لماذا اتُهم "عباس بن فرناس" بالسحر ؟
اتهم عباس بن فرناس بالسحر من بعض حاسديه وأرسل إلى القاضي وتمت محاكمته .. فماذا حدث بعد ذلك؟
كان عباس بن فرناس من علماء المسلمين الأفاضل في الأندلس، وهو صاحب سبق في كثير من الاختراعات والاكتشافات؛ لعل أشهرها أنه أول من قام بمحاولة للطيران في التاريخ، وتفوقه هذا جعله مقربا من الخلفاء.
ولحاله هذا، ولما وصل إليه من مكانة لدى الأمراء، فقد كان له حساد يتربصون به، وقد راحوا يتهمونه بالسحر، وأنه يقوم بأشياء غريبة في منزله؛ والسبب الذي لا يعلمه هؤلاء الحساد أن ابن فرناس كان يعمل بالكيمياء، وكان ينتج عن ذلك خروج دخان وبخار من شباك منزله.
وقد استُدعي للمحاكمة في قرطبة – وكان الخليفة في ذلك الوقت هو عبد الرحمن بن هشام الأموي- وقيل له في ذلك إنك تفعل كذا وكذا، وتقوم بغرائب وعجائب لم نعهدها، فقال عباس في رده عليهم: أترون أني لو عجنت الدقيق بالماء فحولته عجينًا، ثم أنضجت العجين خبزًا على النار، أأكون قد صنعت سحرًا؟
قالوا: لا؛ بل هذا مما علم الله الإنسان. فقال: وهذا ما أشتغل به في داري، أمزج الشيء بالشيء، وأستعين بالنار على ما أمزج، فيأتي مما أمزج شيء فيه منفعة للمسلمين.
وكانوا قد أرادوا شاهدا على صحة الدعوى، وكانت المفاجأة في أن الشاهد هو الخليفة عبد الرحمن بن هشام.
وفي المحكمة وبعد سماع الأقوال أدلى الخليفة عبد الرحمن بن هشام بشهادته فقال: أشهد أنه قال لي إنه يفعل كذا وكذا (يريد أن كل هذه الأشياء التي يفعلها هو على علم بها)، وقد صنع ما أخبرني به، فلم أجد فيه إلا منفعة للمسلمين، ولو علمت أنه سحر لكنت أول من وقف ضده.
فحكم قاضي محكمة قرطبة ببراءة عباس بن فرناس من تهمة السحر، بل وصل الأمر أن أثنى عليه فقهاء قرطبة، وحثوه على أن يستزيد من تجاربه، وحُفظت له بذلك مكانته.