فأقول : اعلم أن الصلاة كانت نورا مكنونا مخزونا تحت حجاب الواحدية في بحر القدر ، وهو الشمس المضيئة تحت ذلك البحر ، وهو أول من لبى لداعي الحق بالعبودية وسر الخضوع والخشية ، ولكن لقربها من عالم الوحدة واضمحلال الكثرة واحتراقها ، كانت نورا شعشعانيا في غاية البساطة والاجملال وحاملة لاسم الله الحي المتعال ، ومعلنة بالثناء على الله عز وجل بالغدو والآصال ، على المعاني كلها في كل الأحوال ، فلما اقتضت القدرة الإلهية إظهار متعلقات اسم الله لإظهار كمال قدرته العامة وحكمته البالغة ونعمته السابغة أظهر ذلك الأمر الوحداني الحامل لذلك الاسم الأعظم الواحد على أربعة عشر هيكلا ، أو قل جعل تلك الشجرة على أربعة عشر غصنا وهي الشجرة الزيتونة التي ليست شرقية ولا غربية - يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار - وهي تلك الشجرة - الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا - كما أن الزيت منها فافهم الإشارة
وسميت تلك الشجرة صلاة ، فالصاد تنبئ عن الشجرة ، لأنها مقام الإجمال واندراج الكثرة في كينونة الوحدة ، لأنها هي الصاد في كهيعص ، فالأصل هو الهاء فلما تكررت أربع مرات نطقت الكاف ، ولما تكررت مرة واحدة نطقت الياء ، ولما ظهرت الهاء في الياء نطقت النون ، والكاف والنون إذا اجتمعت ونطقتا ظهرت العين ، فالعين علة الوجود وكلمة المعبود ، وبها سكنت السواكن وتحركت المتحركات ، فالكاف مقام الإجمال والنون مقام التفصيل ، ولما كان أول المتعلقات الكلمة التي هي الفعل والمشية يجب أن يكون في غاية الإجمال والسعة والإحاطة والبساطة لبطلان الطفرة ، وجب أن يكون أول المتعلق حكاية الكاف لكونها الأشرف ومقامها مقام الإجمال أكثر من النون التي هي مقام الكثرة والتفصيل ، فزيد عدد الكاف على عدد العين الذي هو عدد المجموع فنطقت الصاد فكانت على شكل المربع ، فكانت الصاد هي على شكل المربع فالصاد أو متعلق المشية ، وهو بحر تحت العرش قال الله عز وجل ليلة المعراج - ادن يا محمد من صاد وتوضأ لصلاة الظهر - وهذه الصاد الثانية التي هي الأولى في عالم الوجود المقيد على طبق الأولى في عالم الوجود المطلق ، فإن العالم الأسفل صفة وحكاية عن العالم الأعلى ، قال مولانا الرضا عليه السلام ما معناه - قد علم أولوا الألباب أن ما هنالك لا يعلم إلا بما ههنا - فافهم
فظهر لك أن الصاد هي حقيقة الشجرة المتطورة بأطوار الغصون والأفنان والفروع ، قد ظهرت في المبدأ إذ لوحظ معها غيرها ، كالواحد الذي بعده الثاني والثالث وهكذا ، مع أن الواحد أصل الأعداد وينبوعها وذلك في مقام الإجمال ، وإذا عد معه غيره كلما كان في عالم التفصيل
يتبع،،،
أسرار العبادات من تأليفات البحر الزاخر والدر الفاخر فخر الأفاخر والأعاظم السيد كاظم الحسيني الحائري الرشتي أعلى الله مقامه