يبدو أن الجيوش علمتنا الكثير بشأن طرق اختيار الوجبات المليئة بالعناصر الغذائية، والمحتوية على سعرات حرارية عالية -يحتاج الجندي نحو 4000 سعر حراري يومياً- وتلك الخفيفة الوزن، وسهلة النقل، والتي تمتد فترة صلاحيتها مدة طويلة، على أن تكون في الوقت ذاته رخيصة السعر.
وكذا بالنسبة لأساليب حفظ الأطعمة وحمايتها من التلف، إذ إن حاجتها لحفظ كميات كبيرة من الطعام لفترات طويلة جعلتها تجري دراسات وأبحاثاً عديدة حول ذلك الأمر للدمج بين كل تلك المزايا.
ومن هذا المنطلق، تعد الجيوش صاحبة فضل كبير في اكتشاف بعض الطرق الخاصة بتحضير أنواع الأطعمة، وأيضاً جعلتنا نختارها في قائمة طعامنا اليومي، بحسب ما لفتت إليه النسخة التركية لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.
اكتشاف الخميرة
تؤكد الكاتبة أنستازيا ماركس دي سالسيدو، صاحبة كتاب Combat ready kitchen، أن للأبحاث العسكرية الفضل في اكتشاف مسحوق الخميرة الجافة التي نستخدمها.
الحفاظ على ليونة الخبز
قديماً كان الخبز يتصلب تماماً في غضون أيام من خبزه، وذلك لأنه أثناء خبزه يتم إبطال مفعول إنزيم الأميليز الذي بدوره يكسر روابط النشا، وهي المسؤولة عن الحفاظ على الخبز طرياً.
لكن، في منتصف القرن العشرين، اكتشف علماء التغذية في الجيش الأميركي بالتعاون مع جامعة كانساس الأميركية طريقة لحل تلك المشكلة، وذلك عن طريق إضافة إنزيم الأميليز المقاوم للحرارة إلى عجين الخبز، وبذلك يستطيع الخبز المحافظة على ليونتهِ لفترة طويلة.
بعد اكتشاف ذلك، بدأ الخبز يصنع بهذه الطريقة في الجيش، وبعد فترة انتقلت الفكرة إلى المتاجر والمجمعات الاستهلاكية وحتى يومنا هذا.
إناء الضغط
طريقة طهي الأطعمة تحت ضغط عالٍ بدلاً من استخدام الحرارة، وذلك للقضاء على الميكروبات وتعقيم الطعام، هي ابتكار آخر للجيش، انتقل مؤخراً إلى الاستهلاك العام.
طريقة التعليب
يعود أصل بعض الأطعمة المعلبة إلى الحروب أيام نابليون بونابرت، إذ أرادت الحكومة الفرنسية حينها إيجاد طريقة لحماية المؤن العسكرية لفترة طويلة.
إطالة مدة الصلاحية
توفر الأطعمة الرطبة جواً مناسباً لنمو البكتريا أكثر بكثير من الأطعمة الجافة، لكن إشكالية إطالة مدة صلاحية المواد الغذائية لا تكمن في معدل الرطوبة، بل في مدى تحرك جزيئات الماء بحرية داخل الأطعمة بدون وجود أي شيء يقاومها.
الظاهرة المعروفة بنشاط المياه لها الفضل في إطالة مدة الصلاحية، عبر تخفيض نشاط الجزيئات إلى مستوى مناسب لا يصل إلى الجفاف، وذلك لأن تلك الجزيئات هي التي تسبب فساد الأطعمة.
الملح والسكر
تؤكد الكاتبة أن الأبحاث التي أجراها الجيش الأميركي بتمويلٍ من وكالة ناسا الفضائية، منتصف القرن العشرين، ركَّزت علي التلاعب في نشاط المياه؛ كي لا تتسبب في فساد الأطعمة المبكر، ومن هنا جاءت فكرة إضافة الملح والسكر إلى الأطعمة، لربط نشاط المياه دون التسبب في جفاف الأطعمة.
وبمعنى آخر، يُمكن ترك رقائق البسكويت المجفف والجبنة الرطبة في علبة مغلقة لسنوات، دون أن تؤثر على بعضها البعض، طالما أن لديها نشاط المياه نفسه، فلا يحدث تبادل لهذا النشاط بين النوعين ما يسبب فسادهما.