها، بفعل ما تؤدي إليه إقامتها من حصرٍ للمواد المُلَوِثة في أماكن بعينها.
    بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم موادُ كيماوية للحيلولة دون حدوث انسدادٍ في مثل هذه البنى والمنشآت بفعل المخلوقات البحرية اللافقارية. ولكن يمكن أن تُخلِّفُ هذه المواد السامة مجموعةً من الآثار الجانبية، التي تتجاوز مجرد الهدف المباشر من استخدامها.
    هنا يثور السؤال: هل بوسعنا أن نتعايش مع المحيطات مع ترك أثرٍ غير ضار، أو إيجابي حتى، على البيئة البحرية؟
    في رأي جونستون ثمة فرصة لذلك، فهي تقول إن الناس في مختلف أنحاء العالم يشرعون في إعادة أوضاع الشواطئ والبيئات والملاذات الطبيعية إلى ما كانت عليه، واتباع أنماطٍ في البناء والتشييد تتماشى مع الطبيعة بدلاً من أن تتحداها.
    ومن بين السبل المتبعة في هذا الصدد، توظيف تصميم المنشأة المُراد تشييدها وأساليب الهندسة المعمارية المستخدمة في بنائها في منطقة ما؛ ليس فقط لتحقيق الغرض من إقامتها وإنما لتوفير ملاذات للكائنات البحرية الموجودة في هذه المنطقة كذلك.
    ويمكن أن نرى دليلاً على ذلك في مشروع تطويرٍ مُقامٍ في منطقة برانغارو الساحلية الواقعة على الطرف الجنوبي لميناء سيدني.
    فعلى طول الساحل هناك، أُقيم جدارٌ ذو تصميمٍ مُركب، يتألف من الأحجار الرملية المتراصة على مستويات متعددة، وذلك لتوفير أماكن جلوس للناس الموجودين فوق سطح الأرض.
    أما المخلوقات التي تعيش تحت الماء، فيوفر الجدار نفسه بيئةً مغرية لكي تقطنها الأحياء البحرية. وقد استوطنت أعشاب البحر هذا المكان بالفعل، ليصبح أحد البيئات القليلة بداخل منطقة الميناء، التي تنمو فيها مثل هذه الأعشاب.
    وفي هذا الصدد، تتساءل جونستون عن السبب الذي يمنع من أن يصبح جدارٌ بحريٌ ما موقعاً صالحاً في الوقت نفسه للغوص، أو أن تصلح البقعة التي شُيّد فيها لأن تشكل كذلك حديقةً طبيعية للأحياء المائية تحت سطح البحر.


    Image captionثَبتَ خطأ اعتقادٍ ساد لفترة بأن إلقاء إطارات السيارات في المحيط يشكل وسيلة جيدة لتكوين الشعاب المرجانية، وهو ما يتطلب الآن عملية تنظيف مكثفة للتخلص من هذه الإطارات
    ويشكل الحجر الرملي ركيزةً طبيعية مألوفة، تعتمد عليها في معيشتها الكائناتُ البحرية الموجودة في المنطقة المحيطة بميناء سيدني، وذلك بوصفه مادةً محلية توجد بشكل طبيعي هناك.
    لكن الباحثين العاملين في مشروع يحمل اسم "وورلد هاربر بروجيكت" سعوا إلى تعظيم الاستفادة من ذلك، عبر استخدام تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، لتصنيع بلاطات من الحجر الرملي تحاكي البنى الطبيعية الموجودة على الشواطئ الصخرية.
    ويفيد ذلك في جعل المكان موطناً جذاباً بشكل أكبر للمخلوقات البحرية. كما يعكف الباحثون بنشاط على تغطية أجزاءٍ من هذه البلاطات بأعشابٍ بحرية تنمو في تلك المنطقة، وبكائناتٍ مثل المحار الذي يعيش على الصخور في سيدني، وهو ما يكتسي بأهمية خاصة في ما يتعلق بتحسين مستوى جودة المياه والتنقية الطبيعية للمُلَوِثات.
    ويشارك اثنا عشر ميناء في شتى أنحاء العالم في هذه التجربة الخاصة بتصنيع بلاطاتٍ صديقة للبيئة البحرية، ويستخدم كلٌ من هذه الموانئ مواد ملائمةً لبيئته الخاصة.
    وتقول جونستون إن هناك الكثير من الجوانب التي يتعين دراستها فيما يتعلق بتصنيع هذه البلاطات؛ مثل تحديد المادة التي ستُستخدم لهذا الغرض، والتعرف على المسافة التي يتعين تركها بين كل بلاطة وأخرى، حتى يصبح المكان كله مُشجعاً بأقصى قدرٍ ممكن للتنوع البيولوجي.
    كما ينبغي كذلك اختيار السبيل الأمثل الذي يتعين اتباعه لتوفير الحماية لمثل هذه البَنَى من الضغوط الحرارية، كتلك الناجمة عن المياه ذات درجات الحرارة المرتفعة.
    لقد بَعُدَ بنّا العهد - على أي حال - عن تلك الأيام التي كانت تشهد إلقاء أعدادٍ هائلة من إطارات السيارات المستعملة في مياه البحار والمحيطات، وإطلاق اسم "شعابٍ اصطناعية" عليها.
    وتكشف هذه المحاولات الخرقاء البدائية، التي تكلفنا حالياً ملايين الدولارات لإزالة آثارها وإعادة تأهيل ما دمرته في البيئة البحرية، الشوط الذي لا يزال يتعين قطعه لفهم الطريقة المثلى للتعايش مع عالم ما تحت سطح الماء.
    وفي نهاية المطاف تقول إيما جونستون: "أدرك في كل مرة أغوص فيها مدى محدودية ما نعرفه عن كيفية عمل البيئات البحرية".
    لكن هذه الباحثة ترى أن ثمة سبباً للشعور بالتفاؤل، في ضوء وجود عقلية جديدة تقوم على الاحجام عن التعدي على الحياة البحرية وإعادة بيئاتها المتضررة إلى وضعها الطبيعي وتطبيق مبادئ "الهندسة الزرقاء".
    وتخلص جونستون للقول: "أتطلع لبدء حقبة جديدة (ومختلفة) من العمران في البيئات البحرية".

  2. #2
    عضو محظور
    تاريخ التسجيل: September-2017
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 9,861 المواضيع: 28
    صوتيات: 13 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 1579
    شكرا جزيلا

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال