قصة وعبرة
لا تبكِ على اللبن المسكوب

يقول أحدهم لم أكن بعد قدّ بلغت العشرين من عمري ولكني كنت شديد القلق حتى الفترة المبكرة من حياتي ، فقد أعتدت أن أجترَّ أخطائي وأهتم لها هماً بالغاً .

وكنت إذا فرغت من أداء إمتحان وقدَّمت أوراق الإجابة أعود إلى فراشي فأستلقي عليه ، وأذهب أقرض أظافري وأنا في أشد حالات القلق خشية الرسوب ، لقد كنت أعيش في الماضي وفيما صنعته وأود لو أنني صنعت غير ما صنعت ، فيما قلته من زمن مضى وأود لو أنني قلت غير ما قلت .

ثم إني في ذات صباح ضمَّني الفصل وزملائي الطلبة ، وبعد قليل دلف المدرس ومعه زجاجة مملوءة باللبن وضعها أمامه على المكتب وتعلقت أبصارنا بهذه الزجاجة ، وأنطلقت خواطرنا تـتساءل : ما صلة اللبن بدروس الصحة...؟!

وفجأة نهض المدرّس ضارباً زجاجة اللبن بظهر يده فإذا هي تقع على الأرض ويُراق ما فيها وهنا صاح المدرس : لا يبكِ أحدكم على اللبن المراق ..!!

ثم نادانا الأستاذ واحداً واحداً لنتأمل الحطام المتناثر والسائل المسكوب على الأرض ، ثم جعل يقول لكل منا : أنظر جيداً إنني أريد أن تذكر هذا الدرس مدى حياتك لقد ذهب اللبن وأستوعبته البالوعة ، فمهما تشد شعرك ، وتسمح للهمِّ والنكد أن يمسكا بخناقك فلن تستعيد منه قطرة واحدة .
‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
لقد كان يمكن بشيء من الحيطة والحذر أن نتلافى هذه الخسارة ولكن فات الوقت وكل ما نستطيعه أن نمحو أثرها وننساها ثم نعود إلى العمل بهمة ونشاط .