لطالما كانت الشعوب تتصارع معاً منذ الزمن القديم وحتى الآن، فكانت صراعاتهم بسبب السلطة والمال والقوّة، ومن أجل الموارد وغيرها من الأسباب. ولمّا كان جسد الإنسان يتأثّر بسهولة في الضربات والطعانات المؤذية والمميتة كان لا بُدّ من إيجاد طريقة ما أو أداة ما كي تحمي جسد الإنسان أثناء الصراعات والحروب، ومن هذه المعدّات الدروع.


والدرع هو عبارة عن نوع من أنواع الألبسة يرتديه المقاتلون ليقوا أنفسهم من الإصابات المختلفة الّتي يتعرّضون لها بواسطة الأسلحة المختلفة، وقديماً كان يرتديها المقاتلون كي يحموا أنفسهم من الطعنات بواسطة السيوف والرماح وغيرها، وفي الوقت الحاضر يرتديها المقاتلون كي يحموا أنفسهم من الشظايا والرصاص وغيرها. وكانت الجلود والمعادن كالحديد والبرونز والفولاذ تستخدم قديماً في صناعة الدروع، بينما يتم استخدام الكيفلار والسيراميك في صناعة الدروع أو السترات الواقية في وقتنا الحاضر.


وقد عرفت الدروع منذ عصور ما قبل الميلاد، وأوّل من صنع الدروع هو سيّدنا داود عليه السلام، وبعد ذلك قام الأشوريّون بصناعتها وتلاهم الرّومان وكذلك الفرس إلى أن انتقلت إلى العرب. وفي بداية الأمر كان الهدف من الدرع هو التقليل من أثر ضربات السيوف وغيرها على الجسم، ولذلك كانت تصنع بأكثر من طبقة في الجلد، وبعد ذلك كان لا بُدّ من جعل هذه الدروع أقوى وأمتن، ولهذا تَمّ صنع الدروع من الجلد والبرونز؛ لجعلها أقوى. وبعد ذلك وجد أنّ المزج ما بين معدن الحديد والبرونز يجعل الدرع أقوى من الجلد. وقد كان أوّل من صمّم الدروع لتغطّي كامل الجسم هم الإغريق والرومان، فشملت الظهر واليدين والأرجل إضافة للصدر، وأدخل الرومان إليها الدروع اليدويّة أو التروس خفيفة الوزن، وكانت تُصنع من الخشب السميك في معظمها، ومحاطةً بإطار من الفولاذ، ومقبض اليد من الفولاذ أيضاً، وكانت دروع الجسم تصنع من البرونز والفولاذ.


وأمّا في العصور الوسطى، فقد تطوّرت صناعة الدروع فأدخل عليها ما يسمى بالزرود؛ وهي عبارة عن حلقات مصنوعة من المعدن ومرتبطة مع بعضها البعض، وكانت تغطّي كامل الجسم من القدمين وحتّى الرأس. وعندما اكتشفت البنادق وأصبحت مُستخدمةً بكثرة صارت الدّروع ثقيلةً جداً من أن يتحمّلها جسم الإنسان، فعاد المقاتلون إلى ارتداء الدروع التي تغطّي الصدر وخوذة الرأس فقط. ومع التقدّم المستمر عاد الجندي في القرن العشرين إلى استخدام الخوذة فقط كحماية له، وتُركت التحصينات للمركبات التي كان الجندي يركبها من سفن وناقلات وغيرها، ومن ثُمّ تَمّت صناعة سترة واقية من الرصاص عن طريق مادّة خفيفة ومتينة في الوقت نفسه، إلى أن تطوّرت وأصبح يستخدم الكيفلار والسيراميك في السترات الواقية من الرصاص كتلك الّتي يرتديها رجال الشرطة.