التقدم العلمي: رهان أمريكا للحفاظ على مكانتها



صحفى وكاتب مرموق عالمياً أصدر كتاباً مهماً كانت له أصداؤه عنوانه “اسطورة الأفوال الأمريكي في السياسة والاقتصاد: نصف قرن من التهكنات الكاذبة”، والمعروف عن هذا الكاتب، وهو الألمانى “جوزيف بوف”، أنه يعتقد اعتقاداً راسخاً بديمومة الدور الأمريكى فى العالم، وهو يري فى كتابه أنه كل مابين 10 او 15 عاماً تظهر تكهنات، يصفها بأنها “كاذبة”، تقول بأن الدور الأمريكى الى أفول، ثم لاتصدق هذه التكهنات.
مؤلف الكتاب الذى يرأس تحرير المجلة الألمانية “داى زايت”، كتب الشهر الماضى مقالة فى صحيفة “لوموند” الفرنسية المرموقة أكد فيها نفس المعنى، وزارده إيضاحاً : فأكد أن الرهان الأمريكى على التقدم العلمى وحده للحفاظ على مكانتها فى العالم.
الواقع المجرد: أن أمريكا تقود العالم علمياً، وأنه رغم تعاظم قوى أخرى فى العالم أقتصادياً – فى مقدمتها الصين – فإن الامريكيين مستمرون فى التفوق العلمي بمؤشرات شديدة الوضوح: تجعل ردم الفجوة العلمية – أو حتى تضييقها – بينهم وبين القوى النامية فى العالم أمراً غير متوقع .. ولو فى المستقبل المنظور، هكذا تقول الأرقام والحقائق المجرده.
إن كل دول أوروبا توحد جهودها فى المعترك الفضائى فى منظمة واحدة: هى وكالة الفضاء الأوروبية المسماة اختصاراً “إيسا”، فهى تقارن شهرة “إيسا” بشهرة نظيرتها الوكالة الفضائية الأمريكية “ناسا” عند رجل الشارع فى العالم ؟
إن ذلك لم يأت نتيجة مجرد الشهرة المترتبة على رنين الاسم: لكن الواقع المجرد أن قدرات “ناسا” العلمية والتكنولوجية لا تقارن بأى نظيرة لها فى العالم، ليس فقط “إيسا” وحدها: لكن أيضاً الوكالة الفضائية اليابانية “جسكا” وغيرهما، إن كان هذا لا يعنى من أهميته “إيسا” و “سكوزموس” و “جسكا”، كما لايعنى التقليل من قيمة القدرات الفضائية الصاعدة فى الصين والهند.
يذكر “جوزيف بوف ” فى مقالته فى “لوموند” أنه بوضع “الاتحاد السوفيتى” القمر الصناعى الاول فى التاريخ “سيوتنيك” فى مداره حول الارض سنة 1957: حدث تحول لا ينكر فى القدرات العلمية والتكنولوجية لصالح “السوفيت” فى ذلك الوقت ،لكن الولايات المتحدة إستعادت التفوق على نحو حاسم بإرسال أول إنسان الى القمر سنة 1969.
وفقاً لمعلومات الشبكة الرقمية “ديجيتال ساينس” العلمية: فإن الولايات المتحدة تتصدر دول العالم فى عدد البحوث المنشورة فى الدوريات المعتبرة علمياً، وفى عدد براءات الاختراع المسجلة فيها، وفى الانفاق على البحوث والتطوير، وعدد شهادات الدكتوراة الممنوحة فى العلوم والهندسة.
الدولتان التاليتان للولايات المتحدة: ألمانيا ثم الصين، وكل منهم حجم هذه العوامل الأربعة فيها نحو 20 فى المئة من حجمة فى امريكا.
وتبعاً “لديجيتال ساينس”: فإن الولايات المتحدة تخصص 0.3 فى المئة من إجمالى ناتجاً القومى سنوياً لدعم البحث العلمى فى الجامعات وحدها، وبينما راتب الأستاذ الجامعى الشهرى فى فرنسا وألمانيا فى حدود 4500: فإن راتب نظيرة الامريكى يفوق هذا الرقم بنحو 55 فى المئة، مما يجذب الأساتذه الأوروبيين للعمل فى جامعات أمريكية، وفى حالات معينة فى بعض التخصصات العلمية: يحصل الأستاذ الأمريكى من جامعتة على أكثر من 300 ألف دولار سنوياً إنه حديث الحقائق والارقام.