مساعد المدير
الوردة البيضاء
تاريخ التسجيل: February-2013
الدولة: بغداد
الجنس: أنثى
المشاركات: 258,321 المواضيع: 74,493
صوتيات:
23
سوالف عراقية:
0
مزاجي: الحمدلله على كل حال
المهنة: معلمة
أكلتي المفضلة: دولمه - سمك
موبايلي: SAMSUNG
آخر نشاط: منذ ساعة واحدة
تعرّف على مفهوم “سباكة الدماغ” .. كيف تطوَّر الذكاء البشري لما هو عليه اليوم؟
أهمل علماء الأنثروبولوجيا -علم تاريخ الإنسان- في معرض بحثهم على ما يعينهم على فك رموز مراحل تطور الذكاء البشري دراسة الجماجم الأحفورية، وركَّزوا في بحوثهم على الاكتشافات الأثرية المتعلقة باستخدام الإنسان للنار والأدوات التي ساعدت الجنس البشري في البقاء على قيد الحياة.
ووفقاً لنظرية داروين -سواءً اعتمدت النظرية كمرجع أو لم تعتمد- فقد زاد حجم الدماغ البشري حوالي 3 مرات ونصف، مقارنة بأسْلاف البشر “أسترالوبيثكس“ (أو القردة الجنوبية)، الذين وجدوا منذ 3 ملايين سنة.
صحيفة The Conversation الأسترالية نشرت مقالاً حول تطور الذكاء البشري طرحت من خلاله التساؤل التالي:
إذا كان من المفترض أن الذكاء مرتبط أساساً بحجم المخ، بسبب عدد الخلايا العصبية في أدمغة الثدييات، فكيف تطور الذكاء مع تغير حجم البشر؟
مشيرة إلى أن ذات التساؤل دفع بالعالم الأسترالي في علم وظائف الأعضاء روجير سيمور، إلى البحث في معدل تدفق الدم إلى الدماغ، والذي يرتبط بشكل وثيق بمعدل الأيض، ودراسة تأثير ذلك على الذكاء الذي يتميز به البشر دوناً عن غيرهم من المخلوقات.
وأوضح التقرير حقيقة علمية، مفادها أنه إذا توقف تدفق الدم إلى الدماغ، يفارق الإنسان الحياة في غضون ثوانٍ معدودة، نظراً لأن الدم يزود الجسم والدماغ بالأكسجين الأساسي للحياة.
كما أن حوالي 7 مللترات من الدم تتدفق إلى الدماغ كل ثانية، مع بعض الفروق، بغض النظر عما إذا كان الشخص مستيقظاً أو نائماً.
سباكة الدماغ
وشرح التقرير المذكور كذلك أنه من أجل فهم علاقة حجم المخ بالذكاء فلا بد من معرفة العوامل التي تؤدي إلى زيادة حجمه بالدرجة الأولى، شارحاً أن الدم يتدفق إلى الجزء المعرفي من الدماغ، ألا وهو المخ، من خلال شريانين سباتيّين باطنيّين، أحدهما على الجانب الأيمن والآخر على الجانب الأيسر. ويرتبط حجم هذين الشريانين بمعدل تدفق الدم من خلالهما.
السهمين في الصورة يشيران إلى مكان تدفق الدم من شريانين سباتيّين باطنيّين
فمثلما يثبّت السبّاك أنابيب مياه كبيرة لاستيعاب التدفق العالي للمياه في مبنى كبير، يضبط نظام الدورة الدموية أحجام الأوعية لتناسب معدل تدفق الدم داخلها باستمرار. وهذا بدوره مرتبط بمدى احتياج أي عضو للأكسجين.
وذكرت كذلك أنه إذا تمكنّا من قياس حجم الشرايين الكبرى، التي توفر للدماغ الدم، فإنه بمقدورنا احتساب متوسط معدل تدفق الدم بدقة عالية، وبالتالي المساهمة في كبر حجم الدماغ، وأكدت على أن هذا المبدأ عرف منذ نحو 100 عام، وتكمن روعته في بساطته.
حجم الشرايين أساسي
يمكن قياس حجم الشريان من خلال قياس حجم الثقب الموجود في العظم الذي يمر من خلاله، وهو ما يعني أن معدل تدفق الدم إلى الدماغ يمكن قياسه من خلال أحجام القنوات السباتية في الجماجم الأحفورية.
وبغية إجراء القياسات، تكبَّد الباحثون عناء السفر إلى متاحف عدة في كل من أستراليا وجنوب إفريقيا، للتمكن من الوصول إلى الجماجم البشرية الأحفورية التي لا تقدر بثمن ومقارنة الأرقام.
وبعد إجراء القياسات اللازمة، تبيَّن أن حجم “القنوات السباتية” أصبح أكبر مقارنةً بحجم دماغ 12 نوعاً من أسلافنا -حسب داروين- وذلك على مدى 3 ملايين سنة مضت.
وفي حين تنامى حجم الدماغ بحوالي 3 مرات ونصف، ارتفع معدل تدفق الدم بـ6 أضعاف؛ أي من حوالي 1.2 مللتر في الثانية الواحدة إلى 7 مللترات في الثانية الواحدة.
وإذا دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن حاجة دماغنا للأكسجين تضاعفت 6 مرات مقارنة بأجدادنا، وبالتالي، أصبحنا في حاجة أكبر لاستخدام الطاقة.
وبما أن الخلايا العصبية في الأدمغة البشرية تبدو متقاربة مع أدمغة أسلافنا -حسب داروين- يشير سيمور إلى أن الدماغ أصبح أكثر نشاطاً، ربما لوجود المزيد من الترابط بين الخلايا العصبية.
ويسمى كل اتصال يحدث بين الخلايا “تشابكاً عصبياً”، إذ يعمل على نقل إشارات كهربائية من خلية إلى أخرى، وعادة ما يكون ذلك عن طريق الإفراج عن مادة كيميائية من خلية واحدة، تعمل على تحفيز أو منع إنتاج النبضات في خلية أخرى. تتطلب هذه العملية بعض الطاقة، ولكن بما أن الدماغ يحتوي على 80 مليار خلية عصبية، كل واحدة تحتوي على الآلاف من نقاط الاشتباك العصبي مع الخلايا الأخرى، ترْتفع الطاقة المستهلكة خلال هذه العملية.
الحاسوب البشري
في الواقع، يخصص الجسم البشري حوالي 20 إلى 25% من مجموع معدل الأيض للدماغ، مقارنة بحوالي 8 إلى 10% بالنسبة للحيوانات الثديية الرئيسية (primates)، وما بين 3 إلى 5% فقط بالنسبة لبقية الثدييات. ولذلك، فإن الدماغ يعمل بمثابة حاسوب يسعى “لالتهام” الطاقة.
من جانب آخر، يمنح هذا التشبيه بين الدماغ والكمبيوتر فكرة أوضح في ذهن القارئ، لأنه كلما تنامت طاقة استيعاب الحاسوب، تنامت معه حاجته للطاقة الكهربائية التي ستضْمن تشغيله.
فضلاً عن ذلك، يتضاعف حجم “الكابلات” الكهربائية التي ستنقُل له الطاقة. والأمر سيان بالنسبة للدماغ، فكلما ارتفعت وظيفته المعرفية، ارتفع معه معدل الأيض، وزاد تدفق الدم وكبُر حجم الشرايين.
يعد تطور الدماغ البشري فريداً من نوعه مقارنة بالحيوانات، ولقد توصل العلماء إلى ذلك بعد دراسة حجم الشرايين السباتية في 34 نوعاً من الرئيسيات الحية، التي تمثل تطور الأسلاف، مثل “القردة العليا” و”أشباه البشر”.
وكان من الملاحظ أنه رغم تنامي حجم الجسم والمخ، إلا أن نموَّ حجم الجسم كان أسرع.
وفي المقابل، لم يلحظ العلماء تنامي سرعة تدفق الدم بنسبة تفوق حجم الدماغ، إلا في صنف أشباه البشر، مما يدل على أن الدماغ لم يتطور فقط في الحجم، وإنما أيضاً في طريقة استخدامه، الأمر الذي انعكس إيجاباً على ذكائهم وذكائنا.
الجدير بالذكر أن نظرية داروين اعتمدت في محاولة من العالِم تحديد مراحل تطور الإنسان على المقارنة بين الإنسان والقرود، إذ وجد بعد التشريح أن خلايا الإنسان وبعض تصرفاته متقاربة مع القرود، وهاجم النظرية من هاجمها، بينما اعتبرها علماء الغرب دراسة بُذل فيها مجهود كبير واعتمدوها كقاعدة لعلم تطور الإنسان دون أن يستطيعوا إثباتها 100%.