يُذَكِّرُنِي شَهْرُ الصِّيَامِ وَجَوُّهُ
بِأمِّي وَإخْوانِي وَأهْلِي وَدَارِيَا
بِمَائِدَةِ الإفْطَارِ أجْلِسُ عِنْدَهَا
عَلَى الأرْضِ وَالقُرْآنُ يُقرَأُ عَالِيَا
فَنَمْتَصَّ طَاقَاتٍ تُرِيحُ كَأنَّمَا
تَهَادَت عَلَيْنَا كَالرَّذَاذِ تَهَادِيَا
إذا مَدْفَعُ الإفْطَارِ دَوَّى بِدَارِنَا
دَعَوْنَا وَبَلَّلْنَا عُرُوقَاً ظَوَامِيَا
سَلامٌ عَلى شَهْرِ الصِّيَامِ بِحَارَتِي
وَسُقياً لِأيَّامِي بِهِا وَلَيَالِيَا
لَكَمْ مَرَّتِ الأيَّامُ فِيها سَرِيعَةً
كأنَّ حُلولَ الشَّهْرِ دَامَ ثَوَانِيَا
فَمَا حَلَّ حَتَّى انْفَضَّ عَنَّي مُوَدِّعَاً
فَمَا طَالَ، لَكِنْ طَالَ فِيهِ بُكَائِيَا
أنَا اليَوْمَ فِي عِزِّ اشْتِيَاقِيَ مُحْبَطٌ
لِطولِ اغتِرابي وَانْقِطَاعِ رَجَائِيَا
وَمَا أنَاَ إلا مِثْلُ صَحْبَي مُجَامِلٌ
أبَدِّدُ جَهْمِي فِي بَرِيقِ ابْتِسَامِيَا
وَمُعْظَهُمْ يَلقَاكَ زَيْفَاً بِبَسْمَةٍ
بِهِ كُتْلَةُ الأحْزَانِ أضْعَافُ مَا بِيَا
يَحِنُّ إلى المَاضِي حَنِينِي لِمَاضِيَا
وَيَحْلُمُ مِثْلِي أنْ يَرَى الرَّبْعَ ثَانِيَا
فَيَا لَيْتَ أنِّي مَا كَبِرْتُ وَلَيتَهَا
حَيَاتِي بِذَاكَ الوَقْتِ ظَلَّتْ كَمَا هِيَا
فَأوَّاهُ مَا أقْسَى الحَياةَ وَهَمَّها
لِمَنْ بَاتَ لا يَرْجُو لِحِبٍّ تَلاقِيَا
ثَكِلْتُ شَبَابِي وَالمَشِيبُ بَرَانِيَا
وَمَا وَاحِدٌ مِنْكُمْ أتَانِي مُوَاسِيَا
فُجِعْتُ بِأيَّامِ الشَّبابِ بِغُرْبَتِي
بَعِيدَاً عَنِ الأحْبَابِ أحْدُو المَآسِيَا
فَوَا مُرَّ عَيْشٍ كانَ أوَّلُهُ نَوَىً
وَآخِرُهُ حُزْنٌ عَلى مُرِّ مَاضِيَا
أأُفْجَعُ فِي فَقْدِ الشَّبَابِ وَلا أرَى
عَلى كَثْرَةِ الأحْبابِ مِنْكُمْ تَعَازِيَا
لِيَ اللهُ كَمْ مِنْ شَاعِرٍ عَاشَ وَحْدَهُ
وَمَاتَ وَحِيدَاً مَا رَأى قَطُّ رَاثِيَا