قد يبدو لك السؤال سخيفًا أو غريبًا، لكن صدقًا، ألم تُفكِّر بذلك من قبل؟
فهل ستُسحق نملة سقطت من ارتفاع شاهق كأن تسقط من أعلى ناطحة سحاب؟ أم أنها ستركض عندما تصل إلى الأرض كأنها لم تُصب بأذى؟
يمكن للحشرات الصغيرة مثل نملة أن تسقط من أي ارتفاع و البقاء على قيد الحياة!
قد تتخيل أن الإجابة لن تكون صعبة نظرًا إلى غرابة السؤال أو ظرافته، لكن للتوصل إلى الجواب الصحيح، عليك أن تكون ملمًا ببعض قوانين الفيزياء وأهمها قانون “مربع-مكعب”.
هذا القانون الفيزيائي الذي وضعه العالم “غاليليو غاليلي” قليلًا ما نسمع به رغم أن له تطبيقات عملية عديدة. وهو يُشير إلى أن الحجم يزداد بمعدل أكبر من ازدياد المساحة السطحية. وبناءً على هذه القاعدة يتم تفسير سبب تعب بعض الثدييات الكبيرة كالفيل مثلًا في تبريد نفسها مقارنةً بأخرى صغيرة الحجم كالفأر مثلًا.
إذ لا يُمكن قياس أي حيوان بنفس الصيغة في تصرفه. فبعض الكميات الفيزيائية تتناسب مع مربع الحجم، في حين أن بعضها يتناسب مع المكعب من الحجم.
ولتفسير ذلك بشكلٍ فيزيائي، دعنا نأخذ الإنسان على سبيل المثال ونُضاعف من حجمه. هذ يعني أن النسبة الخطية له قد تضاعفت وزادت إلى 2. وحيث أن قوة العظام والعضلات تتناسب مع المنطقة المستعرضة، فهذا يعني أن قوة العضلات والقوة الهيكلية زادت إلى 4.
هذا يعني أن كلًا من الحجم والكتلة والوزن بينهما علاقة تجعل كل دالة تزيد إن زادت الأخرى، والعكس صحيح. فكلما قل الحجم، قلت الكتلة والوزن. ويُمكن قياس ذلك على أجسام متناهية الصغر كالنملة مثلًا.
وإن طبَّقنا ذلك على أساس السقوط من ارتفاع، فإن كل كائن ساقط لديه سرعة بناءً على كتلة الجسم والاحتكاك الناجم مع الهواء “مقاومة الهواء”.
وبما أن القوة هي حاصل ضرب الكتلة بالتسارع، فإننا نتوصل إلى نتيجة بسيطة: كتلة الأجسام الكبيرة مثل إنسان ساقط من ارتفاع سيعني ذلك عظامًا مكسورة وفشلًا عضويًا بالغًا وتمزق في الأنسجة بأماكن مختلفة من الجسم وقد يُفارق الحياة بعد كل هذه الإصابات.
أما بالنسبة لسقوط نملة، فالأمر مختلف تمامًا. فسرعة سقوط النملة تنخفض بشكلٍ كبير بسبب كتلتها القليلة نسبيًا والتسارع المنخفض. ما يعني أنها ستصل إلى الأرض بأضرار لا تُذكر!
حيث يُمكن القول أن عاملان يتحكمان في سقوط نملة من ارتفاع كبير وهما الكتلة وبنية الجسم.
بالنسبة للكتلة، فمقاومة الهواء لسقوط جسم ضخم كتلة الإنسان من ارتفاع يعتبر كبير للغاية ويُساهم في زيادة القوة ما يعني زيادة الضرر.
في حين أن كتلة النملة الصغيرة نسبيًا تساعد على تقليل مقاومتها للهواء ما يجعل جسم النملة يسقط ببطء على عكس الكتل الكبيرة. وبذلك لا تُصاب بأي أذى!
أما بالنسبة للبنية الجسمية، فجسم النملة و بعض الحشرات الصغيرة يأخد عدة أشكال حسب الوضعية التي يتواجد فيها، و بالتالي، فعند سقوطها من مسافة عالية يأخد جسمها شكلا يمكنها من امتصاص الصدمات.
لذلك، عليك أن لا تقلق على نملة شاهدتها صدفة قد سقطت من ارتفاع شاهق، بل يُمكن القلق على كائنات أكبر في الكتلة والحجم مثل سقوط قطة أو ما إلى ذلك! بالنهاية، ستصل النملة إلى الأرض سالمة وتُكمل طريقها كأن شيئًا كأن لم يكن!