حرائـــق اللهفة
(44)
أيّتها الثَمَرَةُ الممنوعةُ عنّي ..كلّما مررتُ بشجَرَةٍ أحتاجُك ..كلما تَفَيأتُ ظلالها أفتقدك ..كثيرة هي القصائدُ والنّصوصُ التي كتَبْتُها إليك ..كثيرة هي الحروفُ التي كانتْ تعبرُ
المدى ، تبحثُ عنكِ ..هل كانَ بإمكانِ أنثى تملكُ الفطنةَ والذائقة أنْ تمرَّ عليها دونَ أنْ تُحرّك َوجدانَها ؟
هلْ تستطيعُ أن تبنيَ حاجزا بينها وبين الكلمات ِوتنجحُ في مُقاومتها ؟
كنتُ أريدُ أن ْأحاصرَكِ بالكلمات ، أن ْأستبقيكِ بها ، أن ألاحقك ِفي روابي الرّوحِ تحتَ ذريعة ِالكتابة ، وجدتُ الكتابة َرسائل َلمْ أفكرْ بصياغتها لأنثى من قبلك ..أو بعدك ...
فأنتِ الحدّ الفاصل ُبينَ ما أريدُ وما لا أريد ...حرائق كانتْ نائمة ًفي وجداني منذ عقود وانفجرت ْ كبركان ٍ مُفاجيء ..هل كنتُ أكتبُك ِقبل كتابتي إليك دون أن أشعرَ بذلك .؟ .
قبْلَك ِكانت القصيدةُ أنثى عابرة ، في مرحلة من مراحل العمر ، أنثى تسوقفُ القلمَ في ضحكة ٍ بريئة ، أو نظرة ٍ حالمة ، كانت القصيدة ترسمُها دون جُهدٍ أو تنقيب ٍ في مفردات ِ أبجديتنا ، دون عناء البحث ِ في جماليات لغتنا المدهشة ...
ولك ِ ...
أصبحتِ الكتابة مُتعة ، والإهتمام في شكل الكلمات ، وانتقاء ما يليق بأناقة حضورك ورقة مشاعرك وجمال وصفك ..الكتابة يجبُ أن تكونَ َعلى مقاس جمالك ِ وجنوني ..
أصبحتُ عاشقاً للكلمات ِالتي تُشبهُك ِ، تجذبني نون النسوة ، تُسحرني تاء التأنيث ..تُبعثرني عبارات ُالوجد والشوق واللهفة .
أليستِ الأبجدية أنثى ؟
تقود بوصلة قلوبنا نحوها ، لا نستطيع ُالهروب من طريقها ، ولا مُقاومة سحر معانيها ، وجمال دلالاتها وايحاءاتها .
هل تقرأين َ كلماتي ، أم تحول التضاريسُ والحواجز بينَكِ وبيْنها ؟
هل ترسم الدهشة على جدران قلبك ؟ أم أنّها تصلُ مثل أحلامنا متأخرة ؟
هل للكلماتِ وَقعٌ وأثرٌ إذا وصلت ْ متأخرة ؟
هل تملك ُالكلماتُ القدرة َعلى التعبير عن كلّ ما يجول بأنفسنا ؟ رغم محاولاتنا أن نسافرَ في هوائها ، التحليق في فضائها ، أن نمنحها نبضنا وهمسنا وأحلامنا وبوْحنا ..
اقتربي ...
اجلسي على مقعد ٍ جِوار كلماتي ..وتأملي ما تحمله لك من شوق ..اقرأيها ، فقد هيأتُ لك حديقة ً مليئة ً بالزنابق والأقحوان .
الوليد دويكات