10 حقائق عن الماء على سطح المريخ
أصبح خبر اكتشاف ناسا للماء المتدفق على سطح المريخ الخبر الأكثر تداولاً في الآونة الأخيرة، ولكن بالنسبة لأي شخص يتابع الأخبار العلمية، وخاصة أخبار الفضاء والبحث عن الحياة على الكواكب الأخرى، فإن هذه الكلمات قد تبدو مألوفة جداً، حيث يبدو بأن ناسا أصبحت تكتشف وجود المياه على سطح المريخ كل عام على مدى العقد الماضي، ولكن اكتشافها للمياه هذه المرة مختلف في الحقيقة، فمن جهة، بدأ العلماء يتحدثون عن وجود المياه على سطح المريخ بالفعل، ومن جهة أخرى، فإن الأدلة هذه المرة أقوى بكثير مما كانت عليه في التقارير السابقة.
إليكم هنا بعض الأشياء الأساسية التي يجب أن تعرفها عن المياه على سطح المريخ، وسنبدأ مع الأخبار السيئة، لنزيلها من طريقنا في البدء.
الأخبار السيئة
هذه المياه ليست من النوع الذي يتواجد ببساطة على السطح، لذلك لا تتوقعوا أن تشاهدوا أي صور لبحيرات وأنهار، فالضغط الجوي على سطح المريخ منخفض جداً لدرجة أن الماء السائل سيتبخر فوراً إذا ما تواجد على السطح، والدليل على ذلك هي التسربات من المياه المالحة التي تتدفق أسفل المنحدرات الشديدة، والتي تكون في معظمها حواف الحفر، وتشكل شرائط داكنة.
المياه على سطح المريخ باردة، فحتى الشرائط الداكنة –التي تعرف باسم الخطوط المنحدرة المتكررة – تظهر في درجات حرارة منخفضة تصل إلى 10 درجات فهرنهايت تحت الصفر (-23 درجة مئوية)، لذلك أزل من رأسك كذلك أي صور لوجود ينابيع حارة على سطح المريخ.
مياه المريخ فائقة الملوحة، وهذا ما يفسر سبب بقاء الماء بحالته السائلة في درجة حرارة تصل إلى -10 درجة فهرنهايت، فكما نعلم، وضع الملح على الثلج يمكن أن يذوّبه حتى في الطقس المتجمد، كما أن أحد المسابير المريخية وجد بالفعل أملاح حامض البركلوريك على سطح المريخ، وقد جاء هذا الكشف عن الأملاح المائية في الأشرطة الداكنة من قبل (مارس ريكونيسانس أوربيتر( ليكون دليلاً حاسماً على أن البقع الداكنة تشكلت عن طريق المياه المالحة.
مياه المريخ مالحة لدرجة أنها قد لا تصلح للحياة، وهو أكثر أمر مثير للاكتئاب في إعلان وكالة ناسا، فالمياه المشبعة بالبيركلورات تجعلها رديئة جداً لعيش الميكروبات، ولذلك فإن هذا الاكتشاف لا يعني أننا قد وجدنا موطناً قابلاً للحياة على سطح المريخ.
الأخبار الجيدة
بقد يكون هناك المزيد من المياه في الأماكن التي تم فيها اكتشاف بعض الماء، فحن لا نعلم إن كان الملح يمتص الماء من الغلاف الجوي أو إذا كانت المياه تأتي من مصدر آخر، وفي كلتا الحالتين، فإن هذا يشير إلى وجود المزيد من المياه على سطح المريخ تتحرك خلال دورات أكثر تعقيداً مما اعتقده العلماء من قبل، وهذا يزيد من احتمال أن هناك نقاطاً أخرى (تحت الأرض، الأمر الذي يكاد أن يكون مؤكداً) يمكن أن تحوي مصادر مياه ملائمة للحياة، وبحسب (جيم غرين)، مدير وكالة ناسا لعلوم الكواكب، فإن المريخ ليس الكوكب الجاف القاحل الذي كنا نظن أنه كذلك في الماضي.
نحن في طريقنا لمعرفة ذلك، فمن المقرر أن ترسل ناسا مسبار (Mars 2020) في عام 2020، لإجراء قياسات حساسة عن سطح المريخ وكيمياء غلافه الجوي، وسيحمل المسبار أيضاً راداراً مخترقاً للأرض قد يكون قادراً على الكشف عن وجود المياه الجوفية المدفونة.
هذا الخبر يعزز بشكل كبير من احتمال عودة بعثات أخذ العينات إلى المريخ، حيث أن كلاً من وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ملتزمون بجلب قطعة من المريخ إلى الأرض، ولكن وكالة ناسا تقوم بمسح سطح المريخ باستخدام المسابير الموجودة هناك وتحلل العينات من خلالها، إلّا أن العثور على الماء على سطح المريخ سيعزز الرغبة العلمية لإعادة البرنامج إلى مساره الصحيح، فمن المؤكد أن المختبرات التي توجد على الأرض يمكنها أن تقوم بإجراء تحليلات أكثر تطوراً إلى حد كبير مما يمكن لروبوت صغير يتم التحكم به عن بعد أن يفعله.
نحن نعرف كيف نصل إلى الأماكن الصحيحة، فالشرائط الرطبة توجد في الغالب على المنحدرات الشديدة حيث ستجد المسابير، أو حتى رواد الفضاء، صعوبة في استكشافها، لكن مختبر الدفع النفاث التابع لناسا قام مؤخراً بإجراء تجارب على مجموعة متنوعة من المسابير التي يمكنها السير على المنحدرات، مثل الروبوتات المتسلقة التي يمكن أن تشق طريقها إلى أسفل الحفرة وتجمع العينات من البقع الرطبة، وكل هذا يمكن أن يحدث قبل فترة طويلة من وصول رواد الفضاء، كما أن الحفاظ على تعقيم الأشياء قد يكون في الواقع مهمة أصعب مما تبدو،حيث تمتلك ناسا بروتوكولات صارمة فيما يتعلق بـ”حماية الكواكب” للتأكد من أن الوكالة لا تلوث عن طريق الخطأ المريخ بالميكروبات الأرضية قبل أن نتمكن من العثور على أي نوع محتمل من الحياة المحلية.
لا بد وأن يكون هناك الكثير من المياه، فالإعلان الأخير عن وجود المياه السائلة على سطح المريخ ليس سوى تذكير بأن المكونات الأساسية للحياة – الماء والمركبات العضوية – هي مواد شائعة للغاية في جميع أنحاء النظام الشمسي، وفي جميع أنحاء الكون، فهناك مركبات كربونية وماء على المذنبات كما أن هناك ماء على سطح القمر، حتى أن هناك ماء في القطب الشمالي لعطارد، لذلك فإنه ليس من المستغرب أن يكون هناك أماكن يتواجد فيه الماء بشكله السائل على سطح المريخ، وإذا كان هذا الكوكب قد احتوى على الحياة في السابق، فربما يكون هناك العديد من الأماكن التي لا تزال تحتوي عليها.
أخيراً، فإن المريخ ليس المكان الوحيد الذي يمكن أن نوجه إليه أنظارنا، فقمر المشتري يوروبا يمتلك أيضاً محيطاً ضخماً، حيث أن مساحته تبلغ أكثر من ضعفي مساحة جميع المحيطات الأرضية مجتمعة، ولكنه كان فقط مختبئاً تحت قشرته الجليدية، ومن جهة أخرى، فإن قمر زحل إنسيلادوس يمتلك محيطاً مدفوناً أيضاً، تنطلق منه السخانات التي تحتوي على الأملاح والمركبات العضوية مع الماء، وقمر زحل الآخر، تيتان، تغطيه بحيرات من الميثان السائل والكثبان الرملية المصنوعة من القطران، مما يجعل سطحه بالكامل أشبه بمختبر كيميائي كربوني هائل.
كل هذه الأماكن تنتظر هناك من يكتشفها، وتكلفة الذهاب إليها ليست كبيرة جداً، واحتمال الوصول إلى اكتشاف الثوري هناك ضخم للغاية.