صور غير واضحة
قد يخيل للبعض ان الحجاب و النقاب، و التطبير و الزهد المطلق في الحياة، و الكبت الشديد للنفس هي امور تدرج ضمن سياق الحرية الشخصية، ولا يحق لنا التدخل فيها ..
هذا غير صحيح، لعدة اسباب :
أولاً : عندما يزرع في النفس الايمان المطلق بأن هنالك عقاب شديد او ثواب عظيم على كل فعل نقوم به .. لم تعد تلك حرية شخصية .. ناهيك عن ان هذا الايمان يُزرع في النفس منذ الطفولة .. عن طريق الترهيب او الترغيب .. فيكبر الطفل فاقداً للحرية الشخصية .. أي انه يتصرف وفق افكار العقاب والثواب التي زرعت في نفسه منذ الصغر ..
ثانياً : هذا الايمان المطلق يولد تعصب شديد، و بالتالي سيحاول الفرد ان يفرضه على الآخرين بطريقة او بأخرى. ربما لا يستطيع الجميع فعل ذلك، و لكن ما هو مؤكد، ان الجميع سيفرضه على الابناء .. و هذا تعدي على حريات الآخرين ايضاً، و لذا فهو ليس حرية شخصية ..
ثالثاً : الحرية الشخصية موضوع متشعب جداً، و هنالك اسئلة عديدة يجب ان نجيب عليها قبل ان نتكلم عن الحرية الشخصية، مثلاً :
هل الفرد حراً في ان يظلم نفسه ؟
ربما، اذا كان لديه خيار ..
ولكن عندما لا يترك له ايمانه المنغرس منذ الطفولة خيار، فهل يعتبر ظلمه لنفسه حرية شخصية ؟
برأيي، لا يعتبر كذلك ..
ولا يعتبر هو ظالم لنفسه، بل وقع الظلم عليه عندما غُرس هذا الايمان الخاطئ في نفسه منذ الصغر ..
و اخيراً : الحرية تتطلب قدرٍ عالٍ من المسؤولية، انت حر يعني انك مسؤول .. و لذا فيجب ان لا تعطى الحرية إلا لمن هو قادرٌ على تحمل المسؤولية .. حتى لا يؤذي نفسه و الآخرين .. و هذا يتطلب ان يكون الانسان حراً في نضوجه، أن تعرض عليه افكاراً و مواد تعليمية متنوعة، و تترك له حرية اختيار اتجاهه، و أن لا يكون مجبراً على شيء في مرحلة تكوين قناعاته الرئيسية ..
و هذا لا يحدث في مجتمعنا كثيراً، بل العكس : انك تجد الابناء يرثون كل معتقدات و افكار آبائهم، ليس فقط الدين و المذهب .. بل حتى التوجه السياسي في احيان كثيرة ..
عن أي حرية شخصية نتحدث ؟!