miss nau nau
ادام الله سماحتها.
تاريخ التسجيل: December-2014
الجنس: أنثى
المشاركات: 27,136 المواضيع: 1,747
صوتيات:
39
سوالف عراقية:
0
مزاجي: مشمش
"الأرض مسطحة والإنسان لم يذهب إلى القمر والغرب يخدعنا وأصلاً هذه مؤامرة"
الأرض كروية أم مسطحة؟ بمجرد قراءة السؤال أو سماعه سيظن البعض أنها دعابة أو "ألشة سخيفة". لكن صدقوا أو لا تصدقوا، لا يزال الأمر محل شك وتساؤل لدى البعض تماماً كما حدث في الماضي.
في القرن الثامن عشر واجه عالم الفلك جاليليو جاليلي رجال الكنسية لإثبات أن الأرض كروية وتدور حول الشمس وذلك لخلاف الاعتقاد بأنها مركز الكون، وهو ما سبب صداماً مع رجال الدين ذو القوة والنفوذ، فاتهموه بالهرطقة والاعتداء على المقدسات المسيحية وكاد يُحرق أو يُسجن مدى الحياة من قبل محاكم التفتيش، لولا إيقاف تنفيذ الحكم.
بعد مئات السنين وفي القرن الـ21 يتكرر نفس الجدل لكن مع تغيير طفيف، سكان الشرق الأوسط بدلاً من الغرب، والدين الإسلامي بدلاً من المسيحي، والسبب كما هو في الماضي: "هل الأرض مسطحة و هل هي مركز الكون؟".
تجاوز أعضاء مجموعة الارض المسطحة والغزو الفضائى الزائف على فيسبوك حتى هذه اللحظة 46 ألف عضواً، ويزاد يومياً بكثرة.
يسلم غالبية الأعضاء بحتمية تسطح واستواء الأرض وإحاطتها بسور جليدي تخفيه الدول الغربية وتحظر الاقتراب منه حتى لا يرى أحد "حافة الأرض". وهم كذلك يؤمنون بكذب وكالة ناسا في كل ما تنشره بشأن الصعود إلى الفضاء أو الهبوط على القمر أو وجود أقمار إصطناعية حول الأرض.
ويكون الرد باتهامات "المؤامرة كبرى، والاعتداء على المقدسات" لكل من يحاول دحض الاعتقادات.
شعور بالدونية
لكن لماذا يعتقد بعض سكان المنطقة أنهم يتعرضون لمؤامرة بصدد هذا الشأن و أن هناك من يخدعهم؟
يجيب على ذلك الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي، بأن البعض لديه شعور بالدونية، وإحساس بالنقص أو العجز، نتيجة التأخر في التقدم العلمي كسائر الدول أو تحقيق إنجازات.
ويقول فرويز لرصيف22 :"يسيطر على هذه الفئات شعور بأن العرب حكموا العالم فترة من الزمان، ومن ثم أصبحوا في الحضيض، ومن ثم استغلال العالم الغربي لهم بالاستعمار والاحتلال، جعلهم يفكرون في نظرية المؤامرة".
ويرى أن هناك بعض الأكاذيب التي تنشرها الدول الأجنبية تجعل البعض يشك في ما يصل له، ويعتبرونه كذب وخداع.
فقد ارتكبت وكالة الفضاء الدولية ناسا خطأً غريباً، جعل المؤمنون بنظرية المؤامرة يزدادون يقيناً بتزيف الصعود إلى الفضاء، ذلك عندما نشرت ناسا على حسابها الرسمي على تويتر صورة مضاف لها تعليق أربك رواد الموقع.
قالت ناسا إن الشمس تظهر في خلفية الصورة مع الأرض. إذا لم تكن خبيراً بكل تأكيد ستلاحظ وجود خطأ.
في الصورة تبدو النجوم واضحة بصورة جلية، بالإضافة إلى ظهور الأضواء في الأرض بوضوح، أي أن الليل هو الذي يلف في تلك البقعة. مرّت دقائق حتى تداركت ناسا الخطأ، ونُشر التصحيح بأن القمر هو الموجود في خلفية الصورة وليس الشمس.
ويفسر فرويز تأثير هذه الأخطاء في نفسية المشاهد قائلاً : "هناك من ينتظر أي خطأ حتى يبني عليه ويحوّل الحقائق إلى أكاذيب ويكون هذا الخطأ دليله على نظرية المؤامرة".
محاكم التفيش بأسلوب العصر
إذا حاولت الاستناد بأي أدلة علمية أو الرجوع بحججك إلى مصادر غربية ستواجه محاكم تفتيش لكن بأسلوب القرن الـ21، عبر سيل من التعليقات التي تؤكد أنك مُغيب وتساعد الغرب في الحرب على الإسلام، وسيكون معد لك سلفاً شتائم وانتقادات لاذعة، ومصيرك الطرد من المجموعة لا محال.
يستدل مجتمع الأرض المسحطة على فرضية أننا لا نرى انحناء الأرض، متغاضين عن صغر حجم الإنسان مقارنة بحجم الأرض والتضاريس الجغرافية.
"لو مسطحة هنقع زرع بصل"
"عايز تبوظلي عقلي وتقولي الأرض بتلف ولا ننزلش زرع بصل (ولا نسقط في الاتجاه المعاكس).. يعني الصبح دكاني في باب الشعرية أدور عليها المغرب ألقيها في روض الفرج، بدفعلكم 30 ساغ (جزء من الجنيه) عشان تبوظوا دماغ الولد".
هذا الحوار الذي دار بين فؤاد المهندس وجمال إسماعيل في مسرحية السكرتير الفني، المعروضة عام 1968. هو حديث بين أب غير متعلم وأستاذ تاريخ وجغرافيا، يتكرر حالياً في القرن 21 ولكن بآلية مختلفة على شبكات التواصل الاجتماعي، مع الأخذ في الاعتبار أن الطرف الرافض لكروية الأرض تخطى الدراسة الجامعة.
في هذا السياق، تقول دكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع، إن نسبة الأمية التي تسيطر على الكثير من البلاد العربية بيئة خصبة لنشر هذه "الخزعبلات"، وأنها تتزايد مع الانتشار التكنولوجي وعدم وجود مؤسسة تُصحح المعلومات المغلوطة.
أما بخصوص سرعة بث الفكرة، تقول خضر:"عندما ينشر مجموعة من الأشخاص معلومة خاطئة داخل إطار الدفاع عن الدين فإنها ستجد استحساناً وقبولاً من بعض الأشخاص، وتبدأ النزعة الدينية تثير البعض ومن ثم تكوّن قاعدة شعبية وتتحول الأكاذيب والخرافات إلى حقائق وتكون أكثر تعقيداً، هو طريقة الجماعات الإرهابية في استقطاب الشباب".
وأضافت لرصيف22، أن وهم المؤامرة يأخذ طرقاً مختلفة فيما بعد، بداية من إنكار الحقائق العلمية وإنكار وجود أشياء مادية، إلى الشعور بأن الشخص مضطهد من الجميع وأن هناك من يسعى لآذيته.
رأي الشرع
يلعب مجتمع الأرض المسطحة على وتر العاطفة الدينية والمؤامرة على الإسلام ليدحض فكرة كروية الأرض أو نظرية التطور والصعود إلى الفضاء وغير ذلك، ولا يؤمن الأعضاء بأي صورة للأرض من الفضاء لظنهم بأن الإنسان لا يستطيع اختراق الغلاف الجوي.
يستند بعضهم إلى النص القرآني القائل "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان"، على أنه ينفي الصعود إلى السماء، و آية "وسخر لكم الشمس والقمر دائبين"، على أنها تفيد بأن الأرض مركز الكون.
وقد استخدم الداعية بندر الخيبري آيات قرآنية لينكر كروية الأرض وزعم بأنها مسطحة، قائلاً : "لو أردنا السفر من مثلا مطار الشارقة إلى الصين، والأرض تدور كما يقولون، فإنها ستأتي وحدها إلى الطائرة الواقفة في السماء، أما لو كانت الأرض تدور حول نفسها فلن تستطيع أن تصل إلى الصين".
إلا أن الاستناد إلى الآية الأولى يوضح الفهم الخاطئ لها، فالعديد من التفسيرات لا تنفي الصعود أو اختراق الفضاء، والبعض قال إن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض، موجهة إلى البشرية في نهاية الزمان أي أنهم لن يهربوا من الموت حتى لو خرجوا من السماء والأرض.
كما أن في هذه التفاسير استناداً حرفياً على النص القرآني. ويرى الدكتور محمد عبدالعاطي عميد كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، أن البعض "يعتمد على الوهم والأدلة الظنية في تفسير الآيات الدينية دون فهم أو تدبر".
أضاف عبدالعاطي لرصيف22، رداً على أن استخدام آية "وإلى الارض كيف سطحت" كدليل يناهض كروية الأرض قائلاً: "هذا الكلام ليس صحيحاً، التسطح هنا يعني أنها مُهدت لتكون صالحة لخدمة الإنسان ولحياته، وذلك على خلاف المعنى المتوارد في ذهن البعض لتفسير التسطح بأنه الاستواء التام".
إلى أين ؟
كان دافع الكنسية ورجال الدين لمحاربة أفكار جاليليو هو الحفاظ على نفوذهم وخوفاً من ضياع السلطة وإظهار زيفهم أمام العامة.
أما الآن ربما يراود القارئ عدة تساؤلات، ما السلطة التي يسعى هذا المجتمع لإستمدادها؟ وماذا سيؤول إليه الوضع بعد الاستناد لتفسيرات دينية كبديل عن التجارب العلمية؟