سطح قمر يوروبا المجمّد والمتصدع، كما يظهر في هذه الصورة الفسيفسائية الملونة التي التقطتها المركبة الفضائية
كيفن هاند -المتخصص في علم الأحياء الفلكي- يتهيأ لوضع مسبار تحت جليد بحيرة سوكوك في ألاسكا. فعندما سيصل أحد المسابير إلى قمر يوروبا في نهاية المطاف، سيكون بحثه عن إشارات حياة على شاكلة هذه الاختبارات الأولية التي يقوم بها هاند.
يتقدم (مسبار لاستكشاف ما تحت الجليد) (BRUIE) ببطء في الجانب السفلي من الجليد السطحي، في إطار اختبار أُجري داخل بحيرة سوكوك.
prev
next
توأم كوكبنا
بقلم: مايكل ليمونيك
عدسة: مارك ثايسين
وعلى بعد أكثر من 7000 كيلومتر عن ذلك المكان باتجاه الجنوب، تخوض بينيلوب بوسطن -المتخصصة في علم الأحياء الدقيقة الجيولـوجـية (Geomicrobiology)- برجلـيها وسـط المياه الموحلة التي وصلت إلى ربلة ساقيها داخل كهف مظلم في المكسيك، على عمق يتجاوز 15 متراً. تضع بوسطن -على غرار العلماء المرافقين لها- جهاز تنفس متين على وجهها وتحمل خزان هواء إضافي لمواجهة غازَي كبريتيد الهيدروجين وأول أوكسيد الكربون شديدي السمّية، واللذان غالبا ما ينفذان إلى داخل الكهف. أما المياه التي تندفع حول رجليها فتحتوي على قدر ضئيل من الحمض الكبريتي. وفجأة، سلّط المصباح المثبت على ناصيتها الضوء على قُطيرة ممدودة من سائل كثيف وشبه شفاف نزَّ من جدار متفتت أبيض اللون. فصاحت بوسطن قائلة: "ما أجمل هذا الأمر!"
قد يقدّم هذان الموقعان (بحيرة في المنطقة القطبية الشمالية المتجمدة وكهف بأجواء عالية السُّمية في المنطقة الاستوائية) مفاتيح لحل أحد أقدم الألغاز الأشد إثارةً على وجه الأرض: هل هناك حياة خارج كوكبنا؟ فمن الممكن أن تكون الحياة في كواكب أخرى، سواء في مجموعتنا الشمسية أم في كواكـب أخرى تدور حول نجوم بعيدة، قد ظلت مستمرة في المحيطات المغطاة بالجليد كتلك الموجودة في قمر "يوروبا" التابع لكوكب المشتري، أو في الكهوف المغلقة المليئة بالغازات والتي يمكن أن تتوافر أعداد كثيرة منها في كوكب المريخ. فإذا استطاع المرء أن يعزل ويحدد أشكال الحياة التي تنمو في أشباه هذه الأصقاع البعيدة في الأرض، فقد خطا خطوة جبّارة في البحث عن الحياة في مكان آخر من الكون.
يصعب التحديد الدقيق للفترة التي تحوّل فيها البحث عن الحياة بين النجوم من دائرة الخيال العلمي إلى ساحة العلم الرحبة. لكن لقاءً عُقد في نوفمبر 1961 حول علم الفلك مثّل إحدى المحطات التاريخية البارزة في هذا المجال نظمه فرانك دريك الذي كان وقتذاك عالماً شاباً في مجال علم الفلك الإشعاعي تأسره فكرة البحث عن الإشارات اللاسلكية الصادرة عن الكواكب الأخرى في الكون.
يتذكر دريك الذي يبلغ من العمر حالياً 84 سنة أنه عندما دعا إلى عقد الاجتماع، كان "مشروع البحث عن حياة محتملة خارج الأرض" (اختصاراً SETI) "من أكبر المحرمات في علم الفلك". لكن دريك تمكن بمباركة من مدير المختبر الذي كان يعمل فيه من دعوة مجموعة من علماء الفلك والكيمياء والأحياء والمهندسين بمن فيهم عالم شاب متخصص في علم الكواكب يدعى كارل ساغان، لمناقشة ما يسمى حاليا بعلم الأحياء الفلكي (Astrobiology) الذي يتناول دراسة الحياة خارج الأرض. كان دريك يريد بالتحديد رأياً متخصصاً للحسم في مدى وجاهة تخصيص وقت مهم للتنصت بواسطة مرقاب (تلسكوب) راديوي للإشارات اللاسلكية الصادرة عن الكواكب الأخرى، ولتحديد الطريقة الأكثر نجاعة للبحث في هذا الاتجاه؛ إذ كان دريك يتساءل عن عدد الحضارات الذكية التي يُحتمل وجودها هنالك. لذا عمد قبل قدوم ضيوفه إلى خطِّ رموز معادلة على السبورة