TODAY - 27 July, 2010
الإتفاق على تحويل حكومة المالكي إلى تصريف أعمال وتأجيل جلسات البرلمان لأجل غير محدد والأزمة إلى المجهول
أسامة مهدي من لندن
دخلت الأزمة العراقيّة الناتجة من الخلافات بين الكتل السياسيّة نفقاً مظلماً إثر تعذر إنعقاد جلسة مجلس النواب الثانية التي كانت مقررة اليوم حيث قرر قادة وممثلو الكتل السياسية تأجيلها إلى وقت غير محدد بانتظار إتفاقات لا تبدو قريبة على الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان كما اتفقوا على تحويل حكومة المالكي إلى حكومة تصريف أعمال.
بعد اجتماع قصير عقده رؤساء وممثلو الكتل السياسية البرلمانية قبيل جلسة مقررة لمجلس النواب اليوم فقد توصل المجتمعون الى اتفاق بتحويل الحكومة الحالية الى حكومة تصريف اعمال وتأجيل جلسات البرلمان الى وقت غير محدد ومعه ترحيل الأزمة السياسية الناتجة من الفشل في الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة الى المجهول في وقت عصيب ينتظر ان يبحث فيه مجلس الأمن الدولي يوم الاربعاء من الاسبوع المقبل الوضع العراقي لإصدار توصيات يتخوف القادة العراقيون من تضمنها حلولا لا يرضونها.
وتم تأجيل جلسات البرلمان التي ظلت مفتوحة منذ افتتاح جلسات البرلمان في الرابع عشر من الشهر الماضي لحين اتفاق الكتل السياسية على الشخصيات التي ستتولى مناصب الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان.
وعقب ذلك أعلن رئيس مجلس النواب الموقت فؤاد معصوم أن الكتل السياسية اتفقت على تأجيل جلسة مجلس النواب الى إشعار آخر وجعل حكومة المالكي حكومة تصريف أعمال. وقال خلال مؤتمر صحافي اليوم ان الكتل السياسية اتفقت خلال اجتماع عقدته قبل ظهر اليوم ضم ممثلين عن الكتل السياسية العراقية الفائزة في الانتخابات على تأجيل جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس للبرلمان ورئيس للجمهورية حتى إشعار آخر لإعطاء الفرصة أمام الكتل السياسية للتوصل إلى اتفاق موحد بشأن تشكيل الحكومة.
واشار الى ان اجتماع القادة، الذي عقد اليوم، شدد على ضرورة تكثيف اللقاءات بين قادة الكتل السياسية من أجل الإسراع بتشكيل الحكومة. وأضاف ان الكتل اتفقت أيضا على تحويل الحكومة الحالية برئاسة نوري المالكي إلى حكومة تصريف أعمال وضرورة تكثيف اللقاءات بين قادة الكتل السياسية للوصول إلى اتفاق وتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن.
وقبيل انعقاد جلسة مجلس النواب التي كانت مقررة اليوم أعلن الناطق باسم الحكومة علي الدباغ ان مجلس الوزراء ناقش في جلسته اليوم الموضوع المطروح للمداولة بين بعض الكتل السياسية حول جعل الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال.
وقال في بيان صحافي تلقت "ايلاف" نسخة منه ان مجلس الوزراء يؤكد أن الحكومة الحالية تقوم بمهامها وتؤدي مسؤولياتها إستناداً الى الصلاحيات الدستورية والقانونية الممنوحة لها ولا تقوم بعقد أي اتفاقات إستراتيجية أو معاهدات أو تعيينات خاصة ولا تقوم بصرف أي مبالغ خارج تخصيصات الموازنة المصادق عليها منذ إنتهاء أعمال مجلس النواب ولغاية انتخاب حكومة.
ومن جهته اكد نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي أن عدم الاتفاق على تشكيل الحكومة المقبلة سيفتح الباب أمام الأمم المتحدة للتدخل في العراق. وقال في تصريح صحافي ان الاتفاق على مرشح لمنصب رئاسة الوزراء هو العقبة الوحيدة أمام تشكيل الحكومة على الرغم من وجود رغبة كبيرة لدى جميع الكتل السياسية لتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن.. محذرا من أن تأخر تشكيل الحكومة سيؤدي إلى أزمة سياسية في البلاد.
واوضح أن الخروج على الدستور والعرف الذي تم تطبيقه في الانتخابات السابقة والذي منح الكتلة الفائزة حق تشكيل الحكومة سوف يضع البلد في مأزق سياسي ويحرف العملية السياسية عن مسارها الصحيح.
واعتبر ان عدم توصل الكتل الأربع الفائزة إلى اتفاق لتشكيل الحكومة المقبلة سيدفع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للتدخل في الشأن العراقي مؤكدا أن القائمة العراقية ترفض تدويل قضية تشكيل الحكومة على الرغم من إصرار بعض الكتل (التي لم يسمها) على تدويلها.
لكن ممثل الأمين العام للامم المتحدة في العراق اد ميلكرت قال إنه لم يضع لحد الان التقرير الذي سيقدمه عن العراق خلال اجتماع الامم المتحدة في الرابع من الشهر المقبل مشيرا الى ان الحوارات بين الكتل السياسية مستمرة وربما يتوصلون الى حل لأزمة تشكيل الحكومة.
واوضح ميلكرت ان" النقاط التي سيتضمنها التقرير الذي سيقدمه عن الوضع في العراق امام اجتماع الأمم المتحدة في الرابع من الشهر المقبل والذي يتناول مختلف المجالات لم تكتمل لحد الآن بسبب عدم توصل الكتل السياسية الى حل لأزمة تشكيل الحكومة. واضاف ان التقرير سيدعو المجتمع الدولي الى مزيد من العمل في مساعدة العراق وخاصة المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.
واشار ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق الى ان الحوارات بين الكتل السياسية العراقية مستمرة معربا عن أمله في أن تتوصل الكتل السياسية الى حل لأزمة تشكيل الحكومة ضمن المدة الدستورية.
وكان ممثلو أغلب الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات اتفقوا الأحد الماضي خلال اجتماع عقد في مقر مجلس النواب واستغرق ساعة ونصف الساعة على أن تعقد جلسة المجلس اليوم على أن يتم تكليف القائمة العراقية بتشكيل الحكومة على اعتبار أن التحالف الوطني لم يقدم مرشحه للمنصب حتى الآن. كما اتفق الائتلاف الوطني مع القائمة العراقية على عقد جلسة استثنائية للبرلمان في الأول من الشهر المقبل من اجل توصيف عمل الحكومة وتشكيل لجنة لمراجعة النظام الداخلي للبرلمان.
وتؤكد الكتلة العراقية بزعامة علاوي ان استمرار الحكومة بممارسة صلاحياتها على الرغم من كونها حكومة تصريف اعمال يعد خرقاً دستورياً وعائقاً اساسياً امام الجهود الرامية إلى تشكيل حكومة وطنية تضم الجميع. وقال القيادي في كتلة العراقية عبد الكريم الحطاب ان ممارسة الحكومة لكامل صلاحياتها على الرغم من انتهاء ولاية مجلس النواب الذي كلفها بذلك في السادس عشر من اذار (مارس) الماضي ما يعني تحويلها الى حكومة تصريف اعمال وعدم تأدية بعض اعضائها اليمين الدستورية بعد فوزهم بعضوية المجلس يعد مخالفة دستورية صريحة.
ويسعى القادة العراقيون حاليا إلى تحقيق تقدم على طريق حل الأزمة السياسية التي تواجهها البلاد منذ الانتخابات التشريعية الاخيرة في اذار (مارس) الماضي وذلك قبل عقد مجلس الامن الدولي يوم الاربعاء من الاسبوع المقبل جلسة خاصة لمراجعة الاوضاع في العراق.
ويخشى القادة من ارتفاع اصوات داخل المجلس بضرورة التدخل لحل الأزمة العراقية على اعتبار ان البلاد ما زالت خاضعة للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة المفروض عليها منذ عام 1991وتسعى بكل الوسائل إلى الخروج من تداعياته وقيوده. وتشير مصادر عراقية الى ان هناك مخاوف داخل مجلس الامن من انهيار الاوضاع الامنية مجددا في العراق اذا استمر النزاع حول تشكيل الحكومة الجديدة وقتا اطول الامر الذي يهدد امن واستقرار المنطقة برمتها.
لكن هذه المصادر تتوقع ان يتخذ المجلس قرارات قوية ضد الأوضاع الحالية او محاولة فرض حلول على العراقيين نظرا لهيمنة الولايات المتحدة عليه باعتبارها رعية "الديمقراطية" في هذا البلد. لكنه يخشى من اصدار المجلس لتوصيات قد تمهد لاحقا للتدخل في الشأن العراقي لمحاولة حل الأزمة السياسية التي تتخبط بها البلاد منذ حوالى الخمسة اشهر.
وتشهد الساحة السياسية العراقية حاليا أزمة دستورية بسبب خرق المهلة التي حددها الدستور لتشكيل الحكومة اثر فشل مجلس النواب بانتخاب رئيسه ونائبيه ورئيس للجمهورية وتأجيل جلسته ما حدا برئيس الجمهورية المنتهية ولايته جلال الطالباني إلى الطلب من القضاء العراقي إبداء الرأي في دستورية المرحلة المقبلة فرد مجلس القضاء الأعلى بالسماح لرئيس الجمهورية بالاستمرار بمهامه لحين انتخاب رئيس آخر مع الاعتراف بالخرق الدستوري الذي وقع.
ويدور جدل بين الفائزين في الانتخابات حول النص الدستوري المتعلق بأحقية الكتلة الفائزة بتشكيل الحكومة حيث ينص الدستور العراقي بمادته 76 على أحقية الكتلة النيابية الأكبر عددا في تشكيل الحكومة فيما تصر الكتلة العراقية الحاصلة على91 مقعدا على أن النص يشير إلى القائمة الفائزة في الانتخابات في وقت يعتبر ائتلاف دولة القانون 89 مقعداً أن النص يعني أي تكتل قد ينشأ نتيجة اندماج أو تحالف أي من الكتل الفائزة بعد الانتخابات في اشارة الى تشكيله مع الائتلاف الوطني "التحالف الوطني".
elaph
إقرأ المزيد: سنطالب بإقالة المالكي اذا لم يقدم تنازلات في ملف تشكيل الحكومة