حذر الكاتب اللبناني نبيه البرجي من الانقسام في المجتمع الأردني وفي الأوساط السياسية والعسكرية مشيرا إلى تحذيرات العسكريين والشخصيات الأردنية للملك عبد الله الثاني من المخططات للتدخل في جنوب سوريا. وفيما يلي نص المقال:العالم – مقالات
هذا ليس تعليقاً ساخراً من زميل فلسطيني مقيم في عمان "إذا أراد عبدالله الثاني راحة البال ليلجأ في الحال إلى دمشق."
التقارير التي ترد من الأردن تؤكد أن الملك يشعر كأنه يجلس على كرسي فيها أزمة حقيقية. الشعب في الأردن ليس نصفين بالمعنى الكلاسيكي للمسألة، أي نصف أردني ونصف فلسطيني. هنا نصف مع النظام السوري ونصف موزع بين السعودية وقطر وتركيا...
لا إغفال للتيارات الإسلامية التي يتم تمويلها، كما تتم إدارتها، من الخارج, وإن كانت قيادات إسلامية تعترف بأن الرؤية في سوريا ضبابية للغاية.
انشقاقات عن "الإخوان المسلمين"، وانشقاقات داخل الانشقاقات، ودون أن تتمكن الاستخبارات الأردنية التي كانت لها نشاطات لوجيستية مؤثرة، من استقطاب فصائل إسلامية تعمل، بصورة مباشرة، لحسابها.
الأجهزة إياها لا تمتلك الموارد المالية بطبيعة الحال. وصلت مبالغ طائلة من الرياض أو من الدوحة لقاء خدمات محددة، فضلاً عن مسائل أخرى تتعلق باللعب على المسرح السوري. هذه الأموال إما أنها كانت تذهب إلى بارونات الفساد أو أنها كانت توظف لأغراض أخرى «أكثر حساسية» بالنسبة إلى الوضع الداخلي..
التقارير إياها تشير إلى أن العاهل الأردني تلقى نصائح من جهات مختلفة بأن يكون شديد الحذر في هذه المرحلة مهما مورست عليه الضغوط.. لا بل إن أحد التقارير أشار إلى أن ضباطا من الجيش الأردني، ومن رتب مختلفة، حذروا من التورط في الخطة الخاصة بالجنوب السوري.
التحذيرات أخذت منحى دراماتيكيا، بحيث أن عدداً كبيراً من ضباط المدرعات أبلغوا القصر الملكي، بطريقة أو بأخرى، أنهم لن يتركوا دباباتهم تذهب إلى.. المذبحة.
هذه التطورات استدعت اجتماعات عسكرية على مستوى عال. تردد أنها أو بعضها كان برئاسة الملك الذي عرض للضغوط التي يتعرض لها للمشاركة في عملية الجنوب وهي تلحظ في ما تلحظ انشاء حكومة بنيامن نتنياهو شريطا على طول الحدود مع مرتفعات الجولان بحجة إقامة منطقة عازلة في وجه «حزب الله» وإيران.
كما تردد أن الملك بدا حائراً، وأن مع ميل إلى الذهاب بعيدا مع الحلفاء، في حين أن ضباطا قالوا علنا أنهم لا يمكن أن يعملوا لحساب "إسرائيل"، في حين أن ضباطا آخرين رفضوا أن يكون أفيغدور ليبرمان عند أبواب دمشق.
هؤلاء الضباط قالوا إنهم سيواجهون حتماً، بقوات النظام وحلفائه الذين احترفوا خوض المعارك المعقدة، وإلى حد إبداء المخاوف من مقاتلي «حزب الله» الذين حولوا وادي الحجير إلى مقبرة لدبابات الميركافا بمواصفاتها التقنية العالية.
مبدئياً، اتفاق على طلعات جوية ولأغراض محددة غير أن ما يتسرب من معلومات يشير إلى أن من يدفعون المال ليحولوا دون المملكة والاختناق (الدين الخارجي 34 مليار دولار، وهو رقم هائل لدولة من دون موارد أساسية)، يريدون تدخلاً مباشراً وواسعاً من الجيش الأردني.
بعد التهديد بالضرب في العمق السوري، تراجع القصر أخيراً إلى الحدود. الحدود فقط!
الملك في وضع المأزق:
البعض يقول «صاحب الجلالة على صفيح ساخن». الأزمة الاقتصادية قاتلة، أمام الملأ دعا قاضي القضاء أحمد هليل (الذي دفع إلى الاستقالة) بإغاثة المملكة وحمايتها من الانهيار. التصدع السياسي مريع "هل نقتل سوريا من أجل إسرائيل."
هذا ليس وقت المجازفة. الملك، وبتلك الكمية من الدم الإنكليزي لاحظ كيف أن الأطراف الإقليمية والعربية التي أضرمت النار في سوريا أخفقت في التنسيق الأوركسترالي ما بينها أن لطرح النظام البديل، أو، على الأقل، لإنتاج قيادة معارضة بعيدة عن الإيقاع الفولكلوري الذي جعل السوريين لا يعرفون من هو رئيس الائتلاف، ومن يقود المفاوضات إن في آستانا أو في جنيف.
الفوضى السورية لابد أن تمتد إلى المملكة التي أنتجت قيادات راديكالية بعضها قاتل في الشيشان وبعضها كان وراء نشوء ظواهر أيديولوجية لا تقل همجية عن تنظيم داعش.
نأخذ مثالاً «أبو قتادة» الذي أفتى من لندن بقتل رجال الشرطة في الجزائر (إبان مرحلة المواجهة) وذريتهم وأقربائهم وحتى معارفهم، قبل أن يتجاوزه كثيرون فيعود بجلباب أبيض إلى بلاده.
اضغط ارجوك