في إسبانيا.. سيميوني محارب من خط التماس


لم يمضِ زمن طويل منذ أن تحدث الإعلام البريطاني عن الساعة السوداء والمســـلك الأسود، في إشــارة إلى دييجــو سيميوني مدرب أتليتيكــــو مدريد خلال مباراة المنتخبين الإنجليزي والأرجنتيني، في نهائيات كــــأس العالـــــم 1998. فالجماهير الإنجليزية لا تنسى المخالفة اللاأخلاقية التي ارتكبها سيميوني في المونديال الفرنسي، حينما ضحك على الحكم وتقلب على أرض الملعب، مدعيًا أنه تعرض لإصابة خطيرة من ديفيد بيكام، رغم أن الأخير لم يحتك به، ومع ذلك احتسبت المخالفة ضد بيكام الذي تعرض للطرد.. ولكن بعد مرور عقدين من الزمان من ذلك الوقت، فإن الخائن الأرجنتيني تحول إلى بطل قومي يجد الاحترام والتقدير ليس في بلاده فحسب، بل على نطاق العالم بعد أن قاد أتليتيكو مدريد مرة ثانية للدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا؛ فبالأحذية السوداء والسروال الأسود والجاكيت الأسود، والتي أصبحت جزءًا من شخصيته، نال سيميوني لقب محارب من خط التماس، وهو يوجه لاعبيه بالصراخ والركض حول الملعب في حماس طاغِ، انتهى كثيراً إلى صدامات مع الحكام وإشهار بطاقات حمراء في وجهه.
الآن انتهت كل هذه الصور السالبة للمدرب الأرجنتيني، ولاسيما بعد أن قاد أتلتيكو مدريد إلى الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا، وحقق الفريق تحت قيادته نتائج باهرة خلال السنوات الخمس الماضية.
فوزه على ليستر سيتي خلال مباراتي الذهاب والإياب، وتأهل الفريق إلى الدور قبل النهائي خلال أربع سنوات هو في حقيقته إنجاز لم يتحقق منذ أربعين سنة، قبل أن يتولى المدرب الأرجنتيني زمام القيادة، ويقود الفريق الإسباني إلى نجاحات أوروبية خلال المواسم الستة الماضية؛ فهو رجل يمزج الماضي العريق بالحاضر الزاهر؛ ليرسم من القيم والمفاهيم المتناقضة لوحة متجانسة في غاية الجمال.
إن زيه الأنيق اللصيق بالجسم يمنح معنى جديداً للفنون السوداء.. إذ إن قوة الفريق تستند إلى ترسانة دفاع صلبة تزداد قوة مع الاندفاع نحو المقدمة، إذ إن خط الهجوم يعتبر سلاحاً قاتلاً يضم في صفوفه تشكيلة خطيرة من المحترفين، خاصة حينما يلعب الفريق أمام فرق قوية وخطيرة، حيث تحرز هذه التشكيلة أهدافاً في غاية الجمال والمتعة.. الفريق يشكل كتيبة من فرق النخبة في أوروبا؛ شأنه شأن كل نجوم الدوري الأوروبي، ولكن الخلاف بينهم أنهم يلتفون حول جنرال يكنون له كل الاحترام والثقة. إذ إن كل النجاحات التي تحققت ترجع له، بعكس الحال في أندية برشلونة وريال مدريد، ولكن مع ذلك فإن مشواره مع النادي ربما يقترب من النهاية، ولاسيما بعد تقليص النادي العقد معه من 2020 إلى 2018، ولكن إذا فاز أتلتيكو مدريد بلقب دوري الأبطال خلال العامين المقبلين بعد خسارته مرتين أمام عملاقي إسبانيا الآخرين ريال مدريد وبرشلونة؛ فسوف يكون ذلك مسك الختام لسيميوني بعد أن حول النادي إلى قوة كروية ضاربة في أوروبا، وحتى لو لم يتحقق ذلك فسوف يغادر النادي كأحد أفضل المدربين في تاريخه، حيث تصطف مجموعة من الأندية الأوروبية للحصول على خدماته، وعلى رأسهم أرسنال الذي يبحث عن بديل للفرنسي المخضرم أرسين فينجر، ولكن الرحيل إلى إنجلترا تحديداً رغم أنه ليس مستحيلاً ليس ضمن أولويات سيميوني، إذ ألمح قبل فترة وتحديداً في ديسمبر الماضي بوجود حالة غزل متبادل بينه وبين إنتر ميلان، الذي لم يفز حتى الآن وخلال سبع سنوات بأي لقب كما فشل في التأهل لدوري أبطال أوروبا خلال السنوات الخمس الماضية؛ ولذلك فليس من المستغرب أن يمد النادي الإيطالي له يده، أما بالنسبة لإمكانيات انتقاله إلى إنجلترا، فإن الباب ليس مغلقاً، فهو على الأقل (موارب)؛ فقد كشفت تقارير أنه دخل في دورات لتعلم اللغة الإنجليزية ولكن معرفته للإنجليزية ليست مثل معرفته للإيطالية؛ ولذلك فهو يميل نحو إيطاليا، حيث يحترف ابنه جيرو لنادي جنوى، ولكن بصرف النظر عن بقاء سيموني في إسبانيا أو الرحيل إلى إيطاليا أو إنجلترا، فإن سيميوني سيظل رقماً لا يمكن تجاهله، حيث سيحتفظ بمكانة في صدارة أخبار الكرة لسنوات قادمة، وهو يتحرك حول الملعب جيئة وذهاباً من خط التماس بزيه الأسود.