يعتقد كثيرون أنهم يوفون أبدانهم حَقَّها عندما يؤدون التمارين الرياضية، فيهدأ بالهم ويترقبون التقارير الطبية التي يظنون أنها ستؤكد لهم تمتُّعهم بالصحة والعافية، لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فنحن نحتاج إلى ضبط إيقاع المجهود الذي نبذله مقابل الراحة التي تحصل عليها أجسادنا كي نصل إلى نمط حياة صحي، حسب مقال على جريدة النيويورك تايمز.
ممارسة الرياضة مفيدة، وقلة التحرُّك غايةٌ في الخطورة، وتشير بعض الدراسات إلى قلة النشاط والحركة السبب الرئيسي في 6% من حالات الأزمات القلبية في العالم، ويعني هذا أن أداء التمرينات الرياضية من شأنه أن يقلل الآثار السلبية لعدم أو قلة الحركة على صحة الإنسان.
ساعة رياضة يوميًّا؟ لا تكفي
كيف يمكن أن تؤدي قلة ممارسة الرياضة لانهيار الجسد؟
لن تكفي الرياضة وحدها إذا كنت تجلس لفترات طويلة.
لا تعتقد أنك لو مارست بعض الرياضة ثم جلست بقية اليوم فإن هذا يحمي صحتك وجسدك.
إن مصاحبتك الأريكة لفترات طويلة، أيًّا كان النشاط الذي قمت به، يعرضك لنفس معدل الإصابة بالأزمة القلبية كمن لا يمارس أي تمارين على الإطلاق.
ورغم أنه لم تُجرَ دراسات علمية للربط بين نمط الحياة والصحة، سوى أبحاث أمراض الأوبئة التي تعتمد على الاستقصاءات واستطلاعات الرأي وليس التجارب العلمية، فقد قارنت دراسة نشرتها المجلة الأمريكية لعلم وظائف الأعضاء في 2016بين ممارسي الرياضة الذين يحرصون على الجلوس لفترات طويلة، ومن يتَّسم نمط حياتهم اليومية بالنشاط المستمر.
أظهرت الدراسة أن ممارسة التمارين الرياضية، حتى لو كانت شاقة، لها أثر ضعيف أمام ما يُحدثه القعود الطويل من أضرار، في حين أن الحركة الدائمة بجانب التمارين الرياضية تُبقي احتمالات الأضرار الصحية ضعيفة.
وللخروج بهذه الدراسة إلى الصورة العلمية، تابع علماء من جامعة تكساس الحالة الصحية لسبعة رجال أصحَّاء، داوموا على التريُّض لمدة أربعة أيام متتالية، ثم أتبعوها بأربعة أيام أخرى من الكسل التام. وهكذا، كانت أيامهم الأربعة الأولى عبارة عن المشي لـ17 ألف خطوة والجلوس لثمانِ ساعات في اليوم، بينما قضوا الأربعة التالية في جلوس استمر لـ14 ساعة يوميًّا.
في ليلة اليوم الخامس، ركض الرجال السبعة لمدة ساعة، ثم حصلوا في الصباح التالي على وجبة إفطار دسمة تحتوي على كميات مرتفعة من السكر، بحسب أستاذ علم الحركة بجامعة تكساس، «إدوارد كويل»، أحد العاملين على الدراسة.
في العادة، يساعد هذا القدر من التمرينات المستمرة خلال اليوم في خفض مستويات الدهون الثلاثية في الدم (دهون تتراكم بعد تناول الولائم وتسبِّب أمراض القلب)، التي تترسب بعد تناول وجبات دسمة، مثل الإفطار الذي تناوله الرجال السبع في اليوم الخامس، لكن ركونهم إلى الراحة لمدة 14 ساعة يوميًّا أدى إلى فشل الركض في إضعاف الدهون الثلاثية.
اقرأ أيضًا: ما العلاقة بين الكسل والإبداع؟
ﻻ تجلس طويلًا
يوضح كويل أن كثرة الرقود والجلوس تجعل جسم الإنسان يقاوم مفعول الحركة والرياضة، بمعنى أن نَدرة النشاط تغير الطبيعة الوظيفية لجسم الإنسان، فتوقف أثر التمرينات الرياضية في حرق الدهون،وتعرقل بالتالي المردود الصحي للتمرينات البدنية على الجسم.
يأمل الفريق في توسيع البحث عن آلية عمل خلايا أجسام الموظفين في بيئة عملهم، ومقارنتها بكبار السن وغير الأصحاء والإناث، وهكذا ستتطرق الدراسة إلى أنماط مختلفة بما أنها لا تزال في بداياتها. ومع هذا، فإن ما توصلت إليه الدراسة من كشف حتى الآن جدير بتشجعينا على تغيير أسلوب حياتنا.
الرياضة مفيدة، اتفق الجميع على ذلك، لكن ممارستها ثم الرُّكون إلى الراحة فيه إضاعة لجُهودك. لا تستسلم لشعورٍ يدعوك إلى الدَّعة وتُبطِل ما تبذل فيه العرق كل يوم، فلربما صرت كمثل من لا يمارس الرياضة مطلقًا، سواءً بسواء، ولربما ندمت لاحقًا على الجهد الذي أنفقته دون فائدة.