بئر ذات العلم / الامام علي يقاتل الجن
_________________________
روى العالم الفاضل العامل الكامل السيد محمد تقي القزويني عن بعض الكتب الغزوية والعلامة الأجل ملا محمد صالح البرغاني في كتابه (كنز الواعظين) عن بعض كتب أصحابنا أنه روى أبو الحسن العسكري عن أبي سعيد الخدري وحذيفة بن اليمان قال:
لما رجع النبي (ص) من غزاة السكاسك والسكون مؤيدا منصورا متوجا محبورا قد فتح الله على يديه وأقر بالنصر عينيه إذ دخل أرضا مقفرة وبراري مغبرة ذات طرق دارسة وأشجار يابسة وأنهار طامسة ليس فيها حسيس ولا أنيس إلا زعيق الجان وعوي الغيلان ولا يوجد فيها راهب ولا يهدي فيها ذاهب، فاشتد على المسلمين الحر وعظم عليهم الأمر وقل منهم الصبر. فعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وآله: معاشر الناس من منكم يعرف هذه الأرض؟ فقام إليه عمرو بن أمية الضيمري وقال: أنا أعرف هذه الأرض تسمى وادي الكثيب الأزرق يضل فيها الدليل ولا يوجد فيها ظل ولا ظليل لا يدخلها ركب إلا برك ولا جيش إلا هلك لا يدري أين طريقها خلية من الانس عامرة بالجن يقوى فيها الغيلان ويتحير الانسان. قال: فلما سمع النبي (ص) ذلك وسمع المسلمون أيقنوا بالهلاك، ثم لاذوا برسول الله صلى الله عليه وآله مستجيرين به وقد حمى الهجير واسود البر من عظم وهج الحر، فقال (ص) من يعرف فيها بئر أيها المسلمون وأضمن له على الله الجنة فعندها قال عمر بن أمية الضيمري: ها هنا يا رسول الله بئر يقال لها بئر ذات العلم وفيه ماء أبرد من الثلج، إلا أنه لا يقدر عليه أحد، لأنه بئر معمور من الجن والعفاريت المتمردين على سليمان بن داود " ع " يمنعون الماء على الناس بلهيب النيران وعواصف الدخان ما نزل به ركب إلا أهلكوه ولا جيش إلا أحرقوه، وقد نزل به التبع اليماني فأحرقوا من عسكره عشرة آلاف فارس، ونزل به برهام بن فارس فهلك من عسكره خلق كثير، ونزل به سعد بن برزق فأهلك من عسكره بقدر عشرين ألف فارس، وأن جماجم القتلى حوله يا رسول الله كبيض النعام، فقال رسول الله (ص) لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم انه نزل وأمر المسلمون فنزلوا وضربوا خيامهم والأرض ما تزداد إلا حرا وهم مع ذلك عطاش. فعند ذلك نادي رسول الله (ص) وقال: معاشر الناس والمسلمين من يمضي إلى هذا البئر ويكشف لنا خبره وأضمن له على الله الجنة؟ فقام أبو العاص بن الربيع فقال: يا رسول الله صلى الله عليك إني به عارف وقد نزلت عليه ونحن في خلق كثير فلم نقدر عليه وخرجت علينا عفاريته، فما سلم منا إلا من سبق به جواده، ولكنا ذلك اليوم كنا نعبد الأصنام، واليوم قد هدانا الله بك يا خير الأنام، فقال له النبي (ص): أنت لها يا أبا العاص شكر الله لك مقالتك وقوى لك عزيمتك، ثم أمر له بالمسير وضم إليه عشرة من أصحابه، منهم أبو دجانة الأنصاري وقيس بن سعد بن عبادة وسعد بن معاذ وعبادة بن بشير وثابت بن نحيس وعمرو بن أمية الضيمري وغيرهم ثم ساروا وأخذوا معهم عشرين من المطايا عليها القرب والروايا ودنوا من البئر وهم يكبرون الله ويهللونه ويصلون على النبي (ص). فلما قربوا من البئر وإذا بعفريت قد خرج إليهم كأنه النخلة السحوق وعيناه يتقدان كأنهما جمرتان والنيران تخرج منها، ثم انه تطاول حتى بلغ السحاب وصاح صيحة أعظم من الرعد فتزلزلت لها الأرض. قال: فعرضنا على أن نهرب لما دخلنا من الرعب فقال لنا أبو العباس: يا إخواني من الموت تفرون وأنتم إلى الله صائرون، ارجعوا إلى رحالكم ودعوني وهذا العفريت فإن ظفرت به فهو المراد وإن ظفر بي فانجوا لأنفسكم سالمين وأبلغوا سلامي على رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم أن أبا العاص جرد سيفه ودنى من العفريت وأنشأ يقول: نحن سلالات المعالي والكرم * وأوليا الرحمن سكان الحرم أرسلنا محمد تاج الأمم * المصطفى المختار مصباح الظلم لنستقي من بئركم ذات العلم * ونقتل الجان وعباد الصنم فعند ذلك نادى العفريت أما علمت أن في هذا البئر الملوك العاتية والعفاريت المقردة، أما علمت أن سليمان بن داود تمردنا عليه! وقتلنا قوم عاد وغيرهم من الأمم السالفة! وما مر علينا أحد إلا أهلكنا! فقال له أبو العاص: يا ويلك ليس نحن كمن لاقيت، نحن أنصار الله وأحزاب محمد رسول الله صلى الله عليه وآله فارجع يا ويلك خائبا مدحورا، فلا بد من ورود هذا البئر وشرب مائه، فإن أجبتم طائعين وإلا أجبتم كارهين، وأنشأ أبياته، فما استتم أبو العاص من كلامه، حتى صرخ به العفريت صرخة عظيمة رجفت منها القلوب وارتعدت منها الفرائص، ثم انه أرخى عليه كلكله، فكان أبو العاص كالعصفور في مخلاب الباز فأحرقه. قال: قيس بن سعد: فسمعنا أبا العاص يقول: بلغوا سلامي رسول الله (ص) فولينا هاربين، فلما سمعنا العفريت عاد إلى البئر، دنونا من أبي العاص وإذا هو فحمة سوداء فوقفنا نبكي عليه، وإذا نحن بأصوات هائلة وإذا بدخان قد غشاها من البئر! وأحاطت بنا شهب النيران وخرج إلينا أصناف السنور. قال عمرو: فولينا هاربين ونقرأ القرآن حين بعدنا من البئر، ثم سرنا حتى أشرفنا على المسلمين، فأتينا إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو يبكي على أبي العاص، وكان قد نزل عليه جبرئيل وأخبره بهلاكه وأمر أن يبعث إليه علي بن أبي طالب (ع) قال عمرو: فناديت: عظم الله أجركم في أبي العاص، فقال النبي (ص) والذي روحي بيده ان روح أبي العاص في حوصلة طير أخضر يرتع بها في رياض الجنة. قال: فتمنينا أن نكون مكانه، وكان الإمام عليه السلام قد تأخر عن العسكر في حاجة عرضت لرسول الله (ص) فلما أقبل استقبله عمرو بن أمية الضيمري وقال له: عظم الله لك الأجر في أبي العاص قد حرقه عفريت من عفاريت بئر ذات العلم. قال عمرو: فهملت عينا أمير المؤمنين عليه السلام بالدموع حتى نزل عن جواده وأقبل حتى نزل بجانب النبي صلى الله عليه وآله، فقال له النبي (ص): هذا سلفك أبو العاص أسفي عليه التراب فقال له الإمام عليه السلام: قد عطشت أكباد المسلمين، مرني بالمسير إليه؟ فقال النبي يا أبا الحسن سر إليه، فإن الله حافظك وناصرك، ولكن خذ معك القوم الذين كانوا مع أبي العاص؟ ثم دفع إليه الراية وقام إليه مشيعا، ثم رفع يديه إلى السماء وأقبل يدعو الله، ثم رجع النبي (ص) وسار الامام معه فلما بان عن المسلمين أخذ الراية ونشرها على رأسه ورؤوسنا ثم أن الإمام علي بن أبي طالب أنشأ يقول: حباني رسول الله منه براية * وأمرني أسعى إلى كل ذي كفر أقاتلهم حتى يقروا بربهم * إليهم المعبود في السر والجهر وإني علي وابن عم محمد * نبي أتى بالدين لله بالنصر قال عمرو: ثم أن الإمام عليه السلام سار وسرنا حتى أشرفنا على البئر ونزلنا حوله ونحن نقرأ القرآن، فعند ذلك كبر الإمام عليه السلام بأعلى صوته وقال: " قد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ".قال عمرو: فماجت الجن في البئر وإذا نحن بالعفريت الذي قتل أبا العاص قد طلع علينا في صورة ثم تقدم نحو الإمام عليه السلام وناداه من أنت أيها النازل علينا القادم إلينا ولم تستأذن أحد أما علمت أنه لا يطمع فينا طامع ولا يرتع حولنا راتع! ثم أنشأ يقول: نحن جنود الجن والسعالي * من جند إبليس لنا المعالي قال: فعند ذلك نادى الإمام عليه السلام: أيها الشيطان المتعمد والجني المتمرد اقصر عن هذا الكلام فلست أنا كمن لا قيت من قبل، أنا النور الذي لا يطفى، أنا صاحب الأهوال، ومبيد الأبطال يوم النزال، أنا هازم الكتائب، أنا فاجع الجنائب، أنا مظهر العجائب، أنا علي بن أبي طالب، ثم أن الإمام عليه السلام أنشأ يقول: يا أيها الكاذب في المقال * ارجع خزاك الله عن قتال أنا علي كاشف الأهوال * أنا ابن عم المصطفى المفضال فلما سمع العفريت ذلك حمل على الإمام عليه السلام وأراد يفعل به مثل ما فعل! بابن العاص! قال: فالتفت به الامام " ع " وزعق به الزعقة الهاشمية المعروفة عند الغضب، فقلنا انه صاعقة نزلت من السماء حتى جاوبته الأصوات من كل جانب فأذهله، ثم بادره بذي الفقار وضربه ضربة وجعله شطرين وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار، ثم أن الامام " ع " نادى: هلموا إلي بالقرب والروايا. قال قيس بن سعد: فنادانا الامام " ع " وقد قام العرق الهاشمي بين عينيه وقد ملأ غيظا وحنقا وإذا نحن هايل ودخان قد علا من البئر والنيران تطير علينا منه! والامام يقول " كوني بردا وسلاما - كما كنت - على إبراهيم بردا وسلاما ".
قال عمرو: فخرج جميع الأصناف بصور مختلفة وهي عدة كثيرة، فنظر إلينا الإمام عليه السلام ونحن نرتعد من الخوف وخرج من باب البئر شهاب عظيم عال بالجو إلى عنان السماء وعلا الصراخ واشتد الصياح، حتى لم يسمع أحد منا صاحبه وغشانا الدخان ولا ندري من أين تلتقي النار فينا فعزمنا على الفرار من شدة ما لحقنا، فلم يدعنا الإمام عليه السلام. فعند ذلك ناداهم أمير المؤمنين عليه السلام: (يا معشر الجن والشياطين أتطاولون علي باختلاف صوركم، الله أمركم بهذا أم على الله تفترون) عزمت عليكم " بالصافات صفا * والزاجرات زجرا * والتاليات ذكرا * إن إلهكم لواحد * رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق والمغارب * إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كل شيطان مارد * لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب * دحورا ولهم عذاب واصب * إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب * يا معشر الجن والإنس إن استطعتم ان تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا ولا تنفذون إلا بسلطان * يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران * وبالطور وكتاب مسطور * في رق منشور * والبيت المعمور * والسقف المرفوع * والبحر المسجور * ان عذاب ربك لواقع * ما له من دافع " عزمت عليكم يا معشر الجن والشياطين بأسماء الله العظام وبقل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا أحد " ويقل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد، وبقل أعوذ برب الناس * من شر الوسواس الخناس * الذي في صدور الناس * من الجنة والناس ". قال قيس بن سعد وعمرو بن أمية الضيمري: فما استتم كلامه عليه السلام حتى خمدت النيران وغاب الدخان، فعندها تقدم الإمام عليه السلام ونحن خائفون ومعنا القرب، حتى وصلنا ووقفنا قرب البئر، ثم استدعى بالدلو فأخذه وأدلاه، فلما صار في قرار البئر وإذا بالدلو قد انقطع وأرمي خارج البئر! فغضب الإمام (ع) ونادى: من منكم رمى بالدلو فليبرز إلي؟. قال: فخرج إليه العفريت الذي قطع الدلو وهو يقول جاء الهمام الممنع * لعمركم مقطع! معود خوض اللقا * غظنفر سميدع!
قال: فلم يدعه الإمام (ع) يتم شعره دون ان هجم عليه وبادره بضربة فوقع مجدلا وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار، ثم إن الإمام (ع) أخذ الدلو وأدلاه ثانية وهو ينشد ويقول مصليا على طه الرسول: أنا علي أنزع البطين * اضرب هامات العدا بالسيف ان تقطعوا الدلو لنا ثانيا * أضربكم ضربا بغير حيف فأجابه عفريت من عفاريت البئر وهو يقول: يا صاحب القول الكذوب الأقطع * ما لك في مشربنا من مطمع امض عن البئر ولا تصدع * وخل عن هذا المكان الأقطع تأكلك الطير ووحش البلقع! * من قبل ان تكفى صريع مصرع فلما سمع الإمام عليه السلام كلام العفريت رد عليه مقاله وأنشأ يقول: يا صاحب الشعر اللعين الكاذب * سوف ترى من العذاب الواصب ان كنت لا تعرفني عند اللقا * أنا علي هازم الكتائب ان رجع الدلو إلي خاليا * أنزل في البئر بسيف واصب ثم إن الإمام عليه السلام أرسل الدلو في البئر، فلما ان وصل إلى الماء انقطع الدلو ورمي! فقال (ع): يا معشر الجن والشياطين أيكم قطع الدلو في البئر فليبرز إلي فلم يبرز إليه أحد! فأخذ الامام الدلو وألاه ثالثة وإذا بعفريت من البئر يقول: يا صاحب الدلو العلى الشأن * والرجل المذكور من عدنان ان أنت قد أدليت دلوا ثانيا * رميت في البئر بلا تواني فلما سمع الامام كلامه قام عرق الغضب بين عينيه ونادى: يا معشر الجن والشياطين تخوفوني بالنزول إليكم فاشتدوا لقالي واعتدوا لبرازي، ثم ربط الرشا في وسطه وقال لأصحابه أدلوني إليهم؟؟ قال عمرو: فأقبلنا إليه وقلنا له ان هذا البئر بعيد المدى واسع الفضاء قد ترى ما حل بنا من النيران منهم وعواصف الدخان ونحن خارج البئر، فكيف يا أبا الحسن إذا صرت في قعره وأحاطت بك العفاريت يرمونك بشهب النيران. قال: فعند ذلك قال لهم: بحق ابن عمي رسول الله إلا ما أنزلتموني إليهم؟. قال عمرو: فلما أقسم علينا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علمنا أن نحن منعناه رمى بنفسه إلى قرار البئر. قال قيس بن سعد: فدنينا إلى أن صار في وسط البئر، فإذا بالرشا قد قطع، فرمى الإمام عليه السلام بنفسه إلى قعر البئر وذو الفقار بيده مسلول وبيده درقة عمه حمزة. قال عمرو: فلما انقطع الحبل ضججنا بالبكاء والنحيب وأيقنا بالهلاك وقلنا اللهم لا تفجع به قلوبنا ولا قلب نبيك. قال: فبينما نحن كذلك وإذا بضجة عظيمة وكثر الصياح وعلا الصراخ، نظرنا في البئر وإذا شهب النيران كأنها الكواكب إذا رجمت بها الشياطين وهي تختلف في قعر البئر من كل جانب ومكان، فنادينا، يا أبا الحسن؟ فلم يجبنا أحد، فاشتد علينا ذلك، فأخذنا بالبكاء والعويل وأيسنا من الإمام (ع) وبقينا زمانا طويلا وعزمنا على الانصراف. قال: فبينما نحن كذلك وإذا بزعقات الامام كصواعق من السماء، فطابت أنفسنا وفرحنا، وإذا بقائل يقول: يا بن أبي طالب اعطنا الأمان والذمام، فقال والله ما لكم أمان ولا ذمام حتى تقولوا قولا مخلصا لا إله إلا الله محمد رسول الله وتعطوني العهود والمواثيق ان لا تمنعوا واردا ورد هذا البئر؟ قال عمرو: فبقى الإمام عليه السلام في البئر وانقطع عنا خبره وكنا نركن إلى صوت، فبقينا متحرين ما ندري ما نصنع، فأصغينا ولم نسمع صوته، فبينما نحن كذلك وإذا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في نفر قليل وهو يبكي وينادي: يا بن عماه، فلم يزل كذلك حتى وقف على البئر، فظننا انه قد نزل عليه الوحي من الله تعالى بهلاك علي (ع) فجعلنا نقبل يديه ورجليه ونبكي لبكائه، إذ هبط عليه جبرئيل من قبل الجبار وقال:
يا محمد السلام يقرئك السلام ويقول لك: ما هذا الجزع والفزع الذي أراه فيك من قبل ابن عمك، ناده فهو يجيبك، وقد أيده الله تعالى بالنصر وأحاطت به ملائكتي فهم بين يديه وعن يمينه وعن شماله ولو أن ملكا من الملائكة الذين معه أراد هلاك الجن قبض أرواحهم في ساعة واحدة لأمكنهم ذلك، ولكن أحببت أن يكون لابن عمك الذكر إلى يوم القيامة. فنادى النبي (ص): يا أبا الحسن؟ فأجابه لبيك لبيك يا رسول الله صلى الله عليك أبشر بالنصر، ثم قلنا ندلي عليك بعض الأرشية حتى تصعد، فلم نشعر إلا وهو معنا قال فعانقه النبي (ص) وضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه، ثم قال: أتحدثني أم أحدثك يما جرى عليك؟ فقال له علي (عليه السلام) من فمك أحلى بأبي أنت وأمي؟. قال قيس بن سعد: سمعت بعض النفر الذين كانوا معه يقول: الساعة تبكي وتصيح والآن تضحك! وتريد أن تحدثه بما جرى عليه!. قال عمرو: وأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحدثنا بما جرى على الإمام وما لاقاه من أعداء الله في البئر، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) صدقت يا رسول الله، قد كان ذلك قال: ومن جملة ما حدثنا به رسول الله صلى الله عليه وآله: أن الامام قتل منهم في البئر زهاء عشرين ألف عفريت وأسلمت على يديه أربعة وعشرون قبيلة من طوايفهم، الذين بقوا إلى الآن ومن أطراف العجائب الذين يحدثون بها إلى آخر الزمان. قال عمرو: وقام رسول الله صلى الله عليه وآله وأمر بالنزول قريب البئر فسقوا مطاياهم، وأقام النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه واستراحوا حتى باتوا ليلتهم، ثم ارتحل النبي (ص) من الغد ورحل المسلمون إلى المدينة الطيبة وقد فتح الله بالنصر والظفر.
الأنوار العلوية ص