السلام عليكم...
واقع حال، وظاهرة منتشرة ليست في المجتمعات الغربية دون العربية و لا غير المتدينة دون المتدينة و لا الغنية دون الفقيرة و لا الفقيرة دون الغنية، لا المتعلمة دون الجاهلة أو محدودة التعليم...
شغلني قبل فترة الحديث النبوي الشريف( المتفق عليه ) " الولد للفراش، وللعاهر الحجر"، فبحثت فيه...
-العاهر هنا هو الرجل و ليس المراة، و الفراش هنا هو إشارة للرجل و ليس المرأة...
- قراءتي القديمة للحديث كانت كالتالي" إذا زنت المرأة و أنجبت و لدا فإن ابنها لن يحصل على اسم والده و إنما يحصل على اسمها هي فقط، و هي ترجم بالحجارة..
- كان هذا الفهم يضايقني، فاشعر أن كل شيء يلقى على المرأة و كأنها وحدها المذنبة، و انه يجعل الرجل الطرف الثاني في محنة المولود مبرءا بشكل مريع..
- جوانب القصور في فهمي كانت كما يلي :
* الرجم بالحجر ليس الحد المفروض في كل الحالات و لكنه يتضمن فقط المحصن و المحصنة على السواء.
* الفراش هو فراش الرجل بمعنى أن الحديث قصد أن الولد ينبغي أن ينسب الي زوج المرأة التي أنجبت الولد... و سوف أبين السبب لاحقا.
* للعاهر اي للزاني، الحجر، بمعنى الخيبة.. وهذا تعبير سائد عند العرب، لما يقال نال الحجر يعني نال الخيبة
* حين نعود لسبب ورود الحديث سوف نفهم طبيعة الحياة الاجتماعية في تلك الفترة المتاخمة لعهد الجاهلية...
كان الرجل يدعي أنه زنا بامرأة فلان و ان الولد الذي أنجبت ولده، و يصر زوجها( صاحب الفراش) أن الولد ولده.. فيتقاسمان تقاسم الدم بأن يحلف كل واحد 50 مرة أن الولد له..
في هذه الحالة كان حكم الرسول دون حاجة للحلف 50مرة أن يلحق الولد بصاحب الفراش لأن ذلك هو الأصل و ينال مدعي الزنا الخيبة..
- سندرك الان كم كان الولد عزيزا و نسبه إلى والده من القضايا التي تشغل الوالد أكثر من أمه أو الوليد ..
- حكم آخر يتضمن أن الولد يلحق بأمه و ليس بوالده، لأنه في ذاك الوقت كان يمكن إثبات اموة الأم بالولادة و شهادة القابلة على ذلك، و لكن لا طريق لإثبات ابوة الوالد. و هذا الأمر بات مقدور عليه الآن...
- لأعود إلى الموضوع-
الان اختلفت الأمور
قديما كان الرجل يصر على أخذ ولده و نسبه له إن ولد بطريقة غير شرعية
لكن الآن يسرع للتبرأ منه.
- قديما كان الولد هو القضية الأولى و الأهم، فقبل أن يحكم على والدته على الأقل يضمن حياته الطبيعية من لحظة كونه في بطن أمه( وفي حكاية الغامدية ما يؤيد ذلك، حين كان رسول الرحمة، يردها في كل مرة تقبل طالبة للتطهير، إلى أن اعتنت بطفلها وفطمته، بعدها حقق لها رغبتها و سؤلها)
- الآن المرأة تحاكم وحدها و ترمى مع طفلها إلى الشارع، و يتزوج الوالد من امرأة تختارها أسرته من عائلة شريفة... و يظل الطفل يترجى بعد أن يبلغ 18 سنة و يحتاج إلى اسم لاستخراج وثائق رسمية تعطي له بعض الحق بالحياة الطبيعية... والوالد يتملص...
ندرك اليوم أنه صار هناك فرصة لإثبات النسب عن طريق تحليل DNA.. ومادام أن الحكم الأول والأصل به
كان معاقبة الرجل الزاني بأن ينال الخيبة في قضية النسب... لما لا نتمسك بالمقصد دون الحكم الشكلي
لما لا ينال الوالد الخيبة بأي شكل من الأشكال؟! اجباره على التصريح بالنسب بعد ثبوته بالتحليل و ليس مجرد ادعاء الأم، و تحمله كل نتائج إيجاد هذا الولد في هذا العالم.. النفقة و الحماية و غيرها.. دون أن يحق له بالمطالبة بالحضانة حتى لو تزوجت الأم من رجل آخر..
لماذا يعاني اليوم الطفل نتاج هذه العلاقة في الوقت الذي ندرك جميعا أنه بريئ..
لماذا لا يعود كما كان، نفسا عزيزة يجري حولها الصراع و كل واحد يريد أن يتولى العناية بها و ضمها إليه.
لماذا يعاقب البرئ و ينجو المذنب...؟!!