17:00 30/04/2017
فرض عصر السرعة على الناس أن يكونوا سريعين في تفكيرهم وفي تصرفاتهم وفي أقوالهم وفي أعمالهم وفي تنفيذ واجباتهم، ما جعل الإرهاق سيد الموقف وموضوع شكواهم الدائمة. عندما يصاب الجسم بالإرهاق فإنه يحاول إطلاق إشارات استغاثة فحواها أن نهدأ ونستسلم للراحة. في البداية يستطيع الجسم أن يتأقلم، لكن لصبره حدود، فتجاهل إشارات الاستغاثة التي يبعثها الجسم لفترة طويلة سيجعله عرضة لمشكلات صحية خطيرة. لكن ما هي طبيعة هذه الإشارات التي يرسلها الجسم؟
النسيان المتكرر: فعندما يقع الجسم تحت وطأة الضغوط اليومية المتكررة بسبب كثرة الأعمال وانشغال البال المستمر، تطرح الغدة الكظرية الواقعة فوق الكلية هرمون الكورتيزول الذي يمكن أن يعرقل القدرة على الوصول إلى المعلومات المخزنة في دهاليز الدماغ، ما يجعل الشخص عاجزاً عن الاستذكار وبالتالي الإصابة بالنسيان، مثل نسيان أسماء الأشياء أو مكان ايداع الأغراض الخاصة، وصعوبة تذكّر شخصيات الرواية وأحداثها وفصولها وغيرها. إن النسيان المتكرر الذي يتفاقم مع مرور الوقت يعتبر من أهم الإنذارات المبكرة التي كثيراً ما تعني أن هناك تقاعساً في الحصول على الراحة الكافية التي لا يجب إهمالها، لئلا يتحول النسيان المتكرر مصدراً يومياً للإحراج والإحباط ويسبب المزيد من التوترات العصبية.
ما الحل؟ تبنّي نمط عيش سليماً، والخلود إلى الراحة والاسترخاء، وممارسة الرياضة، خصوصاً الترفيهية منها، وتناول الأغذية الطبيعية الغنية بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، والنوم الجيد.
الأحلام الغريبة: هل تستيقظ دوماً على وقع أحلام غريبة تجعلك في حال يرثى لها من القلق والتوتر والاكتئاب؟ إذا أجبت بنعم فأنت في أمس الحاجة إلى الراحة. لقد بينت دراسات أن الأشخاص الذين لا يعطون أجسامهم حقها من الراحة هم أكثر عرضة للأحلام الغريبة، سواء في مواضيعها أو في مجرياتها أو في حيثياتها. إن الأحلام لا تمت بصلة إلى أرض الواقع، وليست، كما يظن كثيرون، امتداداً لما يعايشه الشخص في حياته اليومية. وفي الحالة الطبيعية تمر هذه الأحلام مرور الكرام وكأن شيئاً لم يحصل، إلا أنها قد تسبب لدى بعضهم حالاً من الإرباك والقلق وانشغال البال وتشوشاً في الذهن وصعوبات في اتخاذ القرارات.
ما الحل؟ الراحة والتفكير بأمور أخرى، كممارسة بعض الهوايات والنشاطات التي تساعد على اختفاء الأحلام الغريبة وطرد الأفكار المتعلقة بها.
إدمان الهاتف الجوال: هل تشعر بالتوتر والعصبية عند مفارقة هاتفك الجوال؟ هل آخر ما تقوم به قبل الذهاب إلى النوم هو تفقّد هاتفك الذكي؟ وهل تتفحصه فور استيقاظك صباحاً؟ وهل تقوم بتفقده باستمرار؟ إذا كانت أجوبتك بالإيجاب فأنت بلا شك مدمن على الهاتف الجوال.
ما الحل؟ يجب هجر الهاتف الجوال لبعض الوقت والذهاب إلى مكان جميل للراحة والتدليك والاسترخاء.
اضطراب المزاج: إذا كان التوتر والعصبية وسرعة الغضب هي العناوين الرئيسة لتصرفاتك، سواء في العمل أو في المنزل أم في الشارع، فأنت في حاجة إلى الراحة في أسرع وقت من أجل تحسين المزاج.
ما الحل؟ الابتعاد من كل مسببات اضطراب المزاج، وسماع الموسيقى، والتنزه، والضحك، والتعرض لأشعة الشمس، والحركة، ومحاولة التواجد في جو عائلي تغمره البهجة والسعادة.
صعوبة اندمال الجروح: إذا كان جرحك يستغرق وقتاً أطول كي يلتئم فليس مستبعداً أن يكون الارهاق هو الذي يقف وراء المشكلة، ففي الحال الطبيعية يقوم الجهاز المناعي بالعمل فوراً على إ
ما الحل؟ والحل هو بالراحة بعيداً من هموم العمل والحياة وممارسة التمارين الرياضية. إن الارهاق الذي لا يزول بالراحة وبعد تعديل سلوكيات نمط الحياة والنوم الجيد والتغذية الجيدة وبعد خفض مستوى الضغوطات الحياتية والبيئية، يحتاج إلى المشورة الطبية في شأنه لتجنب الدخول في متاهات لا لزوم لها.
بقي أن نشير إلى أمور ثلاثة: الأول هو أن كثيرين من الذين يشكون من الإرهاق لا يطلبون المعونة الطبية بحجة أن آخرين، وهم كثر أيضاً، يعانون منه ولا يستشيرون الأطباء.
كثيرين من الذين يشكون من الإرهاق لا يطلبون المعونة الطبية
الأمر الثاني هو عدم اكتراث بعض الأطباء بشكوى المرضى من الإرهاق ولا بالأسباب التي تقف خلفه، مع أن المصاب يشير في قصته المرضية إلى مبررات منطقية لظهوره، مثل تراكم الأعباء، وقلة النوم، والمشكلات العائلية وغيرها.
بقي الأمر الثالث وهو أن بعضهم قد يستسلم للراحة كلياً، وإذا كان الحصول على الراحة حقاً للتغلب على الإرهاق، إلا أن هذا لا يعني الاستسلام الكامل لها، فكثرة الراحة تقود حتماً إلى الإرهاق.