من يطلع على اديان الحضارات القديمة، و يقرأ قليلا في تاريخ الاديان المقارن سوف يكتشف بسهولة ان الاديان الحية اليوم منسوخة من الاديان القديمة الميتة بشكل واضح .. و هنالك تشابه كبير لا يمكن تجاهله ..
فاليهودية التي تفرعت منها ديانتي المسيحية و الاسلام، هي نفسها منسوخة من ديانات و اساطير حضارة سومر و بابل و آشور .. ثم فيما بعد تأثرت المسيحية اكثر بالحضارة اليونانية، و الاسلام اكثر بالحضرات الشرقية الموازية ..
قصة طوفان نوح تكاد تطابق قصة طوفان "اتو بشتيم" في ملحمة جلجامش حرفياً : "يا أتو يشتيم إبني سفينة و احمل فيها اثنين من كل ذي حياة".
و قصة موسى تشابه كثيراً قصة الملك الآشوري الاسطوري "سرجون". فكما يصفها توماس رومير : الاثنان لا يعرفان اباهما؛ امهاتهما اخفتهما اول الامر ثم القتهما في نهر. الاثنان وضعا في صندوق طُلي بالقار. كلاهما عثر عليهما و تبناهما فاعل خير. هذا التبني شرعن ملكية سرجون و أدخل موسى الى بلاط فرعون.
قصة الخلق الموجودة في الاديان الحية اليوم هي نفسها موجودة في اديان الحضارات القديمة، حيث خلق الكون في سبعة ايام من قبل سبعة آلهة، و من اساطير تلك الحضارات جاءت قدسية الرقم ٧ التي نراها ماثلة في الاديان التي لا تزال حية، سبع سماوات و سبع ارَضين .. و غيرها مثل "سبع بقرات عجاف يأكلهن سبعٌ سمان" كما جاء في قصة يوسف المقتبسة اصلاً من الحضارة المصرية ..
و كذلك قصة ادم و حواء التي تم نسخها الى العهد القديم "اليهودية" ثم العهد الجديد "المسيحية" ثم الى الاسلام ..
و اسم آدم في السومرية هو "آدابا" و يعني الرجل الذي خلق من صلصال، و خلقت حواء من ضلعه حتى تكون مطيعة له .. و هنالك اجزاء في القصة الاصلية تم حذفها في التوراة لأنها تتعارض مع جوهر الدين الجديد ..
كلمة "الله" نفسها هي كلمة سومرية في الواقع تعني الإله الاعظم خالق كل شيء .. و كذلك كلمة "مهدي" هي كلمة سومرية ايضاً .. و تعني : الغائب العظيم.
و لذا تلاحظ ان الاديان الجديدة تنقل نفس الاساطير و القصص و المواعظ الموجودة في الاديان القديمة حاذفة منها ما لا يلائم جوهرها الجديد، و بهذه الطريقة تطورت الديانات عبر التاريخ ..
عندما نقول اول الحضارات فنحن نتحدث عن بداية التاريخ، بداية الكتابة و الفن و الاساطير، و ما تلى ذلك من تطور في كل مجالات الحياة حتى يومنا هذا يرجع في الاصل الى تلك الحضارات.
من يطلع قليلاً سوف يعرف ان تاريخ الاديان مر بمراحل لها اسبابها الخاصة والتي اصبحت اليوم مدروسة و معروفة من قبل كثير من الشعوب ..
و بالرغم من تداخل هذه المراحل مع بعضها البعض احياناً، الا ان الكثير من علماء المقارنة بين الاديان يرون انه في البداية آمن الانسان بوجود الروح و آمن بالتناسخ و الحساب بعد الموت، ثم ظهرت عبادة الظواهر الطبيعية مثل الشمس و النجوم و الانهار ثم فكر الانسان ان هنالك خالق فوق الطبيعة كلها، وهو الذي خلق كل شيء، فبرز التوحيد، و عبادة الخالق الواحد، ثم جاءت مشكلة كبيرة و هي كيف لهذا الخالق ان يخلق الشر و الفيضانات و الزلازل و الكوارث الطبيعية، و كيف يتم تفسير الطبيعة و الحياة و الموت و آلام الانسان و امراضه و اللعنات التي تصيبه كلها عن طريق خالق واحد هو رحيم يحب الانسان ؟ فتعددت الآلهة لكي يستطيع الانسان تفسير كل ذلك .. و صار هنالك الهة للشر و اخرى للخير ..
ثم بعد التعدد جاءت مرحلة الترجيح و التمييز، ثم رجع التوحيد من جديد، حيث اقترحت الديانة اليهودية ان هنالك خالق واحد لا غير، ولكنه خلق الخير و الشر معاً، فخلق الملائكة و خلق الشيطان ايضاً .. و خلق حواء من ضلع آدم .. و هو اقتراح مستوحى من الاساطير البابلية ايضاً ..
و بعد ان رجع التوحيد ظهر التعصب على اشد اوجهه، حيث ارادت كل جماعة ان تفرض عبادة الهها الواحد الاحد على البشر جميعاً ..
Ibrahim Hashim Ibrahim
المصادر :
متون سومر، انجيل سومر، انجيل بابل، اديان و معتقدات ما قبل التاريخ
ل خزعل الماجدي ..
كتاب العفيف الاخضر
اصلاح الاسلام
كتب فراس السواح