بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم

وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك

وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله

السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


عندما تقترب من انسان نائم، فانت قريبه منه، بيد أنه ليس كذلك، لانه لا يعي وجودك، كذلك الحال في العلاقة مع الله -تعالى- وفي دعاء دعاء أبي حمزة الثمالي: «وأن الراحل اليك قريب المسافة، وانك لا تحتجب عن خلقك إلا ان تحتجب الاعمال دونك»؛ فهذه المسافة بيننا وبين الله، هي التي يجب ان نقطعها للوصول اليه -تعالى-، ومن لم يتقدم الى الله في رحلة الحقيقة في هذه الدنيا، فانه في الاخرة لن يحصل على شيء.

والسؤال؛ كيف نصل الى الله؟

نحن في حالة من الغفلة والجهل او السبات، وكل هذه الآيات القرآنية و الادعية والصلوات، كلها؛ من اجل ان نذكر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}،(سورة الأحزاب: 41 - 422)، أي اذكروا الله ذكراً كثيرا، لان في أي لحظة غفلة عن ذكر الله، فإن الشيطان يكون حاضر، {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}، والأعشى الذي يرى، ولكن نظره ضعيف.

فهل بامان الإنسان - والحال هكذا - أن يتغير بشكل جوهري؟

يظهر أن ذلك ممكن إذا توكل الله، ولكن كيف له أن يغير نفسه، من حيوان الى انسان، ومن انسان الى ملاك، ومن ملاك الى ما هو اعظم من الملائكة، هذا يحتاج إلى تأمل ونظر في نفس الإنسان، وما بها من عوامل التخلف عن الوصول إلى الله تعالى؛ منها الإرادة، مع شرط أن تتصل بالله تعالى، لأن هذه الارادة ربما تأخذك إلى صواب أو إلى غيره، فلكي نقرر أن نصل إلى الله، يجب أن نكون على هدى، ولكي نكون كذلك، نحتاج إلى هادي، ويجب أن يكون هذا الهادي من عند الله تعالى، لان اصل الهداية من الله، لذلك انت تقرأ في الآيات الآنقة الذكر: ﴿نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾، فهنا الهداية إلى من؟ تجيبنا الآية التي بعدها: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، فهذه الهداية نسبتها إلى رسول الله، صلى الله عليه وآله، فإن أصل الهداية من الله، بيد أن الرسول، يمثل الواسطة بين الله وعبده.

وهنا ثمة ملاحظة لابد من الاشارة اليها، لماذا القرآن الكريم غير أسلوبه حينما قال: ﴿نَهْدِي﴾، ومن ثم قال: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي﴾، فإنه في مقام بيان أن الهداية الإلهية تتمثل في شخص النبي، صلى الله عليه وآله، لذلك يستحب أن يُقال قبل الصلاة: «أعوذُ بالله القوي مِنَ الشيطان الغوي، وأعوذ بمحمد الرضي من شَر ما قَدر ورضي، وأعوذ بأهل بيته الطيبين من شَر الجن والإنس اجمعين، وأعوذ بالله رَبِ الناس مَلكِ الناس إله الناس من شر الوَسوَاس الذي يُوَسوِسُ في صدور الناس الله اكبر»، لان الله خلق تقديره وفوضه الى النبي الأكرم، لذلك فهو رضيّ من شر ما قُدر وقضي، فإن الله هو الذي يهدي بهداية الرسول الأكرم: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، إذ ان الصراط الذي يوصلنا إلى الله تعالى، فاليه المنتهى وإليه الرجعى، وهذا هو كمال العلاقة مع الله - تعالى- فعندما يصل الانسان الى الله، كما وصل الامام الحسين، سلام الله عليه، فانه لن يوجد شيء بعده يصل إليه: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}.

بالمحصلة؛ فقد خوّل الله الاخرين أموراً وفوضها اليهم بهدف الامتحان والابتلاء، فتنتهي اليه سبحانه، فيجب علينا أن نتبع الصراط، من خلال هادي ونذير، وهو النبي، صلى الله عليه وآله، ويبقى شيء واحد في أذهاننا، ألا وهو؛ أن الله تعالى غير محجوب عنّا، كما جاء في الدعاء الآنف الذكر، إنما يجب أن نكون نحن دائمي الذكر له - تعالى- ولا يلهينا شيء عن ذكر الله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}، (سورة المنافقون: 9).