شعار الحكومة : بقائك حيا لا يحقق اي فائدة , موتك لا يعني اي خسارة!!!
في عام 1975 تمكن الخمير الحمر الكمبوديين من اسقاط الحكومة و اسسوا حكومتهم تحت اسم "حكومة كمبوديا الديموقراطية" , كان قادة الحكومة الجديدة من الشيوعيين و قد درس اغلبهم في الجامعات الفرنسية و تأثروا بتجربة الحزب الشيوعي الفرنسي كما كان للتجربة الشيوعية الفيتنامية اثر كبير عليهم , كان قائدهم هم "بول بوت" او كما يدعونه "الاخ رقم 1" و هناك مجموعة من القادة الاخرين مثل "الاخ رقم 2" و "الاخ رقم 3" .. الخ. كانت فكرة هؤلاء القادة الشباب تتلخص في فكرة و نضرية شيوعية متشددة تقوم على اساس العودة بالشعب الى اصوله الحضارية و الثقافية عن طريق العمل الزراعي الجماعي و تحقيق الاكتفاء الذاتي و التخلص من جميع مظاهر الحياة الغربية التي (بأعتقادهم) لوثت الشعب و خدرته و هي المسبب الاصلي لتخلف شعوب العالم الثالث , و قد تقرر ان يتم تجربة هذه النضرية على الشعب الكمبودي المسكين.
حكومة مجنونة!!
كان برنامج حكومة الخمير الحمر يقوم على اساس اغلاق المدارس و المستشفيات و المعامل و المصانع , منع البنوك و التجارة , تحريم جميع الديانات , تجريد المواطنين من جميع ممتلكاتهم الشخصية و نقلهم من المدن (بالاجبار) الى مزارع العمل الجماعية (collective farms) في الريف الكمبودي من اجل تطهيرهم من مظاهر الحضارة الغربية و العودة الى ثقافة "الشعب القديم او الاصلي" عن طريق العمل الزراعي!!.
هل تتخيل جنونا اكبر من هذا عزيزي القاريء؟ للأسف نعم فهناك المزيد من القوانين التي لم ينزل الله بها من سلطان في تاريخ البشرية طبقت على الشعب الكمبودي المسكين , العلاقات الانسانية داخل العائلة ممنوعة !! و لا يحق للشخص بأن يكون على علاقة بعائلته !! الدواء الغربي الحديث ممنوع و تستخدم محله الاعشاب الطبية التقليدية !! ممنوع استخدام الالقاب و تبادل كلمات الاحترام بين الناس حيث يجب استعمال كلمة "رفيق" فقط في المخاطبات العامة و كذلك يمنع منعا باتا التحية عن طريق الانحناء او المصافحة حيث ان عقوبتها قد تصل الى الموت!!
في البداية , استعملت الحكومة الحيلة لأخلاء السكان من المدن حيث اخبروهم بأنه يجب عليهم الالتجاء الى الغابات ليومين او ثلاثة بحجة الاحتماء من قصف الطائرات الامريكية و ان الدولة ستقوم بحراسة بيوتهم و ممتلكاتهم خلال فترة غيابهم , و ما ان يخرج السكان الى الغابات حتى يتم تقسيمهم و ارسالهم الى حقول العمل الجماعي و كانوا يتعمدون في التقسيم ان يفرقوا بين اعضاء العائلة الواحدة و يعزلون الاطفال عن امهاتهم.
في المزارع كان السكان يجبرون على العمل لـ 12 – 14 ساعة او اكثر يوميا من دون اي راحة او غذاء و كان يمنع عليهم حتى التقاط و تناول النباتات او الثمار البرية على اعتبار انها ملكية عامة و لا يحق لأحد استئثارها لنفسه و عقوبة من يخالف ذلك هي الموت
حقول القتل
حقول القتل و الموت (The Killing Fields) هي مناطق مخصصة لأحتجاز و تعذيب و اعدام الاشخاص ممن ترغب الحكومة بالتخلص منهم (و ما اكثرهم) لأسباب عديدة تعتبر جرما بنظرها و منها ان يكون الشخص ينتمي الى قومية غير كمبودية مثل الصينيين او الفيتناميين الساكنين في كمبوديا و كذلك المسيحيين و المسلمين الكمبوديين و رهبان البوذية كما ان ممارسة اي عمل او قول من شأنه اضعاف الحكومة حتى و لو تذمر بسيط من ضروف العمل او حتى مجرد ان يبدي الشخص اي مشاعر مثل البكاء او التأثر عند اعدام شخص من عائلته امامه فأن العقوبة هي الاعدام.
و من الجرائم الكبرى بنظر الحكومة هي ان يكون الانسان متعلما او مثقفا !! فبما ان هدف الحكومة "المجنونة" هو تجريد الشعب من كل ما يملكه , حتى الاحساس و المشاعر , و تحويله الى الة زراعية مطيعة و صاغرة تنفذ الاوامر بدون مناقشة و لا تذمر او احتجاج , اذن يجب القضاء على مفكري و مثقفي الشعب و جميع افراد الشعب ممن يمكنهم القراءة و الكتابة و قد صدرت الاوامر بأبادتهم جميعا حتى الاشخاص الاميين ممن يرتدون النظارات فقد اعدمتهم الحكومة لأنها تعتقد ان النظارات لا يستخدمها الا المتعلمين!!
و تتم الاعدامات في حقول القتل عن طريق ضرب الرأس بالفأس حتى لا يتم اهدار الرصاص حيث ان الرصاصة بنظر الحكومة هي اغلى بكثير من قيمة المواطن!! و بعد الاعدام يتم الدفن في قبور جماعية.
ان عدد الموتى في ظل حكومة الخمير الحمر غير معروف على وجه الدقة حيث ان اقل التقديرات تشائما تقدره بـ 750000 شخص و ترتفع به بعض التقديرات الى 3.3 مليون اي تقريبا نصف الشعب (عدد سكان كمبوديا في تلك الفترة كان 7 ملايين) و لكن اكثر التقديرات واقعية هي بين 1.5 – 2.5 مليون شخص تم قتل نصفهم تقريبا عن طريق الاعدام في حقول القتل اما الباقي فماتوا نتيجة الجوع و الامراض.
سقوط حكومة الخمير الحمر
في عام 1979 اجتاحت القوات الفيتنامية كمبوديا و اسقطت حكومة الخمير الحمر و قد فر اغلب قادتها و على رأسهم بول بوت الى الادغال قرب الحدود التايلندية حيث اختبأ هناك حتى موته عام 1998