الشيخ محمد بن راشد مع الخمسة فائزين وبينهم هشام الذهبي (أقصى اليسار)
بغداد - سامر يوسف
قبل 12 عاماً، لم يكن يعلم أنه سيدخل مجال منظمات المجتمع المدني، تحديداً التي تعنى بالأطفال وكفالتهم، ولم يكن يفكر بتأسيس دار خاصة تؤوي اليتامى والمشردين ومن كان الشارع مأواه.. #هشام_الذهبي، الذي قال عن نفسه: "كنت شخصاً تقليدياً هامشياً أبحث فقط عن العيش بسلام مع عائلتي"، تجاوز اليوم هذا المفهوم بكل تفاصيله ليصبح واحداً من أبرز شخصيات #المنظمات_المدنية التي تسعى لتوفير العيش الكريم لغير القادرين.
القصة الكاملة لهشام الذهبي كما رواها في مقابلة مع "العربية.نت" بدأت من وحي الأطفال أنفسهم.. #أطفال_الشوارع.. عندما كان يراقب تحركاتهم وحياتهم من بعيد وكيف كانوا يدمنون على الممنوعات ويعيشون الضياع كله، حتى قرر دخول معتركاً لم يكن يعلم ما تبعاته.. لكنه نجح.
هشام الذهبي داخل البيت العراقي للإبداع
ففي العام 2006 حيث الحرب الأهلية العراقية بكامل نشاطها، كان الذهبي عضواً في منظمة اسمها "حماية أطفال كردستان" بعد أن قررت أن يكون لها فرع في #بغداد، لكن في نهاية العام نفسه قتل أحد أفرادها على أيدي مسلحين، وتقرر على إثرها غلق أبواب المنظمة وتسليم الأطفال إلى #الحكومة_العراقية آنذاك.
ولتعلقه الشديد بالأطفال مَنع الذهبي حدوث ذلك، فأخذ على عاتقه مسؤولية عشرات الأطفال عندما استأجر داراً لهم وبدأ برعايتهم شخصياً، ليؤسس بعد ذلك #البيت_العراقي_للإبداع.
قبلها كان الذهبي يرعى 4 أطفال في منزله الخاص قبل دخوله في منظمات المجتمع المدني، وعندما بدأ بعمله الشخصي جمع 47 طفلاً آواهم وتكفل بعيشهم.
بعد ذلك بدأت الأعداد تزداد وبدأ الذهبي أيضاً يكرس كامل وقته لهم، فنظم عيشهم وأدخلهم الحياة العملية بكامل تفاصيلها من خلال صفوف لتعلم الخياطة والحلاقة والعمل على الحاسوب وغيرها من الحرف، إلى جانب ممارسة هواياتهم في الرسم والموسيقى والرياضة وحتى الصحافة والإعلام، حيث أسس إذاعة داخلية يبدأ بثها في الصباح الباكر، تنبه الأطفال وساكني الدار أن وقت الاستيقاظ حان، ومن ثم تعريف كل شخص بواجباته لهذا اليوم، كل هذا جاء بجهود وأموال ذاتية ساهم بها متبرعون من أموالهم الخاصة
تخرج في البيت العراقي للإبداع حتى الآن 150 شخصاً، دخلوه أطفالاً وغادروه شباناً، لهم عملهم وحياتهم الشخصية والزوجية لبعضهم. وهناك أيضاً أكثر من 70 طفلاً يرعاهم الذهبي وفريقه بطريقة غير مباشرة، كأن يكون هو الكفيل لهم مقابل تركهم الشارع وعودتهم إلى مقاعد الدراسة، أو إلى ذويهم من دون إدخالهم إلى البيت العراقي، خاصة ممن كان أبويه أو أحدهما على قيد الحياة.
والآن يحتضن الذهبي 48 طفلاً منهم من لم يكمل الرابعة من عمره، وآخرون تجاوزت أعمارهم العشرين عاماً، ومن بين هؤلاء 8 أشخاص أعطاهم الذهبي اسمه في البطاقة الشخصية إلى جانب أولاده الأربعة، حتى يتمكنوا من دخول المدارس وممارسة حياتهم بشكل طبيعي لأنهم لا يملكون أوراقاً ثبوتية شخصية.
والمفارقة أنه لم يدخل الفتيات إلى داره خشية من لومه أو انتقاده أو حتى إتهامه من قبل البعض باستغلالهن في أمور أخرى، وهو ما اعتبره تناقضاً يعاني منه بعض أفراد المجتمع بقوله: "تترك الفتاة في الشارع ولا نعرف إلى ماذا تتعرض من ضغوطات أو تحرش، ولا يتقبل المجتمع إيواءها في بيت يؤهلها لعيش حياة طبيعية".
كل هذا وأكثر هو من أوصل الذهبي ليكون أحد الفائزين الخمسة بجائزة "صنّاع الأمل"، التي جاءت بمبادرة من #حاكم_دبي #الشيخ_محمد_بن_راشد آل مكتوم قبل أيام قليلة.
وعند سؤاله عن خططه المقرونة بالجائزة، قال الذهبي: "أريد أرضاً أبني عليها مركزاً متكاملاً للطفل يحتوي على دار للأيتام الذكور وآخر للفتيات وثالث للمسنين، إضافة إلى مركز للاستشارات النفسية"، وهنا طالب الحكومة العراقية لأول مرة بتوفير الأرض له "لأن جائزة الأمل وحدها غير كافية لتنفيذ هذا المشروع" الذي يطمح أن يكون ورقة ضغط على الجهات المسؤولة للاهتمام بالطفل، وكل شخص يحتاج الرعاية بالشكل الصحيح. رغم أنه أعلن عن ممنوعاته الثلاثة التي لا يفضل التعامل معها، وهي كل من الأحزاب السياسية والمنظمات الأجنبية والحكومة."
الآن وبعد كل هذه السنين من الجهود المبذولة، أصبح للذهبي دور خاص في مجال #رعاية_الأيتام و"أطفال الشوارع"، حيث بات يتلقى الكثير من الطلبات لإيواء أطفال كثر يبحثون عمن ينتشلهم من واقع غير صالح للعيش تماماً، وبعد تجربة جعلت الكثير من أطفال هذه الدار متفوقين على أقرانهم في عملهم تارة وفي دراستهم تارة أخرى.
يذكر أن الشيخ محمد بن راشد قد منح 5 أشخاص لقب "صنّاع الأمل"، تقديراً منه لما قدموه من مجهودات إنسانية، وذلك خلال حفل أقيم بدبي مؤخراً وبحضور أكثر من 2500 شخص.
وقدم حاكم دبي مكافأة مالية بقيمة مليون درهم لكل منهم، لتبلغ قيمة جائزة "صنّاع الأمل"، الذين جاؤوا من مختلف أقطار الوطن العربي، 5 ملايين درهم، فيما يعتبر #جائزة_العطاء الأغلى من نوعها في العالم.
ويتم اختيار الفائزين بالمسابقة عن طريق تصويت كل من الجمهور الحاضر في الحفل وأعضاء لجنة التحكيم. وتهدف مبادرة "صنّاع الأمل" إلى إلقاء الضوء على مبادرات الأمل في العالم العربي.
http://ara.tv/mpjys