ماذا تعرف عن أديسون مخترع أنارة العالم ؟
أصبح الإنسان في العصر الحديث يتمتع بالكثير من الرفاهية، فما كان صعباً عليه
فيما سبق أصبح يؤديه بمنتهى السهولة الآن، ويرجع الفضل في ذلك للعديد من
العلماء والمخترعين، والمستكشفين الذين جعلوا حياتنا اليومية أكثر سهولة، فإذا
دخل الإنسان غرفته المظلمة وأراد إنارتها، ما عليه سوى أن يضغط زر صغير لتضئ
الغرفة بأكملها، فهل فكر في كل مرة يفعل فيها هذا من الذي يرجع له الفضل
في اختراع المصباح ؟
لا أعتقد، في حين انه إذا سئل سوف يجيب فوراً ” توماس أديسون”.
نعم إنه توماس أديسون هذا العالم العبقري الذي على الرغم من الصعوبات التي
واجهها في مقتبل حياته، وعلى الرغم من المعاناة التي تعرض لها واتهامه بالغباء من
قبل معلميه، إلا أنه استطاع أن يقدم للبشرية اختراعات هائلة لم يستطع هؤلاء
المعلمين أن يقدموا مثلها أو حتى اقل منها، وإليه يرجع الفضل في اختراع الكثير
من مبتكرات القرن العشرين
* النشأة والبداية :-
توماس ألفا أديسون ولد في الحادي عشر من فبراير عام 1847م، بمدينة ميلانو
بولاية أوهايو الأمريكية، كانت والدته تعمل كمدرسة تهتم بالقراءة والأدب
التحق أديسون بالمدرسة الابتدائية وذلك من أجل أن يتلقى تعليمه الأساسي
ولكن لم ينجح كثيراً في دراسته نظراً لضعف ذاكرته، وتشتت ذهنه، فكان
دائماً ما يثير تساؤلات بعيدة عن الموضوع الذي يدرسه، مما جعل المدرسين
يستاءوا منه ويحكموا عليه بأنه طالب فاشل لا فائدة من تلقيه العلم
كما قال عنه الأطباء إنه مصاب بمرض ما نظراً لحجم رأسه الكبير الغريب الشكل
* وراء كل عظيم امرأة :-
تصيب هذه المقولة في الكثير من الأحيان، وفي حالة أديسون تأكدت هذه المقولة
فقد كانت والدته هي عامل الدعم الأساسي في حياته، والتي أعانته كثيراً
فقامت بتعليمه في المنزل، ووفرت له مكتبة ضخمة لكي يتمكن من مطالعة
الكتب المختلفة لتقوى ثقافته والنواحي العلمية لديه، وبالفعل كرس أديسون
كامل اهتمامه على هذه المكتبة يطالع كتبها بشغف وهمه، فما إن وصل إلى
سن الثانية عشر حتى كان قد اطلع على العديد من الكتب الهامة في مجال الكيمياء
وغيرها من المجالات العلمية، والفيزيائية، كما قام بالبحث في الأسس الفيزيائية
وعمل على تفنيد نظريات نيوتن، والبحث والتحليل وإجراء التجارب بنفسه
ليستكشف المزيد ويخترق العلوم، ليحصل على النتائج المختلفة.
ومما قاله عن والدته هذه السيدة العظيمة التي مثلت أهمية خاصة في حياته
” إن أمي هي التي صنعتني …لأنها كانت تحترمني وتثق في …. أشعرتني أنى
أهم شخص في الوجود ….. فأصبح وجودي ضروريا من أجلها وعاهدت نفسي
ألا أخذلها كما لم تخذلني قط”.
* مشواره العملي :-
بدأ أديسون يعاني من مشاكل في السمع، فبدأ يفقد حاسة السمع وعلى
الرغم من ذلك ظل هذا الشخص المجتهد الذي دائماً يحاول أن يبحث
ويستكشف ويبحر في التجارب لاستخلاص النتائج منها، نزل أديسون
للعمل في إحدى محطات القطار وذلك لجلب المال اللازم لإجراء تجاربه
فعمل على بيع المجلات والجرائد لركاب القطارات.
وأثناء عمله في محطة القطار تفجرت الحرب الأهلية في بلاده، فعمل على
تجميع الأخبار الخاصة بالحرب من مقر التلغراف، ونسقها وطبعها في شكل
كتيب بسيط يضم أهم أخبار الحرب وباعها للمسافرين في محطة القطار.
كان دائماً ما يلفت نظر أديسون الآلات التي تعمل حوله مثل القطارات
وآلات الطباعة محاولاً استيعاب طريقة عملها، فأقبل على الكتب العلمية
المختلفة ليستقي منها المعرفة وتتفتح مداركه على المزيد من العلوم.
عمل بعد ذلك أديسون كموظف لإرسال البرقيات في محطة السكة
الحديد، وهو الأمر الذي نفعه بعد ذلك في تطوير آلة التلغراف
* تجارب واختراعات :-
استمر أديسون في دراساته وقراءته التي اجتهد بها لتحصيل المزيد من القواعد
والنظريات العلمية التي ساعدته على إجراء التجارب والاختبارات
واستخلاص النتائج العلمية، وبالفعل بعد مرحلة من الجهد والعمل الجاد تمكن
أديسون من إنجاز أول اختراع له والذي حصل على براءة اختراع عنه وذلك
في عام 1868م، وكان عبارة عن جهاز كهربائي لتسجيل وإحصاء أصوات
المقترعين في الانتخابات، كما عكف على تطوير آلة التلغراف حتى توصل
لما عرف بالتلغراف الكاتب، وأنظمة المزدوج والمربع والآلي أو الأوتوماتيكي
والقلم الكهربائي الذي تم تطويره بعد ذلك وعرف بالآلة الناسخة.
أصبح لدى أديسون مكتبة ضخمة تضم العديد من الكتب والمجلدات العلمية
التي يستعين بها في تجاربه وأبحاثه العلمية، كما قام بتأسيس مختبر خاص به
عام 1876م في منلوبارك بمدينة أورانج بولاية نيوجيرسي الأمريكية.
قدم أديسون العديد من الاختراعات القيمة والتي مازالت البشرية تستفيد
منها إلى الآن ويأتي على راس هذه الاختراعات المصباح الكهربائي
كما قام باختراع آلة برقية تستخدم خط واحد في إرسال العديد من
البرقيات، كذلك أخترع الجرامفون والذي يقوم بتسجيل الصوت ميكانيكياً
على أسطوانة من المعدن وذلك في عام 1877م، والآلة الكاتبة
وآلة تصوير سينمائية، وجهاز لاقط للراديو، وفي عام 1888 قام باختراع
كينتوسكوب وهو أول جهاز لعمل الأفلام، كما قام باختراع بطارية تخزين
قاعدية، وفي عام 1913م تمكن من إنتاج أول فيلم سينمائي صوتي
وفي أواخر حياته عمل على إنتاج المطاط الصناعي .
كما إنه صاحب فكرة إطلاق الإلكترونيات بالمعادن المتأججة المعروفة تحت
اسم “أثر أديسون” Effect Edison والذي يعتبر في أساسه مصباح
ديود ” ثنائي “، هذا بالإضافة للعديد من الاكتشافات والاختراعات الأخرى
كما قام أديسون بوضع الأساس العلمي في العديد من الاختراعات فقد
شارك بشكل أساسي في اختراع السينما وذلك بعد اكتشافه للوحات
التصوير الحساسة، هذا بالإضافة لوضعه لمبادئ الإذاعة اللاسلكية
والتليفون، والسينما والتلفزيون، والعين الكهربائية، والأشعة المجهولة
” أشعة اكس” وغيرها العديد من الاختراعات والاكتشافات الهامة.
وقد سجل أديسون على مدار حياته العديد من الاختراعات فقد حصل
على ما يقرب من 1093 براءة اختراع، وهذا إن دل على شيء فإنه
يدل على عقلية عبقرية لم تخضع للفشل بل نبغت وتفوقت ونهضت
بصاحبه وجعلته صاحب الفضل على العديد من الأجيال البشرية بعد ذلك.
* قصة مصباح أديسون :-
كان لاختراع المصباح الكهربائي قصة مؤثرة في حياة أديسون، ففي أحد
الأيام مرضت والدته مرض شديد، وقد استلزم الأمر إجراء عملية جراحية
لها، إلا أن الطبيب لم يتمكن من إجراء العملية نظراً لعدم وجود الضوء
الكافي، واضطر للانتظار للصباح لكي يجري العملية لها، ومن هنا تولد
الإصرار عند أديسون لكي يضئ الليل بضوء مبهر فأنكب على تجاربه
ومحاولاته العديدة من اجل تنفيذ فكرته حتى انه خاض أكثر من 900 تجربة
في إطار سعيه من اجل نجاح اختراعه، وقال عندما تكرر فشله في تجاربه
” هذا عظيم ..
لقد أثبتنا أن هذه أيضا وسيلة فاشلة في الوصول للاختراع الذي نحلم
به”، وعلى الرغم من تكرار الفشل للتجارب إلا انه لم ييأس وواصل
عمله بمنتهى الهمة باذلاً المزيد من الجهد إلى أن كلل تعبه بالنجاح فتم
اختراع المصباح الكهربائي في عام 1887م.
* حياته الشخصية ووفاته :-
حصل أديسون على وسام ألبرت للجمعية الملكية من فنون بريطانيا
العظمى، كما استلم الميدالية الذهبية من الكونجرس الأمريكي عام 1928م
وذلك كنوع من التقدير والتكريم له على جهده العلمي المتميز.
تزوج أديسون مرتين المرة الأولى عام 1871م من ماري ستيلويل وأنجب
منها ثلاث أبناء هم ماريون، وتوماس، وويليم وذلك قبل وفاتها بسبب
تعرضها لحمى التيفود، أما زواجه الثاني كان من مينا ميلر والتي أنجب
منها هي الأخرى ثلاث أبناء هم مادلين، تشارلز وثيودور.
في أواخر حياته أصيب أديسون بمرض السكر وتدهورت صحته فتتابعت
الأمراض عليه فمرض بحمى برايث ثم بقرحة المعدة، وبداية من عام 1929م
بدأ التدهور السريع في حالته الصحية إلى أن جاء يوم 17 أكتوبر 1931م
حيث قال أديسون أخر كلماته في هذه الحياة وكانت ” ما أروع كل شيء
هناك!” ولا أحد يعلم ما هو المقصود بهذه الكلمات بالضبط هل هو المشهد
خلف النافذة أو العالم الأخر وهو الموت.
وفي اليوم التالي 18 أكتوبر توفى أديسون هذا الرجل الذي أخترع
المصباح الكهربائي وأنار به العالم، توفى أديسون في ويست أورانج عن
عمر يناهز الأربعة وثمانين عاماً.
توفى صاحب الاختراعات الرائعة والتي مثلت خطوة هامة في حياة
البشرية فنقلتها إلى مرحلة أكثر تطوراً وتقدماً، وقد فسر أديسون نجاحه
بالمقولة التالية ” اثنان بالمئة وحي وإلهام و98 بالمئة عرق وجد وجهد”
وهكذا ضرب للعلماء أروع مثل على أهمية التفاني والإخلاص في
العمل حتى يتم الوصول للنتائج المبهرة في النهاية