تفنى الجسومُ فناءَ الرَّبْعِ وَالسَّكنِ
وَتَمَّحِي أثراً كالرَّسْمِ وَالدِّمَنِ
وَتُقفرُ الارْضُ مِمَّنْ كانَ يَعْمُرُها
وَيَنْطَوي القُبْحُ مَقبوراً مَعَ الحَسَنِ
هذي هي الارضُ في صمتٍ تُشَيِّعُنا
بالموتِ مُرْتهَنٌ يَسْعى بِمُرْتَهِنِ
وَالكُلُّ يَحيا مع الآمالِ مُنخَدِعاً
كَأنَّهُ ما رأى نُكراً مِنَ الزَّمَنِ
أمْشِي وَأبْكي عَلَى من ماتَ أحْمِلُهُ
ولستُ أعلمُ يوماً مَنْ سَيَحْمِلُني
ما زرتُ مَقبَرَةً إلا بكيتُ على
نفسي، وأسألُ : هل في "الغرْبِ" مندَفني
يا رَبِّ كم أتمنى الموتَ في وطني
فالعيشُ عنهُ بعيدا باهظُ الثمَنِ
فلَيْسَ أتْعَس مِمَّنْ غَابَ عَنْ وَطَنٍ
قَضَّى الحَيَاةَ بَعِيداً عنهُ في مِحَنِ
فارقتُ في غرْبتي أحبابَ قد دُفنوا
وَخلَّفوا وَجَعا في الرُّوحِ والبَدَنِ
كمْ كنْتُ أرْجو بأنْ نَبْقى عَلى صِلةٍ
وَالموْتُ يَقطَعُها دوما وَيَقطَعُنِي