فتلك القبور قد ضمّت أبدان من قد تنعّموا بنعم الدنيا ثم!!!

يقول الشهيد عبد الحسين دستغيب ( قدس) :

يقول أحد علماء الأخلاق، شاهدت في إحدى المقابر عالماً يرقب القبور بعين الدهشة والحيرة وينقّل نظره بين تلك القبور ومحل يقوم فيه بعض الأفراد بتنظيف المرافق الصحيّة ونقل الفضلات والأوساخ والنجاسات إلى مزبلة على مقربة منها، فتقدمت إليه وسألته: بماذا تفكر؟ قال لي: أفكر في الدنيا ونعمها، فتلك القبور قد ضمّت أبدان من قد تنعّموا بنعم الدنيا ثم صاروا إلى الرقاد تحت التراب، وهذه هي نعمهم التي خلفّوها وراءهم قد استحالت إلى نفايات ونجاسات وألبسة بالية ممزّقة!!
وذلك ما تؤكده الروايات الشريفة بالفعل: (الدنيا جيفة، وطلاّبها الكلاب، وعمّارها هدّامها)، وهنالك ملك ينادي في كل يوم (يا بني آدم لِدوا للموت، وأجمعوا للزوال، وأبنوا للخراب). ونؤكد هنا لكي لا يلتبس الأمر على البعض فيفهموا من ذلك كراهية بناء الدور مثلاً، كلا، إنّما الكراهية والنهي جاءت في من يعمر دنياه، ظنّاً منه بالخلود فيغفل عن العمل لآخرته فيكون قد أخربها.