منذ مئات السنين.. وحتى يومنا هذا.. كثيرون آمنوا بالتواصل مع الأموات.. وآخرون لم يصدّقوا ذلك قائلين أنه أمر مستحيل الحدوث.. بعضهم تأتيه رسائل من أموات يعرفهم.. تصله في أحلامه أو عبر إشارة ما.. لكن قليل من يستعين بالوسيط الروحي ليخاطب أشخاص ماتوا ومازال يشعر بوجود كثير من الكلام يود إيصاله إليهم.. البعض لا يعرف كل التفاصيل المتعلقة بالوسيط الروحي.. والبعض الآخر لا يُصدّق أصلاً بقدرة هذا الشخص على التواصل مع الأموات.. كل هذه التفاصيل دعونا نعرفها سوية في السطور التالية..
كيف يتواصل معنا الأموات؟
كما الأحياء يحاولون التواصل دوماً مع أشخاص متوفين اشتاقوا لهم.. كذلك الموتى يحاولون إيجاد الكثير من الطرق للتواصل مع الأحياء.. من هذه الطرق:
1- من خلال الأحلام: خلال نومنا نكون أكثر قدرة على التواصل مع العالم الآخر عبر أحلامنا التي يتسلّل إليها العديد من الأشخاص المتوفين ليوصلوا لنا رسائل كثيرة.. قد تكون بشرى لحصول شيء مُفرح، أو إنذار من أمر سيء سيحصل.. وتتميّز هذه الأحلام بأنها تكون واضحة التفاصيل بالنسبة لمن يراها فلا يكون فيها شيء مُبهم أو خفي، كما أن الشخص يتمكّن من تذكّرها بشكل جيد بعد أن يستيقظ.
2- أرواح الأموات ممكن أن تعبث بأغراض المكان: دون أن يظهر أي تفسير واضح لهذا الأمر، ظهرت العديد من الحالات التي سجلّت وجود الأموات معها في نفس المكان ومحاولة التواصل معها من خلال تحريك الأغراض في هذا المكان، مثل ذلك قالته إحدى السيدات عن شقيقتها التي توفيّت (بسرطان المبيض) وشعرت بحضورها في أكثر من مكان، إحداها كانت عندما زارت المتوفاة والدتها في منامها وقالت لها بأنها تعبث بالساعات في بيت جدتها، في اليوم التالي ذهبت الوالدة إلى منزل الجدة لتخبرها الثانية بأن إحدى ساعات المنزل توقفت فجأة عن العمل خلال الليل ولم يتمكّنوا من معرفة السبب أو إصلاحها، في المرة الثانية كانت الجدة تجلس قبالة المكتبة في منزلها وفجأة سقط منها كتاب يتحدث عن (سرطان المبيض) وهو المرض الذي توفيّت فيه الفتاة!!..
3- الاتصال عبر إرسال إشارات من الطبيعة: وهو أمر قد لا يلفت انتباه البعض، فقد تظهر فجأة في حديقة منزلك الزهرة التي كان المتوفّى يُحبّها دون أن تقوم أنت بزراعتها، وربما يزورك الطير الذي كان يُفضّل نوعه رغم أن هذا الطير لا يمكن أن يعيش في هذه المنطقة. ومن الأمور الأخرى التي تحدث أيضاً عندما تشمّ فجأة رائحة عطر الشخص المتوفى، أو تسمع صوته في أذنك وكأنه يُحدثّك، ومن الممكن أيضاً أن يرن فجأة جرس الهاتف وترد فتسمع صوت المتوفى يقول لك رسالة سريعة ويختفي الصوت.
وكيف يمكننا التواصل معهم؟
كما ذكرنا فإن أرواح الأموات تحوم حولنا دائماً ولا تفارقنا.. وقد تحدث الكثيرون عن قدرة الأحياء على التواصل مع الأموات، لكن لتمتلك القدرة على التواصل مع الأموات عليك تقوية حدسك وقدراتك الروحية وتقبل فكرة التواصل مع عالم آخر وتُظهر طاقاتك الكامنة بداخلك.. عليك أن تُحرّر عقلك، فالعقل هو الوسيلة الأمثل للتواصل مع عالم الأرواح.. وكن بكامل استعدادك عقلياً ونفسياً للقيام بتجربة اتصال حقيقية مع العالم الآخر.. اطرد من عقلك كل الأفكار السلبية واعتمد على تمارين التأمل والاسترخاء... بعد قيامك بكل ما سبق يمكنك التواصل مع من فارقوا الحياة من خلال إتباع الخطوات التالية:
1- خلق جوّ من شأنه أن يساعدك على تحويل الوعي للعالم الدنيوي إلى عالم الأرواح، وذلك من خلال إضاءة الشموع وإشعال البخور الأرجواني المرّ، فاللون الأرجواني هو مُمثّل للسلطة النفسية الروحية، بينما يساعد البخور في تسهيل عملية التحدّث إلى الأرواح.
2- اجلس في وضعية مريحة تساعدك على الاسترخاء، إما على كرسي أو بعض الوسائد المريحة أو على السرير.
3- الاستعانة بوسائل معيّنة مثل (بلّورات الكريستال) ولوحات (الويجا) التي تُمكنّك من رؤية الروح والتواصل معها بعد استدعائها.
4- أداء بعض الطقوس التي تساعد في استدعاء الأرواح مثل قراءة تعاويذ وطلاسم خاصة بهذا الأمر، يمكنك مثلاً أن تقول (أيها الرب العظيم.. أيتها الآلهة.. كونوا معي واحموني من الأرواح السيئة ولا تجعلوها تؤثر بي.. اعطوني من حكمتكم ما استطعتم.. ساعدوني لأحقق هدفي واستطيع التحدث إلى الأرواح..).. ويساعدك في ذلك طبعاً بعض تمارين التأمل التي تمدّ الجسم بالطاقة الروحية اللازمة وتساعده في التواصل مع العالم الآخر.
5- بعد الاسترخاء بشكل كامل ستبدأ بالشعور بضوء أبيض يتسلل إلى جسدك بِدءً من أعلى رأسك مروراً بجسدك وصولاً إلى أخمص قدميك، هذا الضوء عندما يخرج سيحمل معه كل الطاقة السلبية والأفكار السلبية الموجودة في جسمك لتشعر براحة أكبر.
6- قم بتشغيل (مُسجّل الصوت) فقد تردك بعض الرسائل من الأرواح ولا تكون قادراً على سماعها، في الوقت الذي يمكن لمُسجّل الصوت أن يلتقطها.. وهذا ما يُسمّى (الظواهر الصوتية الإلكترونية EVP)، وبذلك يمكنك تسجيل الجلسة بكاملها والاستماع إليها في وقت لاحق مما يجعلك قادراً على التقاط كافة الأصوات التي لم تنتبه إليها أثناء الجلسة.
7- اطلب من الأرواح أن تُعرّف عن نفسها وتعطيك أي دليل على وجودها، وهنا عليك أن تبقى مُتيّقظاً وتنتبه لأي حركة غير عادية أو حدث غريب يتعلّق بتلك الروح.. فالروح ستحاول التواصل معك بأكثر من طريقة كما ذكرنا..
8- عندما تصلك تلك الإشارة يمكنك البدء بالتحدث إلى الروح وسؤالها عمّا تشاء واستلام الرسائل منها.
9- عند الانتهاء من الجلسة أو في حال راودك أي شعور بالانزعاج أو عدم الارتياح اشكر الروح على وجودها وإصغائها إليك وساعد نفسك للعودة ببطء إلى حالة اليقظة..
التواصل عبر الوسيط الروحي؟
في حال وجدت صعوبة بالاتصال يمكنك الاستعانة بالوسيط الروحي الذي يمتلك القدرة أكثر من أي شخص على الاتصال بعالم الأرواح وإرسال واستقبال رسائل منهم، كما أن بعضهم أيضاً يكون قادراً على التواصل مع الملائكة وغيرها من الكائنات في العوالم الأخرى. ويعتبر التواصل عن طريق الوسيط الروحي هو الطريقة الأكثر انتشاراً كونه يُمثّل الجسر الذي يستطيع الأحياء من خلاله التواصل مع الأموات. ويكون للتواصل عدة هيئات، أبرزها تحدّث الوسيط بصوت الروح نفسها، وذلك ما كتب عنه (أنيس منصور) في كتابه (أرواح وأشباح)، كما يمكن أن يسمع الوسيط الرسالة من الروح ويُمرّرها إلى الشخص الجالس أمامه.
بدأت الاستعانة بالوسيط الروحي منذ مئات السنين، وكانت القصة الأشهر هي طلب الملك (شاؤول) من إحدى الساحرات أن تقوم باستدعاء روح النبي (صموئيل) لسؤاله عن حرب قامت وقتها. بعد ذلك بدأت هذه الظاهرة تنتشر وتكتسب شهرة واسعة خلال القرن 19 حيث بدأ الناس بتقبّل الفكرة واللجوء إلى الأشخاص القادرين على التواصل مع عالم الأرواح، لكن احتيال بعض السحرة في هذا الأمر أدى إلى فقدانه بعض من مصداقيته بين العالم، ورغم ذلك مازال الأمر مستمراً حتى يومنا هذا.
الوسيط الروحي بين العلم والروح!!
في السنوات الأخيرة أجريت العديد من البحوث والدراسات التي حاولت اكتشاف حقيقة القدرات التي يمتلكها الوسيط الروحي، وكان منها بحث أجرته جمعية (علم النفس البريطانية) والذي وُجهّت له العديد من الانتقادات كونه قال بأن هذه الظاهرة روحية بحت وتعتبر من الخوارق الطبيعية التي يصعب تفسيرها علمياً، ووجدوا فيها حالة من السحر والغش التي يستخدمها الوسطاء الروحيون لكسب المال لا أكثر، معتمدين على أساليب مثل التنويم المغناطيسي والشعوذة والسحر لإقناع الشخص بقدراتهم. وهذا ما تحدث عنه (لويس سبنس) في كتابه (موسوعة السحر والتنجيم) حيث قال:"لعب الغش والممارسات الروحية والنفسية والعديد من وسائل الخداع جزءً كبيراً في تصديق ظواهر الماورائيات، فمثلاً جلسات استدعاء الأرواح تتم في غرفة منخفضة الإضاءة، مما يجعل الفرصة أكبر للاحتيال على الشخص وإقناعه برؤية أشياء أو سماع أصوات غير موجودة".
الروحانيون يعتبرون الوسيط الروحي شخص يستطيع السيطرة على روحه بالشكل الأمثل ويدخل بما يشبه الغيبوبة، ليسمح بالتالي لروح الميّت أن تسكن داخله وتقوم بتلقينه الرسائل التي عليه أن يوصلها إلى الأحياء، إما عبر قولها بشكل مباشر أو من خلال رسمها أو كتابتها. وهو بالطبع لا يستطيع القيام بتلك المهمة إلا في أجواء معيّنة بعيداً عن الضجيج والأصوات وتحت ضوء خافت، كما يمكن الاستعانة بالوسائل التي ذكرناها سابقاً كالكرات البلورية وغيرها.
وفي عالم الروحانيات الخاص بالوسيط الروحي يكون للحواس وبعض المصطلحات معنىً آخر غير المتعارف عليه في باقي ظواهر الماورائيات.. فمثلاً الوسيط الروحي يعتمد على (الاستبصار)، الذي يعني بالنسبة له رؤية الأرواح والأشياء غير الموجودة فعلياً من أشخاص وكائنات وحيوانات، إذاً هو يمتلك القدرة على معرفة الأشياء بالاعتماد على حواس غير الحواس الخمس المادية، وكما يقولون في علم النفس أن الوسيط الروحي يكون لديه (عين ثالثة) بين العينين الماديتين.
الجدير بالذكر أن روح الميّت قد لا تقبل التواصل مع الأحياء، في هذه الحالة يكون الحل الأمثل هو ترك الروح تغادر المكان بسلام، فكما يقال للأحياء أنه في حال أحببت شخص ولم يقبل التواصل معه أطلق سراحه ودعه يرحل.. كذلك الأموات يحتاجون منّا لنفس المعاملة.
في النهاية يجب أن نعلم جميعاً أن الموت ليس نهاية.. وإنما هو بداية لحياة جديدة ومرحلة جديدة لتطوّر الروح.. قد لا تستطيع رؤية ما يحصل للميّت بعد وفاته.. ولكن بالتأكيد هناك العديد من الطرق التي تجعلك قادراً على التواصل معه.