تعرّف على الفحم الحيوي وفوائده المذهلة !
يتعاظم الاهتمام بين العلماء بالفحم الحيوي، الذي يرفع المردود الزراعي ويحد من التلوث، إذ يعملون على درس خصائصه، للتحقق من إمكانات استخدامه، وكيفية تأثير الخصائص الكيميائية والفيزيائية لجسيمات الفحم الحيوي على حركة المياه خلال التربة، وإزالة الملوثات، وانخفاض انبعاثات الغازات الدفيئة.
ويعقد العلماء الأمل على إمكان مساعدة الفحم الحيوي للمزارعين في جميع أنحاء العالم، خاصة مزارعي القارة الأفريقية، والمناطق النامية الأخرى، الذين غالبا ما يجدون أنفسهم في صراع مع التربة الفقيرة.
جذور أمازونية
وأوضح عالم المحاصيل والتربة في جامعة كورنيل بنيويورك يوهانس ليمان أن أنواعا مختلفة من الفحم الحيوي تتمتع بإمكانات فريدة من نوعها، للحد من بعض آثار أكبر معوقات صحة التربة على إنتاج المحاصيل، كما في حالتي الظروف الجوية الشديدة للتربة، والتربة الرملية.
استحوذت هذه المادة بالكاد على اهتمام المزارعين اليوم، إلا أن جذور الفحم الحيوي قديمة، فمنذ مئات وآلاف السنين، أنتجه سكان الأمازون عن طريق تسخين المواد العضوية، لتكوين تربة خصبة وغنية تدعى التربة السوداء، وهذه الممارسة استبعدت في الوقت الذي غزت فيه الشعوب الأوروبية أمريكا الجنوبية، واستخدم عدد قليل نسبيا من المزارعين في أماكن أخرى الفحم الحيوي بطريقة روتينية.
حركة المياه
واختبرت الباحثة في الكيمياء الأرضية الحيوية في كلية كولورادو بكولورادو سبرينجز ريبيكا بارنز، وبعض زملائها كيفية تأثير الفحم الحيوي على حركة المياه عبر التربة، عن طريق إضافة الفحم الحيوي إلى مواد مختلفة، وفي الرمال التي تجري المياه خلالها بسرعة كبيرة، أدى الفحم الحيوي إلى تباطؤ حركة الرطوبة بمعدل %92، بينما في التربة الغنية بالطين، التي عادة ما تحتفظ بالماء، فقد سرع الفحم الحيوي حركة المياه بنسبة تزيد على %300.
ويشير الباحثون إلى أن الفحم الحيوي يغير طريقة حركة المياه في الفضاء الخلالي، خاصة على مستوى الفراغات بين حبيبات التربة.
وتقول بارنز إن «الطين عادة ما تظهر جزيئاته في صورة حبوب مسطحة والرمل في حبوب دائرية، أما الفحم الحيوي فهو مادة عديمة الشكل، ولذا فجزيئاته لا تخلق مسارات استثنائية للمياه فقط، بل عبر الفضاء الخلالي».
وتشير بارنز وزملاؤها إلى أن هذه الممرات الملتفة، تساعد على إبطاء جريان المياه في التربة الرملية، وتسريعه في الطينية.
النشاط الميكروبي
يحاول الباحثون معرفة تأثير الفحم الحيوي على النشاط الميكروبي في التربة، حيث تعيش الميكروبات عادة كمجتمع، وقد وجدت كارولين مازييلو، الباحثة في الكيمياء الأرضية الحيوية في جامعة رايس في هيوستن، تكساس وزملاؤها، أن الفحم الحيوي يمكنه تثبيط نشاط البكتيريا عن طريق الارتباط بالجزيئات المرسلة للإشارة، التي تفرزها الخلايا البكتيرية من أجل تنسيق نشاطها.
وفي العام الماضي، ذكر عالم التربة في جامعة نانجينج الزراعية في الصين شياو ليو أنه بعد استعمال الفحم الحيوي في حقول الذرة والقمح مرة واحدة، تراجعت انبعاثات أكسيد النيتروز خلال المواسم الخمسة التالية لهذه المحاصيل، كما سجلت أيضا دراسات أخرى انخفاض الانبعاثات، لكن الباحثين لم يتمكنوا حتى الآن من تحديد السبب الدقيق لهذا التأثير.
زيادة المحصول
وتوصل التحليل التجميعي الذي أجراه الباحثون في 2011، إلى زيادة في إجمالي المحصول بمعدل %10، فضلا عن %14 زيادة في التربة الحمضية، ولوحظت أعظم قدرات الفحم الحيوي في الأماكن ذات التربة المتدهورة والأسمدة النادرة، لأن الفحم الحيوي يساعد التربة على الاحتفاظ بأي عناصر مغذية تحتوي عليها بطريقة أفضل.
وعكف أندرو كران دروش (من جامعة كاليفورنيا) على دراسة آثار الفحم الحيوي على مثل هذه التربة المتدهورة في منطقة غرب كينيا، وتشير البيانات الأولية التي حصل عليها إلى أن المزارع التي استخدمت الفحم الحيوي حققت ارتفاعا في متوسط عائداتها بلغ %32 أكثر من المزارع التي لم تستخدمه.
وفي يونيو الماضي، أشار تقرير للبنك الدولي إلى أن الفحم الحيوي ربما يحمل فوائد أكثر لصغار المزارعين في البلدان النامية، والسبب لا يعود إلى استفادة التربة التي يزرعونها الاستفادة المثلى من الفحم الحيوي، وإنما إلى أن الفحم الحيوي قد يكون عنصرا أساسيا من عناصر «الزراعة الذكية مناخيا».
مقارعة التلوث
ربما كانت بداية الفحم الحيوي في الزراعة، إلا أن الباحثين الآن ينقبون عن تطبيقات أخرى، حيث يمكن للفحم الحيوي أن يرتبط بالمعادن الثقيلة الموجودة في التربة، ما يساعد على منعها من الوصول إلى النباتات أو التسرب إلى إمدادات المياه، ولفت هذا الأمر انتباه وكالة حماية البيئة بالولايات المتحدة، ووكالات أخرى، فضلا عن شركات تسعى لاستعادة الأراضي التي كانت قد استخدمت سابقا في مجال التعدين.
في نيتشر العربية عدد مارس 2015
• رحلة بحث عن مادة الفيزيائيين المفضلة «المادة المظلمة».
• مصير مجهول لرحلة البحث عن «فيلة».
• ظهـور ترانزستور السيلسين الأول.
• ماذا بعد الانتهاء من أطلس السرطان؟
• سيارات ذاتية القيادة.
• 50 عاما من عمر الخلايا الليمفاوية البائية.
• التغيرات المناخية، وإدارة إعادة التوطين.
• بيانات ضخمة: مكافحة التسـلل.
• استخلاص المعـادن ما بين التقدم والدمـار.
• بايثون: خيارك الأمثل.
رد مع اقتباس