بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
في الوقت الذي يواجه فيه ملايين الفقراء من المؤمنين في العالم آلام الجوع ، والحاجة والعوز ، ويعانون من الجوع والعطش ، فإن ثلث غذاء العالم يتم الإلقاء به ورميه في صناديق النفايات كل صباح !
استوقني هذا الخبر الذي يقول إن إحصائية علمية تقيس استدامة الغذاء والتغذية صادرة عن مؤسسة "باريلا" للغذاء والتغذية، أظهرت نتائجها أن 25 دولة في العالم تهدر قرابة ثلث غذاء العالم
تصورت وقع هذا الخبر على فقير عائل تتضور اسرته جوعا من حوله ولايجد ما ينفق عليهم ، ثم هو يرى إخوانهم يهدرون طعامهم ويلقون به للقمامة !
وتصورت وقع الخبر على امرأة أرمل فقدت زوجها ، فهي تعمل بأجر زهيد لتنفق على أبنائها الصغار ، ولا تستطيع أن تشتري لهم سوى اقل الاشياء لإطعامهم ولملء بطونهم الصائحة ..
على الجانب الآخر من الصفحة وجدت خبرا آخر يعلن أن أحد الميسورين قد أهدى لاعب كرة سيارة ثمنها يمكن أن ينفق على مئات الأسر الفقيرة الجائعة لمدة تزيد عن عام !
مثل هذه الأخبار لا تستوقفني تعجبا ، فقد زال العجب منها إذ كثرت وانتشرت ، وجف الحلق من النصح حولها ، لكنها تستوقفني الآن توقعا لردود الأفعال المجتمعية جراء ذلك ..
فأتفكر كم من الحنق والحقد يمكن أن تنبته مثل تلك التصرفات ، وكم من الفرقة المجتمعية والقلبية يمكن أن ينشأ بين أفراد هذه الأمة التي أمرها الله أن تكون على قلب واحد ..فلا تسأل من اين ينشأ الحسد ، ومن اين تنشأ البغضاء بين الناس ..
ربما البعض يغفلون عن كونهم يرفلون في نعمة الله من كثرتها حولهم ، هم لا يشعرون بقيمتها إلا أن تنزع منهم !
فلنعرف نعم الله علينا ، فإن مجرد الانتباه لكونها نعمة فذلك من الشكر
ثم بعد معرفة النعمة والانتباه لكونها منعم علينا بها من الله سبحانه ، يجب أن يمتن المؤمن لربه أن أنعم عليه بها ، شكرا بالقلب واللسان والجوارح ..
ثم عليه الشكر بالعمل الصالح ، فلينفق من ماله الذي أنعم به الله عليه ومن علمه الذي أنعم به عليه ومن قوته التي أنعم بها عليه ..وهكذا .." اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا "
فارتباط النعم بشكرها ، وزوالها في كفرها ، فمن عظَّمَها فقد شكرها ، ومن استخف بها فقد حقرها وعرضها للزوال ، ولهذا قالوا : لا زوال للنعمة إذا شكرت ، ولا بقاء لها إذا كفرت .