السؤال:
هل يتوجب البصق إذا نزفت اللثة في الصلاة ؟ وهل ينتقض الوضوء ؟ وهل يمكن أن يبصق وهو يصلي ؟ وهل يبصق سواء كان في المسجد أو مكان آخر؟ وهل يفسد الصوم إذا بلع الدم الخارج من اللثة ؟ وهل يجب غسل قطعة القماش التي بصق فيها وظهر الدم عليها ؟ وهل يكفي مسحها بمنديل ورقي أم لا بد من استخدام الماء؟ وماذا لو بصق على الأرض ، هل يكفي المسح بالمنديل ؟ وإذا كان الغسل بالماء واجباً فهل يكفي مرة واحدة أم لا بد من ثلاث مرات؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
إذا نزف الدم من اللثة فإنه لا يجوز ابتلاعه ، سواء كان في الصلاة أم خارجها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"إذا خرج الدم من الفم فإنه لا يجوز ابتلاعه؛ لقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ)" .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (7/ 2) بترقيم الشاملة .
فإن كان في الصلاة وابتلعه عامدا مختارا : بطلت صلاته ، لأنه بمنزلة الأكل في الصلاة ، وإن كان بدون اختياره ، كما لو سبق الدم إلى حلقه : فصلاته صحيحة .
فإن كان يصلي في المسجد فإنه يبصق في منديل ، ولا يجوز له أن يبصق في المسجد ، لئلا يلوثه .
فإن كان يصلي خارج المسجد : جاز له أن يبصقه تحت قدمه اليسرى ، أو عن يساره.
قال الحجاوي في "الزاد" (ص 47):
" ويبصق في الصلاة عن يساره ، وفي المسجد في ثوبه " انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (40/ 126):
" ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ إِلْقَاءُ النُّخَامَةِ وَنَحْوِهَا فِي أَرْضِ الْمَسْجِدِ ، وَعَلَى جُدْرَانِهِ ، وَعَلَى حَصِيرِهِ ، بَل يَجِبُ أَنْ يُصَانَ الْمَسْجِدُ عَنْ كُل قَذِرٍ وَقَذَارَةٍ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَجِسًا، كَالنُّخَامَةِ وَنَحْوِهَا " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا كان الإنسانُ في المسجد ، فإنه يبصقَ في ثوبه [المنديل] ، ولا يبصق في المسجد، لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (البُصَاق في المسجد خطيئة) ، لكن هذه الخطيئة إذا فَعَلَها كفارتُها دفنُها، وعلى هذا فنقول: لا تبصق في المسجد عن يسارك ، ولكن ابصقْ في ثوبك.
ولا يبصق تحت قدمِه في المسجد؛ لأن البُصاق في المسجد خطيئة ؛ لكونه يلوِّث المسجد " انتهى مختصرا من "الشرح الممتع" (3/ 273).
ثانيا :
اختلف الفقهاء في حكم الدم الخارج من غير السبيلين ، هل ينقض الوضوء أو لا ؟
والراجح أنه لا ينقض .
ثالثا :
أما تأثير ابتلاع الدم الخارج من اللثة على الصيام ؛ فإن ابتلعه بدون اختياره : فالصوم صحيح ، وإن كان عامدا مختارا : فسد صومه ، فإن كان يوما من رمضان ، أو صوما واجبا ، فعليه قضاؤه ، وإن كان صوم تطوعا، فلا قضاء عليه .
رابعا :
الدم الخارج من الأنف أو الفم : إن كان يسيرا فهو معفو عنه ، وإن كان كثيرا ، فهو نجس ، يجب غسل ما أصاب البدن والثوب منه ، وإذا حصل أثناء الصلاة أبطلها ، ووجبت إعادتها إن كانت صلاة مفروضة .
سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ما حكم الدم إذا خرج من إنسان يصلى هل يقطع الصلاة أم لا ؟
فأجاب : " إذا كان الدم الذي خرج من المصلى خارجاً من القبل أو الدبر : فإنه ناقضٌ للوضوء ، وفي هذه الحال يجب عليه أن ينصرف ، وأن يغسل ما أصابه من الدم ، ويتوضأ من جديد ، ويبدأ الصلاة من جديد .
وأما إذا كان من غير السبيلين ، أي : من غير القبل والدبر ، مثل أن يكون من الأنف أو من الأسنان أو من جُرْحٍ آخر : فإنه يبقى في صلاته ، إن تمكن من أدائها بدون انشغالٍ بهذا الدم ويكمل الصلاة ، لأن القول الراجح أن الدم لا ينقض الوضوء ، ولو كان كثيراً .
ولكن إذا كان كثيراً : فإن أكثر أهل العلم يرون أن الدم نجس إذا كثر ، ولا يعفى عنه ، وحينئذٍ لا بد أن يخرج من الصلاة حتى يُطهر ما أصابه من الدم ، ثم يعود ويصلى بلا وضوء ، على القول الراجح [لأن وضوءه لم ينتقض بخروج الدم] ، أي : يبدأ الصلاة من جديد .
وأما إذا كان الدم يسيراً فإنه يستمر في صلاته ولا حرج عليه" .
انتهى من " نور على الدرب " (7/2) الشاملة .
فإذا نزفت اللثة دما يسيرا ، وهذا هو الغالب فيما يخرج من اللثة ، فبصق في منديل وهو في الصلاة ، فهذا معفو عنه ، ولا يجب غسل المنديل أو الثوب ، إلا أنه يستحب غسله للتنظيف وعدم التقذر ، لا للتنجس .
خامسا :
لم يرد الشرع باعتبار العدد في غسل النجاسة ، إلا نجاسة الكلب فقط ، فتغسل نجاسة الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب ، وأما غيره من النجاسات ، فلا يشترط لها عدد ، وإنما يجب غسلها حتى تزول النجاسة ولو كان ذلك بغسلة واحدة .
والله أعلم .