معية الله للشاعر / معاذ الجُنيد
ما زلتَ تصنعُ بالولّاعةِ العجَبا
يا مؤمناً أحرق الـ( إبرامز ) واحتطبا
هُم أشعلوا منكَ "سيجاراتهُم" قلقاً
وأنتَ أشعلتَ دبَّاباتهُم غضبا
كم دجّجُوا الأرضَ قُوّاتٍ ، وأسلحةً
وحين أقبلتَ ما اسطاعوا لهُ طلَبا
لأنَّ فوهات آلات الغُزاة كما
أفواههم ، إنْ حكَت شيئاً حكَت كذبا
يا مؤمناً أبدعَ القرآنُ قُوّتهُ
فخرُ الصناعات أمسى في يديك هَبَا
ترنو إلى أحدث الآلات مُحتقِراً
مُستكثِراً ضدها الرشَّاشَ ، والجُعَبا
مُستكثِراً طلقةً فيها وقاذفةً
وبـ ( الكراتين ) قد مزّقتها إربا
تصوغُ من موكب الـ( إبرامز ) محرقةً
ومن دخان الـ( برادلي ) ترسمُ السُّحبا
فيمطرُ النصرُ في أنحائنا شرفاً
ويعصفُ الموتُ بالباغي ومن جلَبا
أصبحتَ تُدعى مجوسياً بدولتهم
لفرط ما عشتَ فيهم تصنعُ اللهبا
( داؤود ) أنهى على ( جالوت ) في حجرٍ
وأنتَ أرسلتَ بالولّاعة الشُّهبا
كأنها حين صارت في يديك غدَت
ترى الحديدَ الذي قدامها خشبا !!
ولّاعةٌ تُحرق الـ( إبرامز ) منكَ كما
عصاة موسى تشقُّ البحرَ مُضطرِبا
لأنَّ من جنَّدوا لله أنفسهم
أراهُم الله من آياتهِ عجبا
يُجنِّدُ الله كل الكائنات لهم
ويبلغون بهِ الأسبابَ ، والحُجُبا
كأنما كل شيءٍ قال هَيتَ لكُم
إني وُجدتُ لكي أغدو لكُم سببا
يا فاتحاً كل يومٍ قريةً نُهِبت
ومُرجِعاً كل حقٍّ كان مُغتَصبا
بحِملِ ظهركَ تطوي الأرضَ مُعتمداً
على السلاح الذي في صدركَ انسكبا
معيّةُ الله عَينٌ أنتَ داخلها
فكيف يُهزمُ من بالله قد وثَبا
سيفٌ مع الله تمضي فاتِحاً مُدُنَاً
وتُنقِصُ الأرضَ من أطرافها غَلَبا
وصلتَ قبل الصواريخ التي انطلقت
إلى مواقع من ظنَّ الوغى لَعِبَا
قُل للمَدى وهو في عينيك مُختَصرٌ
بعضُ الصواريخ كانت يا مَدى "رُكَبَا"
ففي الوغى كل صاروخٍ لهُ هدفٌ
يُصيبهُ مرّةً في الحرب وانتحبا
وأنتَ صاروخنا اليوميّ مُنفجِرٌ
على الأعادي تعيش العمر مُلتَهِبا
من كفِّكَ الموتُ يأتي مرّتين ، فكم
جيشٍ بإعلامك الحربيِّ قد صُلِبا
المدفعيةُ آجالٌ مُوزَّعةٌ
تُردي المجاميع صرعى تحصدُ النُخَبا
كم مصرعٍ أنجزَت ، كم موقعٍ نسَفت
كم بعدها عدّ عزرائيل كم حسَبا
المدفعيةُ صارت منكَ بارِجةً
والطائراتُ لديهم خيبةً ، وغَبَا
لأنَّ كل سلاحٍ أنتَ حاملهُ
زِنادهُ في يد الجبار قد نُصِبا
يا طلقةً في العِدا ما أخطأت هدفاً
قنَّاصُها لم يدع رأساً ، ولا ذنَبا
القنصُ يُردِي فُرادَى ، وهو يقنُصهم
مَثنَى ، ويعدِلُ في الإثنين إن ضرَبا
أربابهُم ما استطاعوا نصرَ أنفسهم
فكيف يُنصرُ جيشٌ عزمُهُ ذهَبا
الحربُ طالت ولم تُحظى برؤيتهم
فكلما اجتزتَ حِصناً أدبروا هربا
كم واهمٍ كان يرجو النصر ثم رأى
بأنّ أعظم نصرٍ إن هوَ انسحبا
رأوكَ موتاً ، هلاكاً قد أحاطَ بهم
وبعدما أصبحوا أسرى رأوكَ أَبَا
تحنو عليهم ، تُداويهم ، تُؤمنهم
من قصفِ من أرسلوهم للوغى حطَبا
يا مؤمناً أوقفَ الدنيا وأقعدها
وأتعبَ الكونَ إقداماً وما تَعِبَا
سيفٌ مع الله تمضي حامِلاً قِيَمَاً
وثأر شعبٍ من الأنصار ما غُلِبا
مُثلثُ الشر أضلاعٌ مُكسّرةٌ
من كلِّ رأسٍ تهاوى ، خرَّ مُنقَلِبَا
(( ما آمنت قبلهُم من قريةٍ )) هَلَكَتْ
هلاكهم بيدينا هكذا كُتِبَا
ألم يروا كيف أنَّ الأرض يُنقصها
ربُّ السما كي يورِّثها مُلوكَ ( سَبَا )
عادت إلى الحقِ أرضٌ أنتَ فاتحها
وعادَ للطِينِ .. جيشٌ نحوكَ اقتربا !!
الشاعر مُعاذ الجُنيد