انتقادات لاستمرار الانتهاكات بحق المعتقلين في العراق
تفيد تقارير بأن آلافا من المتهمين لم يقدموا للمحاكمة رغم مرور عدة سنوات على اعتقال بعضهم (الجزيرة نت)
بين من يرى أن إعدامات متهمي"مذبحة سبايكر" نفذت بحكم القانون والعدالة، ومن يرى أنها تمت بنفَس "طائفي"، تظل حقوق الإنسان بعيدة عن أولويات السلطات بالعراق في ظل الوضع المنهار هناك على المستويين السياسي والأمني.
الجزيرة نت-خاص
أعادت إعدامات السلطة العراقية لمتهمين في "مذبحة سبايكر" السجال حول ملف حقوق الإنسان في العراق، حيث جددت منظمات دولية كالأمم المتحدة والعفو الدولية وهيومن رايتس ووتش اتهاماتها للحكومة العراقية بممارسة التعذيب والمحاكمات الصورية بحق المعتقلين لديها، على خلفيات سياسية وطائفية دون إعطائهم الحق في الدفاع عن أنفسهم.وقالت المتحدثة باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة سيسيل بويلي إن الإجراءات القانونية للمحاكمة شابتها عيوب خطيرة، مضيفة أن عددا من الأشخاص أعدموا بناء على معلومات مقدمة من مخبرين سريين أو اعترافات انتزعت تحت التعذيب.
وكانت السلطات العراقية أعلنت عن تنفيذ حكم الإعدام ضد 36 متهما في مذبحة طلاب القوة الجوية العراقية المعروفة "بقاعدة سبايكر" في تكريت، التي قام بها تنظيم الدولة غداة سيطرته على المدينة في 12 يونيو/حزيران 2014.
لكن عضوة اللجنة النيابية في البرلمان العراقي أشواق الجاف قالت إنهم متعودون منذ سنوات على انتقادات المنظمات الحقوقية، لكنهم لا يستطيعون التجاوب معها لأن الشارع العراقي وأهالي الضحايا يطالبون "بإيقاع القصاص" بالمدانين.
وأكدت أنه لا يمكن إيقاف أحكام الإعدام أو تعطيلها في ظل ما يواجهه العراق من "إرهاب دموي وعدوان على الأبرياء"، وأن هذه الأحكام لا تنفذ إلا بعد مصادقة لجنة تابعة لرئاسة الجمهورية، نافية للجزيرة نت وجود عمليات تعذيب أثناء اعترافات المتهمين.ابتزاز مالي
المراقبون لا يتوقعون أن تنتهي هذه الانتهاكات حتى بعد استعادة المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة (الجزيرة نت)
ويؤكد مدير مركز بغداد لحقوق الإنسان مهند العيساوي أن المحاكم العراقية هي أداة بيد السلطة التنفيذية، ولا تراعي "أدنى متطلبات العدالة"، وأن أغلب الأحكام الصادرة من القضاء العراقي ضد المعتقلين بعد 2003 هي "طائفية وجائرة".
وبخصوص الإعدامات الأخيرة، قال العيساوي للجزيرة نت إن محاكمة المتهمين بالحادث لم تكن عادلة أبدا، وإن هؤلاء الأشخاص لم يتمتعوا بوسائل الدفاع القانونية اللازمة وتعرضوا لصنوف بشعة من التعذيب حتى أكرهوا على الاعتراف بارتكاب الجريمة، واصفا التحقيق والمحاكمات وتنفيذ الإعدام بحقهم بأنها طقوس انتقامية طائفية بعيدة كل البعد عن العدالة والإنصاف، على حد قوله.
وبحسب ناشطون حقوقيون، فإن السلطات العراقية تعتمد في الكثير من عمليات الاعتقال على وشايات يقدمها مخبرون سريون لا يتم الكشف عن هوياتهم، وهو ما أدى إلى تصاعد عمليات الاعتقال العشوائية.
ورغم أن الحكومة العراقية أعلنت وقف الاعتقال وفقا لهذه الوشايات فإن تقارير ميدانية تفيد بأنها ما زالت ماضية في ذلك، وقال محام يعمل في محكمة الكرخ الاتحادية -رفض الكشف عن اسمه- إن عمليات تعذيب تجري على قدم وساق في بعض المعتقلات الحكومية.
أسهمت الحرب ضد تنظيم الدولة وما تبعها من نزوح لملايين السكان في زيادة الانتهاكات الحكومية بحسب تقارير دولية (الجزيرة نت)
وتفيد تلك التقارير بأن آلافا من المتهمين لم يقدموا للمحاكمة حتى الآن رغم اعتقال بعضهم منذ سنين، ولا يحاكمون أو يطلق سراحهم لأن ذويهم لم يستطيعوا دفع مبالغ طائلة طلبها بعض الضباط والمحققين، وتبدأ هذه المبالغ من عشرة آلاف دولار ليصل بعضها إلى أكثر من نصف مليون دولار، على حد قول المصدر.
براغماتية الغرب
ويستغرب البعض سكوت دول غربية داعمة للحكومة العراقية عن هذه الانتهاكات رغم توثيق الكثير منها، إلا أن الكاتب ماهر الحمداني يعتقد بأن هذه التقارير ستتحول إلى ملفات ضد المسؤولين العراقيين في المستقبل، بالإضافة إلى أنها ستؤثر بشكل حاسم، لكن غير مباشر في الحراك الدبلوماسي للخارجية العراقية.
ويضيف الحمداني أن هذه التقارير لن يكون لها أي تأثير في الداخل، مؤكدا أن دوائر صنع القرار في الغرب تعرف جيدا كل ما يدور في العراق، لكنها تتعامل مع الملف ببراغماتية، وستتعامل مع الأقوى على أنه صاحب شرعية إلى أن يصطدم بمصالحها.
وأشار إلى أن الطريقة الوحيدة لتحسين ملف حقوق الإنسان هي بناء "دولة" بمفهومها الحديث، وما دامت الدولة غائبة فلن يتغير شيء، وبالتالي فإن ملف حقوق الإنسان في العراق لن يتحسن بعد هزيمة تنظيم الدولة، لأن ذلك ليس في أولويات الحكومة بحسب برامجها المعلنة، على حد قول الحمداني.
http://www.aljazeera.net/news/humanrights/2016/8/26/انتقادات-لاستمرار-الانتهاكات-بحق-المعتقلين-في-العراق
المصدر : الجزيرة