الانسان عندما يرى ذلك الخوف من الله عند علي بن الحسين (ع) ، تلك الصلوات التي كانت في الواقع مناجاه _ وحسب تعبير الكسيس كارل _ كانت تحليق الروح نحو الله ( فلم تكن صلاته مجرد ان يقف ببدنه مستقبلا ً القبله وتسرح الروح في مكان اخر ابدا ، كانت كأن الروح قد انفصلت عن هذا البدن ) اجل عندما يرى المرء علي بن الحسين (ع) يسأل نفسه ما هذا الاسلام ؟ وما هذه الروح ؟
عندما يرى المرء علي بن الحسين (ع) يرى كأنه النبي (ص) في محراب عبادته في الثلث الاخير من الليل او كأنه النبي (ص) في غار حراء ، ففي ليله كان الامام (ع) مشغولا ً بالمناجاه والدعاء الذي كان يليق به فوقع احد اولاده من مكان فانكسر عظمه بحيث احتاج الى جبر ، فلم يأت اهل بيته اليه يقطعون عليه عبادته بل ذهبوا وجبروا الكسر وربطوا يد الطفل وقد اشتد صراخه حتى ارتاح الولد وانتهت المسأله ، وفي الصباح يرى الامام (ع) يد ابنه فيسأل عنه فقالوا له حدث كذا وكذا فسأل متى فقالوا ليله امس في الساعه الفلانيه حيث كان منشغلاً بالعباده، فاتضح ان الامام (ع) كان في حاله انجذاب بشكل كانت روحه محلقه نحو الله حتى انه لم يسمع اي صوت من تلك الاصوات.
رسول المحبه
كان زين العابدين (ع) رسول المحبه ، فقد كان(ع) اذا رأى شخصا ً لا اهل له او غريبا ً فقيراً او مسكيناً او شخصاً لا يعتني به احد فكان (ع) يظهر له الموده ويلاطفه ويأتي به الى بيته.
فرأى يوما ً جمعا من المصابين بالجذام ( والكل كان يفر من الجذامى حتى لا تسري اليه العدوى لكن هؤلاء ايضا عباد الله ) فدعاهم (ع) الى بيته واعتنى بهم ، كان بيته (ع) بيت المساكين واليتامى ، بيت من لا حول له ولا قوه .
دعاء وبكاء الامام (ع)
لم تسنح للامام علي بن الحسين(ع) فرصه كالتي سنحت لابيه ابي عبد الله (ع) كما انه لم تتسنى له الفرصه التي تسنت للامام الصادق (ع) ، الا ان الذي يريد خدمه الاسلام يرى في كل موقع فرصه وان كانت الفرص تختلف . فانظروا ماذا قدم الامام زين العابدين (ع) للعالم من فخرظهر بشكل دعاء ، وفي نفس الوقت الذي لبس فيه الامام (ع) لباس الدعاء فقد كان يقوم بنشاطه .
يتخيل البعض ان الامام زين العابدين(ع) لما عاش فتره بعد ابيه ولم يقم بالسيف فهذا يعني ان القضايا صارت منسيه، ابدا ليس الامر كذلك فانه (ع) كان يستفيد من اي مجال ليحفظ ويبقى اثار ثوره ابيه (ع) حيه والا فلماذا كان ذلك البكاء الذي كان (ع) يبكيه وتلك الذكرى ؟ هل انها مجرد حاله رجل يحترق قلبه ويبكي بلا هدف ؟ ام انه يريد ابقاء الواقعه حيه وان لا ينسى الناس لماذا ثار الامام الحسين(ع) ومن هم الذين قتلوه.
من كتاب ( سيره الائمه الاطهار ) للشهيد مطهري مع الاختصار والتصرف