بسم الله الرحمن الرحيم
[ صَاحِبُ السُّلْطَانِ كَرَاكِبِ الْأَسَدِ يُغْبَطُ بِمَوْقِعِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَوْضِعِهِ ] نهج البلاغة حكمة رقم 263.


التعليق :
معنى المقالة باختصار هو : ان المقرب من السلطان المرافق له ممن يعد من حاشيته مثله مثل راكب الاسد فيتمنى الناس مكانته حيث العز ومهابة الجميع منه هكذا يبدو للناس لكن الحقيقة انه يخاف مركوبه ويهابه اكثر من خوف الناس منه فبحكم قربه سيكون اول ضحية للسلطان .
ولا بأس هنا بإيراد "نبذ مما قيل في السلطان " نقلا عن ابن ابي الحديد 19 / 149 حيث علق على المقولة أعلاه قائلا :
قد جاء في صحبة السلطان أمثال حكمية مستحسنة تناسب هذا المعنى أو تجري مجراه في شرح حال السلطان نحو قولهم :
*صاحب السلطان كراكب الأسد يهابه الناس وهو لمركوبه أهيب . وكان يقال :
*إذا صحبت السلطان فلتكن مداراتك له مداراة المرأة القبيحة لبعلها المبغض لها فإنها لا تدع التصنع له على حال. *قيل للعتابي لم لا تقصد الأمير قال لأني أراه يعطي واحدا لغير حسنة ولا يد ويقتل آخر بلا سيئة ولا ذنب ولست أدري أي الرجلين أكون ولا أرجو منه مقدار ما أخاطر به. وكان يقال :
*العاقل من طلب السلامة من عمل السلطان لأنه إن عف جنى عليه العفاف عداوة الخاصة وإن بسط يده جنى عليه البسط ألسنة الرعية.
*وكان سعيد بن حميد يقول عمل السلطان كالحمام الخارج يؤثر الدخول والداخل يؤثر الخروج.
*ابن المقفع إقبال السلطان على أصحابه تعب وإعراضه عنهم مذلة.

*وقال آخر : السلطان إن أرضيته أتعبك وإن أغضبته أعطبك. وكان يقال :
*إذا كنت مع السلطان فكن حذرا منه عند تقريبه كاتما لسره إذا استسرك وأمينا على ما ائتمنك تشكر له ولا تكلفه الشكر لك وتعلمه وكأنك تتعلم منه وتؤدبه وكأنه يؤدبك بصيرا بهواه مؤثرا لمنفعته ذليلا إن ضامك راضيا إن أعطاك قانعا إن حرمك وإلا فابعد منه كل البعد.
*وقيل لبعض من يخدم السلطان لا تصحبهم فإن مثلهم مثل قدر التنور كلما مسه الإنسان اسود منه فقال إن كان خارج تلك القدر أسود فداخلها أبيض. وكان يقال :
*أفضل ما عوشر به الملوك قلة الخلاف وتخفيف المئونة. وكان يقال :
*لا يقدر على صحبة السلطان إلا من يستقل بما حملوه ولا يلحف إذا سألهم ولا يغتربهم إذا رضوا عنه ولا يتغير لهم إذا سخطوا عليه ولا يطغى إذا سلطوه ولا يبطر إذاأكرموه . وكان يقال :
*إذا جعلك السلطان أخا فاجعله ربا وإن زادك فزده.
*وقال أبو حازم للسلطان كحل يكحل به من يوليه فلا يبصر حتى يعزل . وكان يقال :
*لا ينبغي لصاحب السلطان أن يبتدئه بالمسألة عن حاله فإن ذلك من كلام النوكى وإذا أردت أن تقول كيف أصبح الأمير فقل صبح الله الأمير بالكرامة وإن أردت أن تقول كيف يجد الأمير نفسه فقل وهب الله الأمير العافية ونحو هذا فإن المسألة توجب الجواب فإن لم يجبك اشتد عليك وإن أجابك اشتد عليه . وكان يقال :
*صحبة الملوك بغير أدب كركوب الفلاة بغير ماء .
و كان يقال :
*ينبغي لمن صحب السلطان أن يستعد للعذر عن ذنب لم يجنه وأن ما يكون به أوحش ما يكون منه . وكان يقال :
*شدة الانقباض من السلطان تورث التهمة وسهولة الانبساط إليه تورث الملالة . وكان يقال :
*اصحب السلطان بإعمال الحذر ورفض الدالة والاجتهاد في النصيحة وليكن رأس مالك عنده ثلاث الرضا والصبر والصدق.