يستقبلك "قصر عزيزة البليدي"-نسبة إلى ولاية البليدة- ببوابته العملاقة التي ترتفع بـ3.25م طولا و 2.90م عرضا، البوابة المصنوعة من خشب الأرز لم تحافظ على هيبتها وسطوتها على المكان بحكم ما مر ويمر عليها فتلاحظ عين الزائر تآكلا في بعض أجزائها.

الصرح القائم المتواجد ببلدية "بني تامو" لا يبعد عن مدينة البليدة سوى بـ6 كيلومترات، يتربع على مساحة 560 م2 . يقول مرشدايا كل المختصين في الآثار مراد مسيكة ونصر الدين بن صايريأن قصر عزيزة بالبليدة يشبه إلى حد كبير قصر "عزيزة" بالقصبة بالعاصمة، حيث اعتمد في بنائه على أسلوب المعمار العثماني الذي يتميز بالصحن المكشوف والمفتوح على الأروقة، الأبواب المقوسة والنوافذ والأسوار الحجرية العريضة والدعامات الكبيرة التي تحمل البناية، وغيرها من ملحقات العمارة العثمانية من مجلس الزوار، الحرملك، الحمام، الحديقة... القصر الذي شيّد بداية القرن الثامن عشر بأمر من الحاكم العثماني الداي حسن باشا لابنته الوحيدة "عزيزة".

خطواتنا داخل القصر كانت مشتتة، فالمعلم التاريخي نكّل به أكثر من مرة، فاستعمل في بداية الاحتلال الفرنسي كسجن مركزي، حيث استخدم مساجينه آنذاك في تشييد الطرقات وأشغال الري والفلاحة، ثم تحول إلى ثكنة عسكرية مع اندلاع الثورة التحريرية الكبرى، فمقر لإقامة السفاح المضلي "لاقارد" إلى غاية 1962م. وبعد الاستقلال وإلى يومنا احتلته عائلات لتجعل منه سكنا يأويها، محدثة العديد من التغييرات التي شوهت كثيرا من معالم القصر الذي أضحت جدرانه متآكلة وأسقفه مهددة بالسقوط، كإنجاز سور بوسط رواق الطابق الأول ما شوه كليا صورة هذا المعلم إلى جانب استحداث سلالم لم يكن لها أي وجود بباحة القصر وغلق أبواب مقوسة أخرى لفصل عائلة عن أخرى، ناهيك عن بناء غرف أخرى في باحة القصر، ولكم أن تتصوروا مجاري مائية غير منظمة تصب في كل مكان، وفوضى بنيان عارمة أخفت جمالية القصر وصلابته، خاصة وأنه المعلم الوحيد والقديم الذي صمد بعد زلزال 1825م الذي ضرب الولاية وهدم كل ما عليها من بنايات باستثناء هذا القصر الذي شيده الأتراك وفق نظام مضاد للزلازل يشبه إلى حد بعيد ذلك المعمول به حاليا.
يذكر أن تاريخ تشييد قصر "عزيزة" يعود إلى فترة التواجد العثماني بالمنطقة وتحديدا إلى بداية القرن الثامن عشر، وهو يشبه إلى حد كبير قصر "عزيزة" بالقصبة بالعاصمة، ويعد هذا القصر بمثابة منتجع سياحي لعائلة الداي حتى تتمكن ابنته وعائلته من قضاء فترة الصيف في فضاء طبيعي رحب يتوفر على أفضل الخدمات والمناظر التي تسر الناظر وتدخل الغبطة والسرور على نفسه.

وحسب الأستاذ "محمد بن مدور" فإن ''قصر عزيزة ''، والذي يرمز اسمه إلى إحدى بنات الداي حسين، الذي اهدي له قصرين بعد زواجها من باي قسنطينة ،الأول في القصبة والثاني في البليدة،لكن عزيزة عشقت قصرها في البليدة الذي يقال أنها بقيت فيه الى أن ماتت وانتقلت الى رحمة الله،فحسب بعض القادمين الى القصر،أن روح عزيزة تظهر مرة في كل سنة ، وهي ترتدي لباس الأميرات وتنتقل بسرعة من غرفة إلى غرفة،وهذه الحكاية رغم غرابتها لم نجد من يؤكدها أو ينفيها.


منقول