انتشر في الآونة الأخيرة ظاهرة مثيرة للاستغراب، الكثير منّا أصبح يتدخّل في اختصاص المراجع وعلماء الدين ويجادل في ما ليس له به علم، مع إنَّهُ لا يفع ذلك مع الطبيب والمهندس وغيره، وحينما تسأله (لِمَ تتدخّل في شيء لا تعلم عنه شيء) يجيبك مسرعاً (الدين لا يحتاج معرفة فهو ليس علم) ولا أدري أيَّ تناقضٍ وقعتم فيه يا مُدّعي الثقافة فأنتم ترفضون اعتبار الدين علم بحُجّة عدم وجود قواعد علمية أو معرفية له بينما تسمّون القانون والسياسة واللغات علوماً مع أنَّها تتشابه مع الدين من حيث الطبيعة وشكل القواعد العلمية والمعرفية والمنطقية التي تحكمها، فلماذا تسمّونها علوماً وترفضون الدين أن يكون علماً، والأدهى من هذا أنتم تتدخّلون في اختصاص المراجع تجادلونهم وتنصّبون أنفسكم مكانهم بينما لا تناقشون الطبيب والمهندس في حرف واحد مما يكتبه أو يقوله، ثُمَّ هل انتهت كل مشاكل البلد من صحة وخدمات وعمل و.... كي تبحثون عن الدين والشعائر الحسينية كي تنقدونها بشكل للأسف يخلو في أكثر الأحيان من العلمية والمنطقية -مع احترامنا لمن يتخذ المنطق أساساً لهُ- ؟ وهل في رأيكم كل أصحاب الاختصاصات الأخرى عباقرة زمانهم معصومين من الخطأ كي تتركووهم وتتجاهلون فضائعهم ومغالطاتهم العلمية وتشهرون ألسنتكم كالسيوف في وجه علماء الدين وتحمّلوهم مسؤولية كل أخطاء الآخرين ؟ ثُمَّ لماذا الخلط المتعمّد بين خطيب المنبر والرادود من جهة والمرجع وعالم الدين من جهة أخرى؟ على أيِّ أساسٍ يجري تحميل الدين مسؤولية كل الويلات التي تتعرضون لها وتتهمونه بسببية كل المشاكل؟ أخيراً ماذا يجري إن أخطأ رجل دين أو مرتدي عمامة واحدة فهو ليس معصوم فما الذي يدفعكم الى التشهير بكافة العلماء ورميهم بالباطل وتتغاضون عن آلاف الفضائع التي يرتكبها مرتدي الملابس الأخرى -خصوصاً البدلة والزي الرسمي- ومشكلتكم أنكم ترفضون الاعتراف بكون رجل الدين بشر معرّض للخطأ وإن أخطأ فلا يعني بالضرورة أن يكون غيره مخطئ وإن انحرف أحدهم ليس يعني كون الجميع منحرفين، ومصيبتكم الأدهى والأمر تعيبوننا في تقديس رجال الدين وأنتم تقدّسون علماء الطب والهندسة و... وترفضون الاعتراف بكونهم يخطئون وفيهم الكثير من المنحرفين الشواذ وإذا أثبتنا بدليل فساد أحدهم تسارعون للدفاع قائلين (هو بشر معرّض للخطأ وإن أخطأ فلا يعني أن الجميع مخطئين أو فاسدين) لا أعلم ما سبب سياسة الكيل بمكيالَين التي يتبعها أعداء المراجع ومدّعي الثقافة ! الظاهر إنها ثقافة جوفاء لا تنطوي على غير السفسطة وانعدام المنطق.