زمنٌ جَميلٌ فرَّ منا مُسرِعاً
وَأبى الزمانُ بِطَبْعِهِ أنْ يُرْجِعَا
لَهَفِي عَلى الأيَّامِ عنا قد مضتْ
كاللصِّ فَرَّ مُطَارَدَاً وَمُرَوَّعَا
للهِ مَا أحْلى الشبابَ وَطَيْشَهُ
كمْ سَاقنا لِحَماقةٍ وَترَاجَعَا
كمْ أمْسِ ضَاحَكْنَا عُهوداً عذبةً
واليومَ ذِكرَاها تُثيرُ الأدْمُعَا
وَأوَدُّ لوْ أمْضِي إليْها سَاعةً
فالقلبُ أشْعَلَهُ المَشيبُ وَلَذَّعَا
أيْنَ الذينَ نَمَا رُبوعِيَ حُبُّهُمْ
فَقَدِ اسْتحالتْ مُذْ تَناءَوْا بَلقعَا
أَوَّاهُ كَمْ دار القضا بكؤوسه
وَشَرِبْتُ كَأسِي بِالمَرارَةِ مُتْرَعَا
يا مُوْغِلاً كالطِّفْلِ فِي أحلامِهِ
هيهاتَ، أيامُ الصِّبا لنْ تَرْجِعَا
يا ليتَ شِعري كيفَ حَالُ أحِبَّتِي
مِنْ بَعدِ ما عنهمْ مَشَيْتُ مُوَدِّعَا
أهُمو على قيدِ الحياةِ بِحارَتي
أمْ أنَّ ناعِيَهُمْ بلا عِلمِي نَعَى
يا سَامِعِي سَلِّمْ على مَنْ بُعْدُهُمْ
أبْرَى فؤادي حَسْرةً وَتَصَدُّعَا
قَبِّلْ صَديقَ العُمْرِعَنِّي قُبْلَةً
خَبِّرْهُ أني لا أزالُ مُوَجَّعَا
وَبأنني ما زلتُ تَوَّاقَاً لَهُ
وَلِحَارَةٍ كُنَّا مَشَيْنَاها مَعَا