شاء الله ألاّ يكون النّاس أمّة واحدة، فكان من مقتضى هذا أن يكونوا مختلفين وأن يبلغ هذا الاختلاف أن يكون في أصول العقيدة، إلا الذين أدركتهم رحمة الله، الذين اهتدوا إلى الحق والحق لا يتعدّد، فاتّفقوا عليه، وهذا لا ينفي أنّهم مختلفون مع أهل الضلال.
ويقول الله مخاطبًا رسوله الكـريم سيّدنا محمّدَ صلّى الله عليه وسلّم: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين} يوسف: .103 لقد كان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم حريصًا على إيمان قومه رغبة في إيصال الخير الذي جاء به إليهم ورحمة لهم ممّا ينتظر المشركين من نكد الدنيا وعذاب الآخرة ولكن الله يهدي لنوره من يشاء، فهؤلاء علم الله أنّ إعراضهم عن دلائل التوحيد لا يؤهّلهم للإيمان بخالق الأكوان ولإخلاص العبودية له ولا يجعلهم ينتفعون بحقائقه المبثوثة في الآفاق. وعلى هذا علِم المسلمون أنّه يتوجّب عليهم أن لا يحقدوا ولا يضطهدوا من يخالفهم في الدّين لأنّ هذه هي إرادة الله التي خلقت النّاس على هذا الاختلاف.
ثمّ نرى أنّه بينما كان رؤساء أكثر الأديان يأمرون أتباعهم باستعمال أشد الطرق الإكراهية لحمل النّاس على الدخول في دينهم ولو أدّى ذلك إلى قتل الآلاف، نرى الإسلام الحنيف يخاطب مُتّبعيه بأن لا يرغموا أحدا على ترك دينه واعتناق الإسلام. وفي هذا يقول جلّ ذكره في سورة البقرة: {لا إكراه في الدّين قد تبيَّن الرُّشد من الغَي} البقرة: .256