بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم

وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك

وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله

السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته




يقول سيد الثائرين (ع): " إنه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها، ولم يبق منها إلا صُبابةٌ كصُبابة الإناء، وخسيسُ عيشٍ كالمرعى الوبيل.
الا ترون إلى الحق لا يُعمل به؟ وإلى الباطل لا يُتناهى عنه؟ لِيرغَبِ المُؤمِنُ في لِقائِهِ رَبه مُحِقاً، فإني لا أرَى المَوتَ إلا سَعادَةً والحياةَ مَعَ الظالِمينَ إلاّ بَرَما"..

تتجدد ذكرى ولادة أبطال واقعة كربلاء وتتجدد مع ذكراهم الخالدة فينا لهذا إعتمد الحسين على قوة المنطق.. وإعتمد عدوه على منطق القوة، ولما سقطت قوة عدوه .. إنتصر مبدأ الحسين .. وكان إنتصاراً أبدياً..

إن الدور الإلهي المقدس الذي سطره الإمام الحسين وابنه السجاد والعباس وزينب عليهم السلام في كربلاء مازال يلهمنا روح في كل يوم ننهض وننعم فيه بنور شمسه وضياء قمره.
فالحسين ليس شخصاً .. بل مشروع
والحسين ليس فرداً .. بل منهج
والحسين ليس كلمة .. بل راية

إن مبادئ نهضة كربلاء تمحورت في ثلاث جهات: طلب الإصلاح، والسعي لإحقاق الحق، وتحرير الإنسان من الأغلال التي كانت عليه والمتجسدة في منع الاستبداد الإنساني لحريته في الحياة، والتعبير عن رأيه في ملازمة الحق، وحق الإختيار فيما يرتضيه الدين من موقف وخلق عظيم.، فهي غذاؤها ومتنفسنا وروحنا بين أضلعنا التي لا نملك إلا أن نقدمها فداء لمبادئ أئمتنا عليهم السلام على طريقة التضحية والصمود في كربلاء.
ولو شاء الحسين أن يعتذر عن الجهاد، لوجد كل الأعذار التي يتوسل ببعضها الناس للتقاعس عنه، وجدها مجتمعة، ولكنه رأى الموت له عادة وكرامته من الله الشهادة.. فأعلن الجهاد..وكان ذلك من أعظم إنجازاته.

إننا اليوم، وبهذه المناسبة التي نجل فيها ذكرى ولادة أبطال كربلاء (ع)، و وهؤلاء العظام الطاهرين (ع) يستنهضون في قلوبنا وعقولنا وضمائرنا ساعة القيام بالمهام ء على خطى أبطال كربلاء.

فقضية كربلاء التي نحتفل فيها اليوم بذكرى ولادة أبطالها أستشهدوا فيها، ليست قضية أشخاص نهضوا ضد يزيد الحاكم المستبد الفاسق الفاجر فاستشهدوا؛ وإنما هي قضية قيم سماوية عليا سحقت في كل لحظة، وفي كل ساعة، وفي وضح النهار، وفي ظلمة الليل، وعلى رؤوس الأشهاد، فنهضوا للذود عن هذه القيم والدفاع دونها.
ولا نسأل من الله تعالى إلا رزقا حسناً في يوم التلاق كما سئل أبطال كربلاء الله تعالى ذلك، إلا أنهم عليهم السلام منهجنا ومسلكنا الذي لن نخذله أو نتخلى عنه.

صمود وشهادة أبطال كربلاء عليهم السلام رموا بأبصارهم إلى مبدأ حماية القيم السماوية وتغيير النظام الأموي الفاسد وإعادة صياغة العلاقات القائمة في المجتمع، واستنهاض الشخصية السباتية أللامبالية في الأمة والتي صارت جزءاً من شخصية الإنسان المسلم في ذلك العصر بفعل سياسة الحكام الظلمة وتآمرهم على الدين وتشويههم لمنهج أهل البيت عليهم السلام وسمعته..وعلى أنقاض حكم يزيد المستبد الفاسق الفاجر كان أئمة وأبطال كربلاء (ع) طلبوا أن يبعثوا في الشخصية الإسلامية روحا جهادية ملتزمة بأصالة الدين لتكون مؤهلة في مهمة بناء حياة حرة كريمة عزيزة. فهم عليهم السلام قدوتنا في كل نَفَس نطلبه في هذه الحياة لنصنع بثورتنا نصر القيم السماوية ضد الفساد والظلم والظغيان في الأرض.

والرسول الأكرم (ص) يقول: ( إن الحسين مصباح هدى وسفينة النجاة) .. فإركبوا جميعاً في سفينة الحسين (ع) فهي الأوسع وفي لجج البحار اسرع .. فمع الحسين كل هزيمة إنتصار ..وبدون الحسين كل إنتصار هزيمة .. إنه الحسين .. وكفى

نهنئ مراجعنا الكرام وجميع الشعوب العربية والإسلامية بذكرى ولادة أبطال كربلاء وقدوة الأمة الخالدين عليهم السلام الذكرى العظيمة