بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم

وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك

وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله


مسلم بن عقيل رسول الحسين تصوّر هذا الإنسان ذهب إلى الكوفة وحده وخاض المخاطر وحده وتحمّل الآلام وحده وواجه الموت وحده وهو إلى آخر لحظة ما ضعف ولا استكان ولا استهان، إلى آخر لحظة هو صاحب إرادة صامدة وهو يقول: أميري حسينٌ ونعم الأمير.
ولذلك ورد عن الحسين قال: ”الناس عبيد الدنيا، والدين لعقٌ على ألسنتهم يحوطونه ما درت معائشهم، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الديّانون“ الذي ليس عنده صبرٌ على البلاء يخرج خاسرًا من البلاء، والذي عنده صبرٌ تنصقل إرادته، ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾[1]﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ [2] الإنسان يحتاج إلى صراع حتى تنصقل إرادته، ولذلك نرى أبطال التاريخ هم أبطال الإرادة الصامدة، الحسين عندما واجه البلاء واجهه بالرضا والتسليم لأنه يعتبره نعمة، قال: ”اللهم رضًا بقضائك وتسليمًا لأمرك يا غياث المستغيثين“.
لأن البلاء يصنع الإرادة، الإنسان محتاجٌ إلى إرادة، كيف الإنسان يستطيع أن يقاوم المعاصي إذا لم تكن عنده إرادة؟! كيف الإنسان يستطيع أن يقاوم مصاعب الحياة إذا لم تكن عنده إرادة؟! الإنسان يفتقر إلى إرادةٍ صامدةٍ ليقاوم بها المعاصي والشهوات وليدافع بها عن دينه ومبادئه، قوة الإرادة وصمود الإرادة يأتي عن طريق البلاء، إذا ابتلى اللهُ العبدَ محّص إرادته وقوّى إرادته وصقل إرادته فأصبح ذا إرادةٍ صامدةٍ يقاوم بها المعاصي ويدافع بها عن دينه ومبادئه، إذن الإنسان محتاجٌ إلى البلاء لأنّه محتاجٌ إلى الإرادة الصامدة، فالبلاء نعمة وليس نقمة.
أحيانًا الإنسان يبتلى من دون اختيار، افترض أنّ إنسانًا مرّ بمنطقةٍ وكان فيها غازاتٌ سامة فأصيب بمرضٍ خطيرٍ، هذا قهرًا عليه، هذا الإنسان مبتلى، لا هو حظ ولا هو راجع إلى عدم الدقة، ابتلاء، الابتلاء نعمة وليس نقمة، ورد عن النبي : ”إذا أحبّ اللهُ عبدًا غتّه بالبلاء غتًا“ البلاء نعمة وليس نقمة، وورد عنه : ”أكثر الناس بلاءً الأنبياء، ثم الذين يلونهم، فالذين يلونهم“، وكان يقول : ”ما أوذي نبيٌ مثلما أوذيت




السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته

[1]البقرة: 155.
[2]البلد: 4.