بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
قد تخرج المعرفة الكامنة بالله تعالى عن مخبئها الفطري من خلال التأمّل بصنعة الله تعالى والنظر في عالم الخلق البديع الذي قد يكون بسيطاً.
- كقول الأعرابي حينما سُئل عن وجود الله تعالى فأجاب: "البعرةُ تدل على البعير, والأثر على المسير, أسماءٌ ذات أبراج, وأرض ذات فجاج, ألا يدلاّن على اللطيف الخبير؟!"
- وكإرشاد الإمام الصادق عليه السلام لذلك المنكر لوجود الله تعالى إلى التأمل بالبيضة قائلاً: "يا ديصاني، هذا حصن مكنون له جلد غليظ وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق, وتحت الجلد الرقيق ذهبة مايعة وفضة ذائبة, فلا الذهبة المايعة تختلط بالفضة الذائبة ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المايعة هي على حالها لم يخرج منها مصلح فيخبر عن صلاحها ولا دخل فيها مُفسد يخبر عن فسادها, لا يُدرى للذكر خلقت أم للأنثى, تنفلق عن مثل ألوان الطواويس, أترى لها مدبراً؟!" قال: فأطرق ملياً، ثم قال: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له..."1
- وكإرشاد الإمام علي عليه السلام إلى التأمّل بالنملة قائلاً: "ألا ينظرون إلى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه, وأتقن تركيبه, وفلق له السمع والبصر وسوَّى له العظم والبشر2. انظروا إلى النملة في صغر جثتها ولطافة هيئتها, لا تكاد تُنالُ بلحظ البصر, ولا بمستدرَكِ الفكر, كيف دبّت على أرضها, وصُبَّت على رزقها, تنقل الحبة إلى جُحرها, وتُعدُّها في مستقرِّها, تجمع في حرّها لبردها, وفي وُرُودها لصَدَرِها3مكفولةٌ برزقها, مرزوقة بوِفِقها, لا يُغفلها المنّانُ, ولا يَحرِمها الديّان ولو في الصفا اليابس والحَجَر الجامس4 ولو فكرت في مجاري أَكْلها في عُلْوِها وسُفْلِها, وما في الجوف من شراسيف بطنها5وما في الرأس من عينها وأذنها, لقضيت من خَلقِها عجباً, وَلَقِيْتَ من وصفِها تعباً, فتعالى الذي أقامها على قوائمها, وبناها على دعائمها, لم يَشْرَكهُ في فطرتها فاطرٌ, ولم يُعِنْهُ في خلقها قادرٌ6.
-------------------
1- الصدوق, محمد بن علي, التوحيد, تحقيق هاشم الحسنيي الطهراني, (لا,ط), قم, جماعة المدرسين, ص 124.
2- جمع بشرة وهي ظاهر الجلد الإنساني.
3- الصدر, محرَّكاُ, الرجوع بعد الورود. وقوله بوقفها بكسر الواو أي بما يوافقها من الرزق ويلائم طبعها.
4- الجامس: الجامد.
5- الشراسيف: مقاط الأضلاع وهي أطرافها التي تشرف على البطن.
6- الإمام علي, نهج البلاغة, جمع الشريف الرضي,تحقيق محمد عبده, ط1, قم, دار الذخائر, ج2, ص 117.