كيف تتجنبين توتر علاقتكِ بطفلكِ بعد الفطام؟
الفطام من الرضاعة الطبيعية من أصعب المراحل النفسية، التي تمرّ بها الأم وطفلها وتُعد أول خطوة فعلية في انفصال الطفل عن أمه، ثم تليها مرحلة الحضانة والمدرسة، لذلك عادة ينصح الأطباء بالفطام التدريجي لتقليل الضرر النفسي قدر الإمكان.
فطمت طفلتي منذ شهرين تقريبًا، لم يكن الأمر بالسهولة التي توقعتِها، خاصة وأنني فطمتها تدريجيًا قدر المستطاع، لكن كان أكثر ما يقلقني علاقتي بها بعد الفطام، فالجميع أخبروني بأن علاقتنا لن تصبح متوطدة كما كانت من قبل في فترة الرضاعة، وستبدأ الصغيرة في الانفصال التدريجي عني والاستقلال نوعًا ما، ولن تصبح متعلقة بي كالسابق.
صحيح أن حضن الرضاعة لا يضاهيه أي حضن، لكن بعد مرور أيام الألم والانزعاج الأولى بعد فطام صغيرتي، أصبحت علاقتنا أفضل من السابق وأصبح تعلقها بي وترابطنا يزداد يومًا بعد الآخر أكثر من مرحلة الرضاعة، فالآن أنا أعلم يقينًا أنه تعلق بشخصي وليس بالرضاعة.
خرافة توتر علاقة الطفل بالأم بعد الفطام
جميع الذين أخبروني بتوتر العلاقة كانوا يفعلون خطأ شهير وقت الفطام، وهو ترك الطفل بمفرده مع إحدى الجدات أو الأخوات والاختفاء التام، حتى ينسى الرضاعة وتتعافى الأم من ألم الثدي، ربما لمدة ثلاثة أيام على الأقل، وحجتهم في ذلك هو تقليل الضرر النفسي والشعور بالذنب لبكاء الرضيع رغبة في الرضاعة، وحتى لا تضعف الأم في قرارها أو لأنها بالفعل مرحلة مليئة بالألم الجسماني الناتج عن تحجر الحليب في الثدي حتى جفافه.
لكل أم وجهة نظرها الخاصة فيما يتعلق بفطام طفلها وحالتها الجسمانية والاجتماعية، لكن يوضح أطباء الأطفال والطب النفسي أن أكبر صدمة تحدث للطفل في مرحلة الفطام هي اختفاء الأم من أمامه وافتقاده لحضنها، لأن الرضاعة لا تعني للأطفال إشباع الجوع فقط، لكنها تعني الأمان والسكينة والاطمئنان في حضن الأم وبين ذراعيها.
تخيلي أن طفلكِ يفتقد كل ما سبق فجأة ولا يجدكِ حوله، حتى وإن كان الفطام من الثدي تدريجيًا، لكن لا يجب أبدًا أن يُفطم الصغير من حضنكِ ومن الإحساس بالأمان والسكينة معكِ.
هذا ما تجنبته تمامًا مع صغيرتي، فلم أختفِ أبدًا من أمامها في فترة الفطام، خاصة في فترة المساء والنوم اللذين كانا مرتبطين بالرضاعة بشكل كامل، بل ذهبت لوالدتي وإخوتي وكانت مهمتهم مساعدتي في إلهاء الصغيرة بالألعاب والتسلية وتخفيف الوجع الجسماني والمهام اليومية عليّ، بينما طول الوقت أنا حول صغيرتي، أحتضنها رغم الألم والغضب والانهيار والبكاء والصراخ، وأضمها وأتحمل قليلًا من ألم جسمي المؤقت في سبيل أمانها النفسي.
مرت الأيام الأولى بأقل أضرار نفسية ممكنة، كنت أحتضنها في المساء طول الليل وأدللها كثيرًا في الصباح، ونخرج للتنزه فور التعافي الجزئي من ألم الثدي، وبالتدريج عادت علاقتنا أفضل مما كانت، ولم يتغير تعلقها بي، ولم تمر بصدمة نفسية أو تتأثر طباعها حمدًا لله.
نصيحتي لكِ عزيزتي الأم المقبلة على فطام طفلكِ، أرجوكِ لا تتركيه بمفرده، أنتِ أيضًا يصبح مزاجكِ سيئًا في تلك الفترة وستحتاجين لاحتضانه كثيرًا، فأعطيه الأمان اللازم وستمر مرحلة الفطام سريعًا وبسلام.