عبادته

إذا ذكر أئمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) يتبادر الذهن إلى علم جم، وعبادة متواصلة، وأوراد متصلة، وصدقات كثيرة، وأخلاق عالية، وآداب رفيعة، وحلم عن المسيء، وصفح عن المذنب، فكأنهم (صلوات الله عليهم) والمكارم توأم، وكأنّ المعالي ثوب خيط لهم فلبسوه.

والحديث في هذه الصفحات عن عبادة الإمامموسى بن جعفر (عليه السلام)، التي شهدت له ألقابه بعبادته، فمن زين المجتهدين، إلى العبد الصالح، والنفس الزكية، والصابر، إلى غير ذلك من الألقاب المشيرة إلى صفاته المقدسة، وعبادته المتواصلة.

ولم يحدثنا التاريخ عن مسجون ـ غير الإمام موسىبن جعفر ـ كان يشكر الله تعالى على ما أتاح له من نعمة التفرغ للعبادة بين جدران السجن، ويجعل ذلك نعمة، وجب بها عليه الشكر.

قال ابن الصباغ المالكي: إن شخصاً من بعض العيون التي كانت عليه في السجن، رفع إلى عيسى بن جعفر أنّه سمعه يقول في دعائه: (اللهم إنك تعلم أنّي كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك وقد فعلت، فلك الحمد). (الفصول المهمة: 222)

نذكر في هذه الصفحات بعض ما ورد من عبادته (عليه السلام):


1ـ روى أصحابنا أنّه دخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسجد سجدة في أول الليل، وسمع وهو يقول في سجوده: (عظم الذنب عندي فليحسن العفو عندك، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة) فجعل يرددها حتى أصبح. (تاريخ بغداد 13/27)


2ـ دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: رأيت ابنك موسى يصلي والناس يمرون بين يديه.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) ادعوا لي موسى، فدعاه، فقال له في ذلك.

فقال: نعم يا أبه، إن الذي كنت أصلي إليه كان أقرب إليّ منهم، يقول الله تعالى: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد).

فضمه أبو عبد الله إلى نفسه ثم قال: بأبي أنت وأمي يا مودع الأسرار. (المناقب 2/372)


3ـ كان يصلي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح ثم يعقب حتى تطلع الشمس ويخر لله ساجداً فلا يرفع رأسه من الدعاء والتحميد حتى يقرب زوال الشمس، وكان يدعو كثيراً فيقول: (اللهم إنّي أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب) ويكرر ذلك. (كشف الغمة: 247)


4ـ قال هشام بن أحمر: كنت أسير مع أبي الحسن في بعض طرق المدينة، إذ ثنى رجله عن دابته فخر ساجداً فأطال وأطال، ثم رفع رأسه وركب دابته.

فقلت: جعلت فداك قد أطلت السجود؟

فقال: إني ذكرت نعمة أنعم الله بها عليّ، فأحببت أن أشكر ربي. (بحار الأنوار 11/266)


5ـ كان يبكي من خشية الله حتى تخضل كريمته الشريفة من دموع عينيه. (كشف الغمة: 247)


6ـ ولكثرة سجوده فقد كان له غلام يقص اللحم من جبينه، وعرنين أنفه، فقد نظم بعض الشعراء ذلك بقوله:

طالت لطول سجود منه ثفنته***فقــرحت جبهة منه وعرنينا

رأى فراغته في السجن منيته***ونعمة شكر الباري بها حينا

(حياة الإمام موسى بن جعفر 1/83)


7ـ قال علي بن جعفر: خرجنا مع أخي موسى بنجعفر في أربع عمر، يمشي فيها إلى مكة بعياله وأهله، منهن من مشى فيها ستة وعشرين يوماً، وأخرى خمسة وعشرين يوماً، وأخرى أربعة وعشرين يوماً، وأخرى واحداً وعشرين يوماً. (بحار الأنوار 11/262)


8ـ كان (عليه السلام) أحسن الناس صوتاً بالقرآن، فكان إذا قرأ يحزن ويبكي، ويبكي السامعون لتلاوته، وكان يبكي من خشية الله حتى تخضل لحيته بالدموع. (المناقب 2/379)


9ـ قال إبراهيم بن أبي البلاد: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): إنّي أستغفر الله كل يوم خمسة آلاف مرة. (بحار الأنوار 11/267)


10ـ كان لموسى بن جعفر بضع عشرة سنة، كل يوم سجدة بعد ابيضاض الشمس إلى وقت الزوال. (المناقب 2/379)


11ـ إنّ الرشيد كان يشرف على الحبس الذي هو فيه فيراه ساجداً فيقول للربيع: ما ذلك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع؟ فيخبره: أنّه ليس بثوب، وإنّما هو موسى بن جعفر، له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى الزوال.

فقال هارون: أما إنّ هذا من رهبان بني هاشم. (أعيان الشيعة 4 ق3/42)


12ـ عن أحمد بن عبد الله الفروي عن أبيه قال: دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح فقال لي: أدن فدنوت حتى حاذيته، ثم قال لي: أشرف إلى البيت في الدار فأشرفت، فقال لي: ما ترى في البيت؟ قلت: ثوباً مطروحا، قال: انظر حسناً، فتأملت ونظرت فتيقنت، فقلت: رجل ساجد. فقال لي: تعرفه؟ قلت: لا، قال: هذا مولاك، قلت: ومن مولاي؟ قال: تتجاهل عليّ؟ فقلت: ما أتجاهل ولكني لا أعرف لي مولى، فقال: هذا أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، إنّي أتفقده الليل والنهار فلم أجده في وقت من الأوقات إلا على الحال التي أخبرك بها، أنه يصلي الفجر، فيعقب ساعة في دبر الصلاة إلى أن تطلع الشمس، ثم يسجد سجدة، فلا يزال ساجداً حتى تزول الشمس، وقد وكل من يترصد الزوال، فلست أدري متى يقول الغلام: قد زالت الشمس إذ يثب فيبتدئ بالصلاة من غير أن يجدد وضوءاً، فاعلم أنّه لم ينم في سجوده ولا أغفى فلا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلاة العصر، فإذا صلى العصر سجد سجدة فلا يزال ساجداً إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلى المغرب من غير أن يحدث حدثاً، ولا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يصلي العتمة، فإذا صلى العتمة أفطر على شوي يؤتى به، فلم يجدد الوضوء ثم يسجد ثم يرفع رأسه فينام نومة خفيفة ثم يقوم فيجدد الوضوء ثم يقوم فلا يزال يصلي في جوف الليل حتى يطلع الفجر، فلست أدري متى يقول الغلام: إنّ الفجر قد طلع إذ قد وثب هو لصلاة الفجر، فهذا دأبه منذ حُوّل إليّ.

فقلت: اتق الله ولا تحدث في أمره حدثاً يكون منه زوال النعمة، فقد تعلم أنّه لم يفعل أحد بأحد منهم سوءاً إلا كانت نعمته زائلة.

فقال: قد أرسلوا إليّ في غير مرة يأمروني بقتله فلم أجبهم إلى ذلك وأعلمتهم أني لا أفعل ذلك، ولو قتلوني ما أجبتهم إلى ما سألوني. (أمالي الصدوق: 127)


13ـ قالت أخت السندي: وقد سجن الإمام (عليه السلام) في بيت أخيها ـ كان إذا صلى العتمة حمد الله ومجّده ودعاه، فلم يزل كذلك حتى يزول الليل، فإذا زال الليل قام يصلي حتى الصبح، ثم يذكر قليلاً حتى تطلع الشمس، ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى، ثم يتهيأ ويستاك ويأكل، ثم يرقد إلى قبل الزوال، ثم يتوضأ ويصلي حتى يصلي العصر، ثم يذكر في القبلة حتى يصلي المغرب، ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة، فكان هذا دأبه.

فكانت أخت السندي إذ نظرت إليه قالت: خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل. (تاريخ بغداد 13/31)



سيرته

هذه مقتطفات من سيرة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، وشذرات من سجاياه الفاضلة، وأخلاقه الحميدة، وما أحوجنا اليوم إلى السير على هدى هذه السيرة الغراء، والتخلق بمثل هذا الخلق الكريم، لنحقق ما نهدف إليه من خير وسعادة، ونستعيد ماضينا المجيد.

نذكر بعض ما ورد من سيرته (عليه السلام):



1ـ روي أنّ رجلاً كان بالمدينة يؤذي أبا الحسنموسى (عليه السلام)، ويسبّه إذ رآه، ويشتم علياً (عليه السلام)، فقال له أصحابه، دعنا نقتل هذا الفاجر، فنهاهم عن ذلك وزجرهم أشد الزجر، وسأل عن الرجل فأخبر أنّه خرج إلى زرع له، فخرج إليه ودخل المزرعة بحماره فصاح به الرجل لا تطأ زرعنا، فتوطأه أبو الحسن (عليه السلام) بالحمار حتى وصل إليه، فنزل وجلس عنده، وباسطه وضاحكه وقال: كم غرمت على زرعك هذا؟

فقال: مائة دينار.

فكم ترجو أن يحصل منه؟

قال: لست أعلم الغيب.

قال: إنما قلت: كم ترجو أن يجيئك فيه.

قال: أرتجي فيه مائتي دينار. فأخرج له أبو الحسن صرة فيها ثلاثمائة دينار وقال: هذا زرعك على حاله، والله يرزقك ما ترجو. فقام فقبّل رأسه وسأله أن يصفح عن فارطه، فتبسم إليه أبو الحسن وانصرف، وراح إلى المسجد فوجد الرجل جالساً، فلما نظر إليه قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته.

فوثب أصحابه فقالوا: ما قصتك؟ قد كنت تقول غير هذا!!

فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن، وجعل يدعو لأبي الحسن (عليه السلام)، فخاصمهم وخاصموه.

فلما رجع أبو الحسن (عليه السلام) إلى داره قال لأصحابه الذين أشاروا بقتل الرجل: كيف رأيتم أصلحت أمره وكفيت شره. (كشف الغمة: 247، تاريخ بغداد 13/29)



2ـ مرّ (عليه السلام) برجل من أهل السواد دميم المنظر فسلم عليه، ونزل عنه، وحادثه طويلاً، ثم عرض عليه نفسه في القيام بحاجة إن عرضت.

فقيل له: يا بن رسول الله أتنزل إلى هذا ثم تسأله عن حوائجه وهو إليك أحوج؟!

فقال (عليه السلام): عبد من عبيد الله، وأخ في كتاب الله، وجار في بلاد الله، يجمعنا وإياه خير الآباء آدم، وأفضل الأديان الإسلام، ولعل الدهر يرد من حاجتنا إليه فيرانا بعد الزهو عليه متواضعين بين يديه، ثم قال:

نواصل من لا يستحق وصالنا***مخافة أن نبقى بغير صديق

(تحف العقول: 305)



3ـ حج هارون الرشيد فأتى قبر النبي (صلى اللهعليه وآله) زائراً وحوله قريش وأفياء القبائل، ومعهموسى بن جعفر، فلما انتهى إلى القبر قال:السلام عليك يا رسول الله، يا بن عمي، افتخاراً على من حوله. فدنا موسى بن جعفر فقال:السلام عليك يا أبه، فتغير وجه هارون وقال: هذا الفخر يا أبا الحسن. (تاريخ بغداد 13/31)



4ـ اعتق (عليه السلام) ألف مملوك. (حياة الإمامموسى بن جعفر 1/89)



5ـ عن الحسن بن علي بن حمزة عن أبيه قال: رأيت أبا الحسن... يعمل في أرض وقد استنقعت قدماه في العرق.

فقلت جعلت فداك أين الرجال؟!

قال: يا علي قد عمل باليد من هو خير مني في أرضه ومن أبي.

فقلت: ومن هو؟

فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) وآبائي كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم، وهو من عمل النبيين والمرسلين والأوصياء والصالحين. (بحار الأنوار 11/266)


6ـ عن معتب قال: كان أبو الحسن يأمرنا إذا أدركت الثمرة أن نخرجها فنبيعها ونشتري مع المسلمين يوماً بيوم. (بحار الأنوار 11/267)


7ـ قال يحيى بن خالد يوماً لبعض ثقاته: أتعرفون لي رجلاً من آل أبي طالب ليس بواسع الحال، يعرفني ما أحتاج إليه ـ يريد التعرف منه على أخبار الكاظم (عليه السلام) ـ فدل على علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد، فحمل إليه يحيى بن خالد مالاً، وكان موسى يأنس إليه ويصله وربما أفضى إليه أسراره كلها، فكتب ليشخص، فأحسموسى بذلك فدعاه فقال: إلى أين يا بن أخي؟

قال: إلى بغداد.

قال: وما تصنع؟

قال: عليّ دين وأنا مُملق.

قال: فأنا أقضي دينك، وأفعل بك وأصنع.

فلم يلتفت إلى ذلك.

فقال له: انظر يا بن أخي لا تؤتم أولادي، وأمر له بثلاثمائة دينار، وأربعة آلاف درهم. فلما قام من بين يديه، قال أبو الحسن موسى (عليه السلام) لمن حضره: والله ليسعَيَنّ في دمي، ويؤتمَنّ أولادي.

فقالوا له: جعلنا الله فداك فأنت تعلم هذا من حاله وتعطيه وتصله؟!

فقال لهم: نعم، حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن الرحم إذا قطعت فوصلت فقطعت قطعها الله، وإنّي أردت أن أصله بعد قطعه لي، حتى إذا قطعني قطعه الله.

قالوا: فخرج علي بن إسماعيل حتى أتى يحيى بن خالد، فتعرف منه خبر موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فرفعه إلى الرشيد وزاد فيه، ثم أوصله إلى الرشيد فسأله عن عمه، فسعى به إليه، وقال له: إنّ الأموال تحمل إليه من المشرق والمغرب، وإنّه اشترى ضيعة سماها (اليسيرية) بثلاثين ألف دينار، فقال له صاحبها وقد أحضر المال: لا آخذ هذا النقد، ولا آخذ إلا نقد كذا وكذا، فأمر بذلك المال فرد، وأعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سأل بعينه.

فسمع ذلك منه الرشيد وأمر له بمائتي ألف درهم يسبب بها على بعض النواحي، فاختار علي بعض كور المشرق، ومضت رسله لقبض المال، وأقام ينتظر وصوله، فدخل في تلك الأيام إلى الخلاء فزحر زحرة خرجت منها حشوته كلها فسقط، وجهدوا في ردها فلم يقدروا، فوقع لما به، وجاءه المال وهو ينزع فقال: ما أصنع به وأنا في الموت، فرد المال إلى خزانة الرشيد، وخسر علي الدنيا والآخرة. (أعيان الشيعة 4 ق3/70، أصول الكافي 1/485 بلفظ مقارب)



وصاياه

في كتب الحديث والتاريخ والسير وصايا كثيرة للإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، كان يوصي بها أولاده وشيعته، وتعتبر هذه الوصايا من أنفس التراث الإسلامي الخالد لما احتوته من أخلاق ومواعظ وآداب ومعارف وحكم، وما أحوج المسلمين اليوم إلى الأخذ بها والسير على هداها، ليستعيدوا ماضيهم المجيد، ويسترجعوا مجدهم التليد.

نسجل في هذه الصفحات بعض وصاياه (عليه السلام):



1ـ من وصية له (عليه السلام) إلى بعض ولده:

يا بني إياك أن يراك الله في معصية نهاك عنها، وإياك أن يفقدك الله عند طاعة أمرك بها، وعليك بالجد، ولا تخرجن نفسك من التقصير في عبادة الله وطاعته، فإن الله لا يعبد حق عبادته، وإياك والمزاح فإنّه يذهب بنور إيمانك، ويستخف بمروءتك، وإياك والضجر والكسل، فإنهما يمنعان حظك من الدنيا والآخرة. (بحار الأنوار 17/203)



2ـ من وصية له (عليه السلام) لبعض شيعته:

أي فلان اتق الله وقل الحق وإن كان فيه هلاكك فإنّ فيه نجاتك، أي فلان اتق الله ودع الباطل وإن كان فيه نجاتك، فإنّ فيه هلاكك. (تحف العقول: 301)



3ـ من وصية له (عليه السلام):

اجعلوا لأنفسكم حظاً من الدنيا بإعطائها ما تشتهي من الحال، وما لا يثلم المروءة وما لا سرف فيه، واستعينوا بذلك على أمور الدين، فإنّه روي: ليس منا من ترك دنياه لدينه, أو ترك دينه لدنياه. (موسوعة العتبات المقدسة: 217)



4ـ من ووصية له (عليه السلام):

تفقهوا في الدين، فإن الفقه مفتاح البصيرة، وتمام العبادة، والسبب إلى المنازل الرفيعة، والرتب الجليلة في الدين والدنيا، وفضل الفقيه على العابد، كفضل الشمس على الكواكب، ومن لم يتفقّه في دينه لم يرض الله له عملاً. (بحار الأنوار 17/203)



عطاياه وصدقاته

من خصائص أئمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) البر والإحسان إلى كافة الطبقات، وكانوا يخصون الطبقة الضعيفة بجزيل فضلهم وعطاياهم، حتى كان من منهجهم في الليالي هو التطواف على بيوتات الفقراء والمساكين بالأغذية والنقود وهم لا يعرفونهم. نذكر في هذه الصفحات بعض ما ورد للإمام موسى الكاظم (عليه السلام):


1ـ كان يتفقد فقراء المدينة بالليل فيحمل إليهم العين والورق والدقيق والتمر، فيوصل ذلك إليهم ولا يعلمون من أي جهة هو. (كشف الغمة: 247، المناقب 2/279)


2ـ قال بان الصباغ المالكي: كان موسى الكاظم (عليه السلام) أعبد أهل زمانه، وأعلمهم، وأسخاهم كفاً وأكرمهم نفساً، وكان يتفقد فقراء المدينة ويحمل إليهم الدراهم والدنانير إلى بيوتهم والنفقات، ولا يعلمون من أي جهة وصلهم ذلك، ولم يعلموا بذلك إلا بعد موته. (الفصول المهمة: 219)


3ـ قال الخطيب البغدادي: وكان سخياً كريماً، وكان يبلغه عن الرجل أنّه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار، وكان يصر الصرر، مائتي دينار، وثلاثمائة دينار، وأربعمائة دينار، ثم يقسمها بالمدينة، وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جاءت الإنسان الصرة فقد استغنى. (تاريخ بغداد 13/28)


4ـ قال محمد بن عبد الله البكري: قدمت المدينة أطلب ديناً فأعياني، فقلت لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى فشكوت إليه، فأتيته في ضيعته فذكرت له قضيتي فدخل ولم يقم إلا يسيراً حتى خرج إلي، فقال لغلامه: اذهب، ثم مد يده إليّ فرفع إلي صرة فيها ثلاثمائة دينار ثم قام فولى، فركبت دابتي فانصرفت. (كشف الغمة: 247، تاريخ بغداد 13/28)


5ـ قال عيسى بن محمد بن مغيث القرطبي: زرعت بطيخاً وقثاءً وقرعاً في موضع بالجوانية على بئر يقال لها (أم عظام) فلما قرب الخير واستوى الزرع بغتني الجراد فأتى على الزرع كله، وكنت غرمت على الزرع وفي ثمن جملين مائة وعشرين ديناراً، فبينما أنا جالس إذ طلع موسىبن جعفر بن محمد فسلم ثم قال: أي شيء حالك؟

فقلت: أصبحت كالصريم، بغتني الجراد فأكل زرعي.

قال: وكم غرمت فيه؟

فقلت: مائة وعشرين دياراً مع ثمن الجملين.

فقال: يا عرفة زن لأبي المغيث مائة وخمسين ديناراً فربحك ثلاثون ديناراً والجملان.

فقلت: يا مبارك ادخل وادع لي فيها بالبركة.

فدخل ودعا وحدثني عن رسول الله (صلى اللهعليه وآله) أنه قال: تمسكوا ببقايا المصائب. ثم علقت عليه الجملين وسقيت، فجعل الله فيها البركة وزكت، فبعت منها بعشرة آلاف. (أعيان الشيعة 4 ق3/44، كشف الغمة: 243)


6ـ كان (عليه السلام) يصل بالمائة دينار إلى الثلاثمائة دينار. (المناقب 2/379)


7ـ دخل عليه بعض الفقراء يسأله، فأعطاه ألف دينار. (حياة الإمام موسى بن جعفر 1/96)


8ـ أهدى إليه زنجي عصيدة وحزمة حطب، فاشتراه والضيعة ـ التي يعمل فيها ـ من مولاه وأعتقه، ووهب له الضيعة. (تاريخ بغداد 13/30)